عضو اللجنة الدستورية حسن الحريري: روسيا تساعد النظام في التهرب من الاستحقاقات الدولية وأبرزها اللجنة الدستورية.. واتفاقية أضنة فتحت الباب أمام التدخّل التركي شمال سورية

51

تشرأب الأعناق إلى جنيف قبل أيام على عقد الجولة السادسة من أشغال اللجنة الدستورية التي يتطلّع السوريون إلى أن تكون فاتحة بداية الحلّ السياسي في البلد سيما بعد فشل مختلف جلساتها سابقا، بحسب أعضائها، حيث تتّهم المعارضة النظام بالوقوف وراء ذلك والسعي إلى عرقلتها مرارا.

ويرى عضو اللجنة الدستورية، حسن الحريري، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن اللجنة الدستورية هي من بوابات الحلّ السياسي في سورية، متّهما الروس بتعطيل أشغالها أكثر من مرّة، وأشار إلى أن واشنطن قادرة على الضغط على مختلف الأطراف لفرض الحلّ.
س—تحرك روسي-إيراني بشأن اجتماع اللجنة الدستورية المقبل، وهما أكبر داعمين للنظام.. ما هي انتظاراتكم من ذلك؟

ج–اللجنة الدستورية هي مسار دولي، جاءت استنادا إلى القرار الدولي 2254 الذي تم تفكيكه على أربع سلال، وتم تقديم السلة الدستورية، حيث إنه عند الحديث عن اللجنة، نتحدث عن القرار الأممي في حد ذاته كبوابة لتطبيق القرارات الدولية بشأن الملف السوري، أما بخصوص الجهود التي تقوم بها روسيا وإيران من أجل هذا الأمر، فيعلم الجميع أنه إذا كان هناك نصر عسكري ولم يترجم إلى حل سياسي فهذا يعني أنه لا يوجد نصر ، وحقيقة هذا المشهد غائب عن النزاع السوري فالنظام ومن يدعمه يدّعون تحقيق النصر في الجغرافيا السورية، لكن السؤال أين الحل السياسي إذا كان هناك فعلا انتصار عسكري، وإذ كان هناك فعلا نوايا للحل ودعم اللجنة الدستورية لإتمام هدفها ولو شكليا، إذا كانوا فعلا ماضين في الحل؟.

س- يرى مراقبون أن سعي روسيا الدائم إلى إعادة تدوير النظام شجّع هذا الأخير على الاستمرار في التنصل من العملية السياسية، وبوابتها اللجنة الدستورية.. هل يمكن التعويل على هذه الجولة للاتفاق على منهجية عمل من وفدي المعارضة والنظام؟
ج-—لا شك في ذلك، فالروس يسعون إلى حماية النظام سواء على الصعيد العسكري أو حتى على الصعيد السياسي باستخدام الفيتو في مجلس الأمن على مشاريع القرارات التي تم تقديمها بخصوص فضّ النزاع السوري ما شجع النظام على مزيد الانفلات والتهرب من الاستحقاقات الدولية، هذا واضح تماما وبدأ الخلاف يتصاعد إلى درجة أن هناك مستشارين أو أصواتا من داخل القصر الجمهوري مثل صوت لونا الشبل وهي مستشارة إعلامية لبشار الأسد قالت إن دمشق بصدد الالتفات إلى جهات أخرى مثل الصين خلال زيارة وزير الخارجية الصيني الى دمشق، علما أن من رتّب هذه الزيارة هم الروس..
س-أعربت الخارجية الأمريكية مؤخراً عن ترحيبها بإعلان بيدرسون موعد انعقاد الجولة السادسة من محادثات اللجنة الدستورية في جنيف.. أ لم تكن واشنطن قادرة على إيقاف نزيف التعطيل وفرض الحل السياسي عن طريق القرارات الأممية وأبرزها القرار 2254، وهل من مصلحتها تواصل الصراع؟ وهل تتفقون مع من يقول إن الحل في حوار بين واشنطن وروسيا؟
ج- – لاشك في أن الولايات المتحدة الأمريكية من ضمن أصدقاء الشعب السوري، وهي من دول السباعية الداعمة للقرارات الدولية لفض النزاع السوري وهي واشنطن وألمانيا وبريطانيا وفرنسا ومصر والأردن والسعودية، وأعتبر أن أمريكا قادرة على الضغط لفرض القرارات الدولية على جميع الأطراف بما فيها روسيا، هذا في صورة أرادت فعلا تنفيذ القرارات الأممية، وهناك تجارب كثيرة حدث فيها التدخل من خارج مجلس الأمن لكن يبدو أن هناك ملفات عالقة بين الجانبين الأمريكي والروسي وأيضا بين الجانب الأمريكي والجانب الصيني وأصبحت سورية مسرحا للعمليات ومسرحا لتصفية الحسابات بين هذه الأطراف.

س-عامان على احتلال سري كانيه وكري سبي شمال سورية من قبل تركيا.. أ لم يحن الوقت للتصدي للانتهاكات التركية بسورية وخاصة بالشمال؟ وما قراءتكم للصمت الدولي إزاء التجاوزات؟
ج- نحن الآن أمام اتفاقية أضنة التي تم التوقيع عليها من قبل حافظ الأسد في أواخر التسعينات، وهي من أعطت الضوء الأخضر والحق للتجاوزات التركية، تلك الاتفاقية واضحة وتجيز للقوات التركية التدخل في الأراضي السورية .. كون أنقرة اليوم تجاوزت فلا ننسى أننا بحالة حرب ونزاع وهذا هو المبرر من وجهة نظر الأتراك في التدخل شمال سورية، أما الجانب الآخر الذي نتحدث عنه فنحن كمعارضة نرى أن تركيا دعمت المعارضة واحتضنت ملايين اللاجئين وهي معنية بموضوع النزاع، وبالحل في سورية على اعتبار أنه يقيم فوق أراضيها عدد كبير جدا من اللاجئين السوريين، ويهم الإدارة التركية عودة هؤلاء إلى بلدهم وديارهم وأماكنهم التي هجّروا منها .

س-أصدر مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة تقريراً حول إرسال تركيا أطفالا سوريين مجندين إلى ليبيا، للمشاركة في القتال مع المرتزقة، هذا الانتهاك للاتفاقية الدولية بخصوص تجنيد الأطفال في الحروب هل من شأنه أن يؤثر في علاقة تركيا بأمريكا وأوروبا؟
ج- -كما يعلم الجميع تركيا هي رأس الحربة في حلف شمال الأطلسي وهي عضو فيه، والسياسات الأمريكية-الأوروبية والتركية من جهة أخرى تتماهى مع بعضها وهناك تنسيق أمني كبير بين هذه الدول، والآن تعول أمريكا على الجانب التركي بشكل كبير في أن يكون هناك قطب جديد ممكن أن يقف في مواجهة الصين في حال ضم إليه عددا من دول المنطقة.

س-في ظل التطورات الجديدة في المنطقة والتقارب التركي-المصري الخليجي، هل يمكن القول إنها مرحلة عودة سورية تدريجيا إلى محيطها العربي والإقليمي في إطار البحث عن حل سياسي بتوافق روسي- أمريكي؟
ج- هذه علاقات دولية لا نستطيع الخوض فيها كثيرا لكن الأكيد أن المصالح هي التي تحكم هذا المشهد ويمكن البناء على ماتم التطرق إليه ، حيث يعول الأمريكان على الأتراك وعدد من دول المنطقة لتشكيل حلف للوقوف بوجه المدّ الصيني في مراحل قادمة من النزاعات في حال الصراعات في المنطقة.

س- في “سوتشي”، وخلال استقبال بوتين نظيره التركي، تحدث الرئيس الروسي لأول مرة عن أهمية”تحقيق السلام في سورية”، كما أكد أردوغان أن الوقت قد حان “لتطبيق حل نهائي ومستدام للأزمة السورية”، وذلك بعد أن كان حديث الجانبين سابقا يتركز فقط على مناطق خفض التصعيد .. هل يعني ذلك أن إدلب مقبلة على تطورات مهمة قريبا؟.
ج- -ماحدث في سوتشي هو نتيجة طبيعية لاعتبار أن الانتصارات العسكرية التي تم تحقيقها ولو كانت شكلية إلا أنها تختم بانتصارات سياسية وإيجاد حل سياسي يفضي إلى انهاء النزاع بشكل كامل تمهيدا إلى عودة الحياة إلى ما كانت عليه قبل الثورة وتحقيق انتقال سياسي وعودة المهجرين ثم البدء بعملية إعادة الإعمار .. الحقيقة إن لم يكن هذا الأمر محققا فلا داعي للحديث عن انتصار .. نشاهد الإدارة الروسية تصر على هذا المشهد وهي في عجلة من أمرها بهذا الخصوص، أما في ما يخص الجانب التركي فهو معني بالنزاع في سورية لاعتبار شراكة الحدود التي تمتد تقريبا على 900 كيلومتر، فضلا عن وجود الميليشيات على الحدود التركية والتي تزعج أنقرة وتهدد أمنها القومي، وهي تسعى إلى تحقيق استقرار أمني على هذه الحدود وذلك الاستقرار مرهون بالاستقرار السياسي.

أخيرا: يقول سياسيون سوريون، إن كل المعطيات تدل على أنه حان وقت إنهاء لغة السلاح وتغليب لغة الحوار والتوافق لبدء الحل السياسي على الطريقة الروسية-الأمريكية وتنفيذ خريطة الطريق التي تشارك فيها قوى إقليمية.. هل يلوح أفق لتوافق يفضي إلى حل نهائي؟
ج – شهد عام 2017 اتفاقا أمريكيا روسيا أو مايعرف باتفاق كيري-لافروف، عندما تم التفاهم على مجموعة من النقاط على غرار نزع سلاح الفصائل المسلحة وبسط هيبة الدولة على الجغرافيا السورية وإبعاد إيران نهائيا عن المشهد ومن ثم البدء في الانتقال السياسي عن طريق الدستور وصولا إلى تحقيق الانتقال السياسي.. بالفعل نحن الآن على مشارف حل وهناك أمور كثيرة تنبئ بهذا المشهد وكثير من المتغيرات على أرض الواقع تؤشر وتوحي بحل قادم.