“عفو بشار الأسد” ذر رماد في العيون.. من أصل أكثر من 152 ألف معتقل تم الإفراج عن المئات فقط

بيان للمرصد السوري لحقوق الإنسان حول "العفو الرئاسي" الذي أصدره رئيس النظام السوري بشار الأسد

55

المرصد السوري لحقوق الإنسان
“إنّ حرية التعبير حقّ أساسي من حقوق الإنسان “تنصّ عليه المادة 19 من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” حقّ يُمنع لأي كان مصادرته مهما كانت صفته، ومع ذلك لازالت خطّة ومنطق الأنظمة الاستبدادية تتمثّل في اعتقال الأبرياء والمعارضين كسياسة إسكات ممنهجة للتصدّي للأصوات الحرّة وسياسة تكميم الأفواه التي تطمح إلى وضع معيشي واقتصادي وسياسي أفضل وبلد ينعم فيه الجميع بمختلف أطيافهم ومعتقداتهم بالحرّية في التعبير أو الصمت.
حيث لا تجد الأنظمة الديكتاتورية عموما طريقة للتعامل مع المعارضين غير استعمال الاعتقال كأبرز حل لإسكاتهم وإبعادهم.
ويعتبر السوريون من أكثر الشعوب العالمية التي اكتوت بنار الاعتقال والتنكيل من قبل السلطة والجماعات المسلّحة على حدّ سواء، حيث يقبع آلاف منهم في المعتقلات وغيّب آخرون قسريا دون معرفة مصيرهم إلى اليوم إن كانوا أحياء أو قد وافتهم المنية، و نؤكد أنّ استخدام القوة والتنكيل لم يكن مرّة الحلّ لفضّ النزاعات، فطالما عبّرنا عن إيماننا العميق بالحوار والتواصل بين المجموعات المتصارعة والجلوس إلى طاولة الحوار بعيدا عن منطق العنف والتبرير بالاعتقال وحرصا منّ على كرامة الشعب انطلاقا من التزامنا بالمواثيق الدولية لخاصة بحقوق الإنسان وكرامته وحريته.
فتلك الدول التي تطبّق مقولة ماكس فيبر كون العنف شرعي من أجل الصالح العام، سنسعى لمحاربة منطقها بالسلام، فحربنا سلمية باردة بحوار وألوان الحياة فلون الدمّ والقتل والعنف لم يكن يوما يشبهُننا، فنحن المولودون أحرارا نريد أن نموت بنفس الطريقة، فلا نريد الموت مشنوقين ولا معذّبين ولا مقهورين ولا مكتويين بنار البعد عن أوطاننا ، فالوطن بالنسبة لنا كما يقول داريو فو” هو العالم بأسره، وقانوننا هو الحرية، لا ينقصنا إلا الثورة في قلوبنا”.
وتابعنا في المرصد السوري لحقوق الإنسان العفو الرئاسي الذي قام به النظام السوري عن عدد محدود من المعتقلين لم يتجاوز 800 معتقل خلال أسبوع من إصداره ومن المفترض أن يصل إلى 30 ألف حتى نهاية الشهر، رغم أن سجون النظام عشرات الآلاف من المعتقلين، حيث تشير إحصائيات المرصد السوري لحقوق الإنسان إلى ما لا يقل عن 969854 ألف شخص بينهم 155002 مواطنة اعتقلتهم أجهزة النظام الأمنية منذ بداية الثورة السورية في آذار 2011، بينما يتبقى الآن في سجون النظام 152713 معتقل بينهم 41312 مواطنة.
إضافة إلى أن أكثر من 105 آلاف معتقل قضوا تحت التعذيب في سجون نظام الأسد من ضمنهم أكثر من 83% جرى تصفيتهم وقتلهم ومفارقتهم للحياة داخل هذه المعتقلات في الفترة الواقعة ما بين شهر آيار/مايو 2013 وشهر تشرين الأول/أكتوبر من العام 2015، -أي فترة إشراف الإيرانيين على المعتقلات.
وقد تمكّن المرصد من توثيق 49364 منهم بالأسماء -أي من إجمالي 105 آلاف تأكد استشهادهم في سجون النظام-، هم : 48958 رجل، و67 مواطنة، و339 طفلاً دون سن الثامنة عشر.
كان العدد القليل الذي شمله العفو مجرد نَكْءٍ لجراح غائرة، وذر رماد في عيون جفت دموعها على فقد أحبابها، فمن بين عشرات الآلاف خرج مئات الأفراد فقط، يطوي كل منهم بين جلده ولحمه قصصا لا تمحوها الأيام من ذاكرته، وعمرا مختلفا عاشه بين حياتين.
لقد أحيت كلمة “العفو” آلاما دفينة بين الأضلاع. آلام لم تنطفئ حرارتها في قلب أم كانت خلال سنوات تمنيها آمالها مع طلوع كل فجر أن تلتقي بابنها.أو زوجة تعلقت بوفاء الحب وأمل اللقاء، أو صغار فقدوا حضن الوالد الدافئ، أو أخ تفجر فيه الحنين وتغيرت ملامح وجهه بعد أخيه من طول فراقه.
إن عشرات آلاف المعتقلين لا زالوا في غياهب السجون ينتظرون ميلادا جديدا بالحرية المطلقة، فمتى ستعانق عيونهم ضوء الشمس من خارج أسوار السجون؟ من تراه يمكن أن يسقي آمال أصحابها بماء الحياة ومعين الخلاص؟ من سيعيد الاعتبار بموقف مشرف إلى تضحية أولئك المغيبين خلف أسوار النسيان؟
ـ إن التخاذل والتقاعس عن حل سريع لقضية المعتقلين يضيف مأساة إلى مأساتهم، فكل يوم جديد في ظلمات السجون تمرّ ساعاته ثقيلة كألف عام، ينكر فيها السجين نفسه، ويسأم من حياته، ويحس أن ليس خلفه من يسعى إلى فك قيوده وتكسير أغلاله.
ونحن كمنظمة حقوقية ندعو:
– إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين دون شرط أو استثناء
-الكشف عن مصير المغيّبين قسريا والمختطفين وأماكن وجودهم
– محاسبة من ارتكب هذه الجرائم في حق الإنسانية
السماح للمنظمات الحقوقية والإنسانية بزيارة المعتقلات وأماكن وجود الأسرى للوقوف على حقيقة هذا الملف المأساوي
-الالتزام بعدالة انتقالية تعيد الاعتبار لكل من عانى وأُعتقل وعذّب
-توفير البيئة القانونية المناسبة لمحاكمة مجرمي الحرب بإشراف أممي
-فرض الإرادة السياسية لفض النزاع لتوفير تلك البيئة التي تمكّن من محاكمات عادلة-
-ضمان الشفافية والمساءلة وسيادة القانون.