عضو الحركة النسوية السورية صبيحة خليل: جرائم الشرف والاغتصاب “جرائم حرب”.. والتدخلات الإقليمية أكبر دليل على سوء أداء المعارضة السورية

76

شهدت الساحة السورية خلال الأعوام الماضية سلسلة من التحولات السياسية والمتغيرات الميدانية، بتأثير العوامل الخارجية الدولية والإقليمية، السياسية المعارضة وعضو الحركة السياسية النسوية السورية صبيحة خليل، أكدت أن تسع سنوات من حرب النظام على شعبه، قضت على المقومات الأساسية للإنتاج وديمومة الحياة، حيث لم يتبقَّ شيء خارج الدائرة الواسعة، أي الدولة، ليصل الأمر إلى الدائرة الضيقة الخاصة به، لافتة إلى أن طبيعة النظام قائمة على الابتلاع والهدم والتسلط، وكان أمر التصادم البيني والعلني حتمياً، خصوصاً أن سنوات الصراع زادت من تخلخل وتفكك الأسرة الحاكمة، وفق قولها.

وأضافت: “هنا نتذكر جيدا مواجهات رفعت وجميل الأسد مع شقيقهما حافظ، هذا بالإضافة إلى الالتزامات المالية المتراكمة نتيجة تكلفة الآلة العسكرية التي تحمي النظام، عدا عن ضغط استحقاقات حلفائه، وأقصد روسيا وإيران، لذلك أعتقد أن تداعيات هذا الصراع البيني بين الحاشية الحاكمة على الوضع الداخلي محدودة، لذا أجد أننا أمام المراحل الأخيرة من انتهاء الفصل الأول للمقتلة السورية”.

وتابعت المعارضة السورية: “الصراع في سورية هو صراع إقليمي دولي بأدوات محلية، وينطبق هذا على بدايات الحراك السلمي عام 2011 عندما لجأ النظام إلى حليفه الإيراني الذي شارك في قمع المظاهرات السلمية عبر المنظمات التي يديرها بالوكالة في العديد من البلدان العربية، بينما اليوم وبعد الاقتراب من إتمام عقد بأكمله، باتت دول عدة متورطة مباشرة في هذا الصراع”.

واستطردت: “يمكننا القول إنها حرب عالمية غير معلنة بدماء السوريين، لذلك لن يكتب النجاح لأي مبادرة سورية ذاتية تجمع ما بين الداخل والخارج، ما لم يتفق المتصارعون الدوليون والإقليميون، وما يقلق أكثر هو طرق الالتفاف على مطالب الشعب السوري عبر صفقات المقايضة التي تحقق مصالح إقليمية ودولية، وتتجاهل عن عمد أصل المشكلة السورية وسبل الحل التي تقتضي إنهاء حقبة الاستبداد بكل أشكاله وبناء دولة لكل السوريين والسوريات، دولة المواطنة المتساوية، حيث يتساوى فيها الأفراد والمكونات بالحقوق والواجبات في القانون وأمام القانون، دولة تحتفي بالتنوع الثري للنسيج الاجتماعي السوري، وتصبح فيها الهوية السورية الجامعة فوق أي اعتبار آخر”.

وترى السياسية أن صياغة الدستور يمكن أن تكون مدخلاً لبدء العملية السياسية، إلا أن ذلك ليس البديل عن الحل السياسي الشامل الذي يبدأ بتشكيل هيئة حكم انتقالي كاملة الصلاحيات كما نصت عليها القرارات الدولية ذات الصلة: بيان جنيف 2012، وقرار مجلس الأمن 2118، والقرار 2254.

ووصفت صبيحة خليل أداء المعارضة السورية بـ”السيئ” الذي يعكس حدة الاستقطابات والتدخلات الإقليمية والدولية على الأرض السورية، مضيفة: “تحتاج المعارضة إلى أن تعيد تقييم أدائها حتى لا تنجرف كليا مع سيل المصالح الخارجية، سيما مع انحراف العديد من الأطر المعارضة عن بوصلة الوطنية السورية”، موضحة أن مشاريع التغيير الديموغرافي في العديد من المدن والبلدات السورية ليست سوى واحدة من ملامح فشل هذه المعارضات التي تورطت في تمرير هكذا أجندات. وقالت: “تلك الأخطاء الكارثية باتت تهدد مستقبل سورية لعقود إن لم نقل لقرون، وزادت من تعقيدات الحل السياسي، وبالنهاية لم يدفع السوريون كل هذا الثمن الباهظ ضد الاستبداد لخدمة مشاريع دول طامعة في الأرض السورية، لا تتورع عن تدمير نسيجه الاجتماعي عبر مشاريع مشبوهة مغلفة بما هو عقائدي أو إيديولوجي”.

وقالت “خليل” إن النظام اعتاد على ربط فشله بمؤامرات كونية تحاك ضده، مشيرة إلى أنه قُبيل الإعلان رسمياً عن الحالة الأولى لفيروس كورونا، خرج وزير صحته ليعلن انتصار جيشه على “الجراثيم والفيروسات الإرهابية”، وأضافت أن “من غير المتوقع من نظام تمرس خلال عقود على العقوبات والأزمات فضلا عن تنامي مفاعيل عقوبات قيصر، أن يغيّر من سلوكه أو سياساته، بحسب تعبيرها.

وأوضحت أن “النظام مشغول بانتخابات مجلس الشعب، في حالة تشبه كوميديا سوداء. وقد يكرر سيناريو الانتخابات الرئاسية في حال لم يتم الوصول إلى انتقال سياسي جاد”، لذا “من المهم الدفع نحو التزام الدول الضالعة بالشأن السوري بدعم الملف الإغاثي والإنساني للشعب السوري، وعلى كامل التراب السوري برعاية دولية محايدة، والتركيز على أن لا بديل عن الحل السياسي الشامل تحت مظلة الأمم المتحدة، وعدم الإلتفاف على جنيف بمسارات بديلة تخدم مصالح الدول التي توزع الخسائر والهزائم والجوع والفقر على السوريين المدنيين”.

وتحدثت “خليل” عن تمثيل الحركة النسوية في الحياة السياسية والاجتماعية والجمعياتية، لافتة إلى أن الحركة النسوية تُستبعد من المشاركة “لأسباب لها علاقة بالعقلية الذكورية والشمولية السياسية التي لا تزال تشكك في قدرات النساء وأهمية دورهن في العمل السياسي”، بالإضافة إلى أن “محدودية المشاركة لها علاقة بجملة من الظروف المعقدة التي تحكم مجمل الوضع السوري”.

وأضافت أن البيئة المحيطة المتعلقة بالمشاركة السياسية للمرأة في سورية ليست آمنة، مشيرة إلى أنها تطال حتى الرجال في بعض الأوقات في مجتمعات “كانت ولا تزال السياسة لوثة، ما يعفّها الكثيرون”.

وتابعت: “الاستبداد بدوره كرّس ذلك سواء عبر القبضة الأمنية أو عبر إنتاج نماذج سياسية سيئة وفاسدة”، مؤكدة أن الحركة السياسية النسوية في سورية “لها باع وتاريخ برغم كل رعونة الاستبداد، ناهيك عن إفرازات الحرب من توجهات راديكالية سلفية كان للنساء نصيب وافر من جورها وحيفها”.

وقالت: “يكفي أن الحركة صادقة مع أهدافها وتمارس سياسات أخلاقية، ولن تحيد عن الوقوف إلى جانب المستضعفين والالتزام بالثوابت الوطنية السورية”.

وبشأن التقارير الأخيرة حول ارتفاع نسب تزويج القاصرات، خاصة في مخيمات اللجوء وارتفاع نسب جرائم الاغتصاب، ترى “خليل” أن الزواج المبكر كان منتشراً قبل الحرب في سورية لأسباب كثيرة، بعضها له صلة بالموروث الثقافي والمجتمعي، خاصة في البيئات الفقيرة، إلا أنه تحول إلى حالات من العنف الممنهج أو الزواج القسري حيال الفتيات في المخيمات وبلدان اللجوء ومناطق النزوح، وربما ترتقي في بعض جوانبها إلى جرائم حرب أو جرائم ضد الإنسانية، وبعض الحالات يكون تحت تهديد السلاح على غرار ما حدث في منطقة عفرين، وقد تم توثيق حالات كهذه تحت طائلة التهجير والاعتقال.

وتقول إن بداية الحل تكمن في كف تسلط المسلحين وسحبهم من المناطق المدنية، وهو مطلب شعبي شامل، ومنعهم من التدخل في الحياة العامة، وتلك مهمة الدول الضالعة في الشأن السوري للضغط على سلطات الأمر الواقع ومن قبل كل الأطراف، وفتح هذه المناطق أمام الإعلام الحر والمنظمات المدنية والحقوقية المحايدة لدعم النساء والفتيات والإحاطة بهن، كي لا يقعن ضحايا للتزويج المبكر أو القسري نتيجة الفقر والعوز والتهديد.

وفيما يتعلق بتداعيات قانون قيصر على النظام وعلى الشعب السوري، قالت: “إن سقطت حجرة على النظام من السماء فسيعمل جاهداً على أن تسقط على كامل الشعب، تلك هي سياسة النظام منذ عقود: العقاب الجماعي.. لذلك لست متفائلة بأن تغير هذه العقوبات سلوكه برغم أهمية القانون في بعض جوانبه المتعلقة بالعدالة والقصاص من المجرمين، لكن أعتقد أن الأمر سوف يزيد من جرعة ضغوط النظام على مَن تبقى من الشعب السوري في الداخل واستخدامهم كرهائن، حيث سبق للنظام أن استخدم سياسة التجويع لإخضاع الشعب السوري وبرع في ذلك. وفي كل الحالات، على المجتمع الدولي ألا يتخلى عن واجباته تجاه الشعب السوري، وعليه التفكير جديا في أنه لا بديل عن تغيير النظام عبر طرق واضحة وصريحة تستند إلى مقررات الشرعية الدولية وتعتبر مصالح السوريين قيمة أخلاقية عليا”.