عضو هيئة التفاوض المعارضة إدوار حشوة: التقسيم قائم في سورية على أرض الواقع بشكل مؤقت.. وموقفنا منذ البداية هو إعادة دستور 1950 للمرحلة الانتقالية

65

يرى مؤرخون أن الحرب السورية قد شكلت الوسم الأهم الذي طبع بداية الألفية الثالثة بطابعه الذي سيظل لصيقا بها، بكل مآسيها ومآلاتها ، برغم كل الألم الذي عاشه السوريون والتهجير والتفقير والتنكيل، فقد كتبت هذه الحقبة قصّة شعب آمن بحريته وتمسّك بكرامته وضحّى بالغالي والنفيس من أجل عدالة اجتماعية وحياة كريمة في دولة مدنية تؤمن بالديمقراطية والشرعية.. تلك قصة بكل صفحاتها المؤلمة في عشرية سوداء لمهد العروبة والحضارات والاختلاف، فبرغم المؤامرة من الشرق والغرب لم يستسلم الشعب السوري وتمسّك بمطالبه وذلك أعلى مراحل الانتصار.

ويرى إدوار حشوة، المحامي والمفكّر وعضو هيئة التفاوض المعارضة، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن القضية السورية صارت قضية دولية بعيدا عن النظام والمعارضة، وحين تتفق الدول الفاعلة في الأزمة وريثما يتفق الأميركيون والروس ستفرج الأزمة ويرسى الجميع بمختلف أطيافهم على الحلّ.

س- لطالما طالبتم بدستور سوري جندري وديمقراطي قائم على قيم الحرية والعدالة الاجتماعية، ولهذا السبب جاءت اللجنة الدستورية.. سيد إدوار، برأيكم ماهي الأسباب الحقيقية التي دفعت إلى فشل مختلف جولات اللجنة الدستورية باستثناء ماقام به فريق النظام ؟ ومن مصلحة من هذا التعطيل مدّة سنتين ؟
ج- موقفنا منذ البداية هو إعادة دستور 1950 للمرحلة الانتقالية التي تليها انتخاب جمعية دستورية تضع دستورا جديدا، لا أن يفرض على سورية أي دستور من صنع الدول أو من قبل عدد من الأفراد واللجان !النظام أُرغم دوليا على الذهاب إلى اللجنة الدستورية وكان وراء تعطيلها، فوفده لا يمثل الحكومة بل فقط هو مدعوم منها وبالتالي فهو غير ملتزم بأي اتفاق يأتي منه .
-بعد خطاب القسم أعلن النظام رفضه لأي بحث في غير دستوره وهو لا يعترف بالمعارضة كجزء من مفهوم الشعب لديه، والحال أنه يفاوض معارضة لا يعترف بها جزء من الشعب، فكيف ننتظر نجاح اللجنة الدستورية والقرار الدولي 2254؟.. في كل جولات اللجنة الدستورية رفض النظام الحوار حول أي مادة دستورية واقتصر بحثه على الثوابت الوطنية وهي الأسد وجيشه ودستوره واستغل كل الوقت في خطابات !
-أرى من أسباب فشل اللجنة الدستورية أن المبعوث الدولي تحوّل من مبعوث لتنفيذ القرار الدولي إلى مجرّد متفرج ضعيف لا يرغم النظام على الدخول في الدستور .. بالإضافة إلى ذلك فإن اللجنة الدستورية للمعارضة تم تشكيلها على نظام المحاصصة فجاءت خالية تقريبا من الكفاءات والخبرات السياسية والدستورية.. كل جولات اللجنة الدستورية كانت لصالح النظام وأهدافه وكان نتاج عمل لجنة المعارضة صفرا !.

س- المطالبة بتشكيل هيئة عسكرية من قبل قوى معارضة ، أليست عبارة عن دعوة ضمنية إلى عودة الحكم العسكري الذي تسعى سورية عبر ثورتها الشعبية إلى التخلّص منه ؟
ج–إذا فشلت اللجنة الدستورية فإن الأمور قد تذهب إلى مجلس عسكري انتقالي يشكل حكومة وحدة وطنية، وقد بدأت اتصالات جدية مبكّرة حول إمكانية ذلك .. موقفنا هو التمسك بمسار جنيف وفق القرار الدولي 2254 وفي حال الذهاب إلى مجلس عسكري نريد مشاركة سياسية متساوية تمنع انتقاله إلى حكم عسكري آخر.

س-قلت سابقا إنّ أمريكا صعّدت ضغطها عبر العقوبات وقانون قيصر ليس لترحيل الأسد وشبكته فورا بل فقط لإجباره على تقديم تنازلات تسهل نقل السلطة في سورية.. برأيكم هل بقاء الأسد على رأس النظام من شأنه أن يخدم مصالح واشنطن في هذه المرحلة الصعبة التي تعيشها المنطقة؟
ج-القضية السورية صارت قضية دولية بعيدا عن النظام والمعارضة، الدول لم تتفق على حل نهائي وهي تدير الأزمة وهدفها الاستقرار على حدود المناطق المختلفة ريثما يتفق الأميركيون والروس على حل لم ينضج بعد لأنه يتعلق بخلافات دولية أبعد من سورية يدخل فيها الصراع حول نظام القطب الواحد وحول أوكرانيا وصواريخ أوروبا الشرقية والأكراد وإيران والنفط والغاز .
-ما أعلنه الأميركيون أن الأسد( لا نظامه) لن يكون جزءً من الحل والحصار والعقوبات هو لإرغام النظام على تنفيذ القرار الدولي وفك ارتباطه بإيران .الغموض في الموقفين الأميركي والإسرائيلي يعكس إدعائهم أنهما يريدان معرفة القيادة البديلة في أي حل .
-المعارضة المسلحة والسياسية فشلت في الاتفاق على قيادة موحدة بديلة تستطيع مخاطبة دول التدخل –

س– تتصارع وتنافس مصالح أربع دول إقليمية وعالمية في سورية.. برأيكم سيد إدوار هل يؤدي تنافس مصالح هذه الدول في سورية إلى تقسيمها ومزيد تشتيتها ؟
ج- أعتقد أن التقسيم قائم على الأرض بشكل مؤقت ولا يوجد قرار دولي باعتماده كحل ، والمعارضة السياسية في أزمة حقيقية ناتجة عن ارتهان أكثرها لدول المنطقة ولخدمة مصالحها، والكراسي ليست علة النظام وحده ففي المعارضة خلافات حول الكراسي والمنصات وحول بطاقات قطار التسوية ولا أحد أفضل من أحد في هذه الكارثة !

س-ما هي قراءتكم للدعوة إلى حوار دولي حول سورية من قبل غير بيدرسون، برغم كل الدعوات السابقة وبرغم كل المسارات السياسية التي فشلت في بسط التسوية السياسية؟
ج- الحوار الدولي حول سورية ضروري ومرحّب به، والسوريون يريدون استئناف دورة الحياة واستعادة دولتهم وحرياتهم ويريدون وضع الماضي خلفهم والاستفادة من دروسه لا العيش على أحقاده، ويبقى أن يدرك المجتمع الدولي معاناة السوريين وأن يعجّل بالحل.
س-دعوات روسية-صينية وغيرها لإعادة إعمار سورية.. هل يمكن الحديث اليوم عن إعادة الإعمار قبل الحل السياسي الذي تنتظره سورية، حيث هناك مناطق محتلة في الشمال الغربي من قبل تركيا، وإدلب من قبل “القاعدة” و”داعش” ومناطق تحت سيطرة روسيا وإيران والنظام؟
ج– إن حجم الخراب في سورية يحتاج إلى ورشة إعمار دولية وتلعب الولايات المتحدة الدور الهام في الإعمار لقدرتها المالية وقدرتها على الضغط على أوروبا وعلى الخليج للمساهمة الكبيرة،أما الروس فليس لديهم فائض يوظفونه في حل منفرد بالاعمار والصينيون كذلك، ولا إعمار بدون تحقيق الشروط الأميركية للحل، وطبعا لا عودة للمهجرين قبل الحل السياسي والاعمار لمناطقهم.