عقبات أمام إتفاق كيري-لافروف… وارتباط بالإنتخابات الرئاسيّة السوريّة

16

360575141379313794_lavrovkerry

يتضمّن الإتفاق الذي خرج به كل من وزيري خارجية الولايات المتحدة الأميركية جون كيري وروسيا الإتحادية سيرغي لافروف، بعد ثلاثة أيّام من المفاوضات المباشرة في سويسرا، آليّة عمل محدّدة لإزالة “الأسلحة الكيميائيّة” السوريّة. لكن، وكما هي الحال مع أيّ اتفاق، من المرجّح أن تبرز مجموعة من العقبات أمام عمليّة التنفيذ والتطبيق الميداني، في الوقت الذي بدا لافتاً الإرتباط غير المباشر بين مواعيد بنود الإتفاق وموعد الإنتخابات الرئاسية السورية المقبلة. والبداية مع العقبات المتوقّعة، وأبرزها:

أوّلاً: نصّ أحد بنود الإتفاق الثنائي أنّ على سوريا تقديم لائحة شاملة بمخزونها من الأسلحة الكيميائيّة في غضون أسبوع واحد، تتضمّن موقع هذه الأسلحة وكيفيّة تخزينها، وإنتاجها، ومراكز الأبحاث والتطوير الخاصة بها. وبحسب الإتفاق الأميركي-الروسي، يجب على عمليّة الإزالة أن تشمل مراكز تطوير وإنتاج هذه الأسلحة. والمُشكلة أنّ العديد من هذه المراكز يُستخدم لأغراض أخرى، غير تطوير برامج الأسلحة الكيميائية. فهل ستقبل سوريا مثلاً بأن يدخل المفتّشون الدوليّون إلى “مركز البحوث والدراسات العلميّة” في دمشق، أو بوقف العمل فيه، علما أنّ تجربة التفتيش السابقة في العراق إصطدمت بهذه العقبة عشرات المرّات؟

ثانياً: نصّ أحد بنود الإتفاق على حق المفتّشين بالتوجّه بشكل فوري ومن دون أيّ قيود إلى أيّ موقع في سوريا. لكن هذا الأمر لن يكون متاحاً ميدانياً لأنّ سوريا ليست العراق، وهي أرض معركة حالياً، ما يعني أنّ من الممكن إفتعال مواجهة عسكريّة مع مقاتلي المعارضة السورية، قرب أي موقع أو على الطريق المؤدّي إليه، للتسبّب بظروف غير مناسبة لحضور المفتّشين، وللقيام بمهمّتهم. وحتى لو اتخذ النظام السوري كامل الإجراءات لتسهيل أعمال التنفيذ، ليس من السهل على الإطلاق الوصول إلى نحو 50 موقعاً على اللائحة، حسب التوقّعات الأوّلية، ومن المستحيل ضمان أمن مواكب نقل الأسلحة غير التقليدية على طرقات تقع ضمن مناطق نزاع مسلّح، خاصة في ظلّ وجود مجموعات مسلّحة متعدّدة الولاءات والمصالح.

ثالثاً: من المتوقّع أن يُواجه المفتّشون الدوليّون مشكلة لوجستيّة أخرى، تتمثّل في سبل إخراج أيّ أسلحة كيميائيّة من سوريا، نتيجة الواقع الجغرافي لسوريا لجهة المشاكل مع دول الجوار، وبسبب عدم سيطرة النظام على كامل المعابر الحدوديّة، وبفعل مخاطر إعتماد وسائل النقل الجوّي كوسيلة عمل. إشارة إلى أنّ اتفاق كيري-لافروف حدّد حرفياً “المنطقة الساحلية في سوريا” كموقع محتمل لإجراء عمليّات تدمير الأسلحة الكيميائيّة، لكن اعتماد هذا الخيار دون سواه، لن يكون كافياً. وأصلاً، إنّ ترسانة الأسلحة السورية غير التقليديّة كبيرة لدرجة أنّ تفكيكها يتطلّب فرق عمل ضخمة، وفترة زمنيّة طويلة. وللتذكير، أمضى فريق المفتّشين الدوليّين إلى العراق (UNSCOM) سبع سنوات كاملة وهم يبحثون عن أسلحة الدمار الشامل، علماً أنّ فرق العمل على الأرض كانت تضمّ مئات المفتّشين والتقنيّين.

رابعاً: تمّ استخدام كلمة Measures، أي تدابير او إجراءات، في سياق ذكر ما سيواجهه النظام السوري من قبل الأمم المتحدة، في حال عدم التزامه بتنفيذ بنود إتفاق جنيف. وهذه الكلمة المطّاطة، لا تعني بالضرورة الردّ العسكري، كما يحاول أن يوحي كبار المسؤولين الأميركيّين، بل يمكن أن يكون عبارة عن نوع محدّد من العقوبات الإقتصادية أو حظر تصدير أسلحة إلى ما هناك من خيارات سبق تطبيقها في أكثر من مكان في العالم في التاريخ الحديث. وهذا ما سيؤدّي إلى مواجهة دوليّة بشأن طبيعة الردّ على النظام السوري، في حال عدم تقيّده ببنود إتفاق جنيف.

على صعيد آخر، كان لافتاً أنّ الهدف القاضي بنزع وتدمير مختلف أنواع الأسلحة الكيميائية في سوريا، محدّد بفترة زمنيّة أقصاها النصف الأوّل من العام 2014، أي حتى نهاية حزيران المقبل. يذكر أنّ الولاية الحالية للرئيس السوري بشّار الأسد تنتهي في 17 تمّوز 2014. وبحسب أكثر من محلّل غربي، فإنّ كيري شدّد على أن يكون شهر حزيران هو السقف النهائي لتنفيذ الإتفاق مع لافروف، بهدف كسب ورقة ضغط على الرئيس بشّار الأسد، في حال عدم إتمام عمليّة نزع الأسلحة الكيميائيّة وتدميرها قبل هذا التاريخ. بمعنى آخر، في حال مرور شهر حزيران من دون إتمام المهمّة، ستكون واشنطن قادرة على تقليب المجتمع الدولي على النظام السوري، عبر اتهامه بالتنكّر لتعهدّاته، بموازاة الشروع بالتحضير لعمل عسكري عبر الأمم المتحدة – في حال كانت الظروف الدولية مؤاتية. وهذا الأمر سيُعقّد عندها أيّ محاولة للرئيس الأسد للترشّح لولاية جديدة، خصوصا أنّ واشنطن تضغط منذ مدّة ليتم إيجاد تسوية سياسيّة للأزمة في سوريا، بحلول الصيف المقبل، أبرز بنودها أن لا يترشّح الرئيس الأسد لولاية جديدة، على أن يتقاسم بعض أركان النظام الحالي وبعض وجوه المعارضة السلطة الإنتقالية، في انتظار تنظيم انتخابات عامة جديدة وديمقراطيّة وحرّة بعد ذلك.

النشرة