غلاء أسعار قشور التدفئة.. أزمة جديدة يعاني منها سكان إدلب وريفها

54

تعاني مناطق الشمال السوري لاسيما سكان مخيمات النزوح أوضاعاً كارثية، نتيجة غلاء الأسعار وضعف الإمكانيات المعيشية والمادية، لاسيما في ظل فصل الشتاء وموجة البرد الشديد التي تعصف بالمنطقة، ويقابل هذه الحالة ازدياد ملحوظ في أسعار بعض أنواع مواد التدفئة البديلة مثل قشور الفستق والبندق واللوز وغيرها من أنواع القشور المستخدمة للتدفئة بشكل واسع في الشمال السوري بشكل عام.
ويعتمد الكثير من سكان مناطق إدلب وريفها على القشور للتدفئة خصوصاً خلال السنوات القليلة الماضية بسبب الحرارة الجيدة التي تمنحها هذه القشور ضمن المنازل والخيام، ولكون مدفئة القشور تعتبر أقل خطورة مقارنة بغيرها مثل مدافئ الفحم الحجري والحطب، لكن ارتفاع أسعار القشور بات عائقاً جديداً أمام العائلات التي تجد صعوبة في تأمين ثمنها.
ويعود ارتفاع أسعار القشور بعدة أنواع للعديد من الأسباب بحسب ما قاله ( ح.م) الذي يمتهن تجارة بيعها، وفي شهادته لـ”المرصد السوري” يقول، أن من أهم أسباب غلاء أسعار القشور، هو ارتفاع تكاليف النقل بسبب أسعار المحروقات، ثم إن كمياته قليلة في السوق بسبب منع تصديرها من تركيا إلا ضمن شروط وضرائب تؤخذ من التجار، إضافة لكونها تأتي بشكل أساسي من تركيا وبسبب انهيار الليرة التركية فقد ساهم ذلك في زيادة الأسعار.
مضيفاً، بأن التاجر يحتاج لشراء كميات كبيرة جداً وتصديرها من تركيا حتى يسمح له بالمرور وهناك صعوبة حالياً في تصريف هذه الكميات بسبب تراجع الإقبال على الشراء بعد ارتفاع السعر، وهناك عدة أنواع من القشور فالنوع الممتاز من قشور الفستق الحلبي يباع حالياً بسعر 240 دولار أمريكي والنوع المتوسط يباع بسعر 220، أما قشور البندق فتباع بسعر يتراوح ما بين 160 إلى 200 دولار أمريكي.
ويعود سبب تفضيل غالبية السكان في الشمال السوري مدافئ القشور عن غيرها لعدة أسباب يوضحها (س.م) النازح من ريف حماة الغربي في منطقة دير حسان في ريف إدلب الشمالي في حديثه لـ”المرصد السوري” قائلاً، تعتبر هذه المدفأة أقل خطورة مقارنة بغيرها من مدافئ مواد التدفئة البديلة ولا تتسبب بحرائق، ثم إنها تعطي حرارة جيدة ونستطيع التحكم بها بسهولة، ولا ينبعث منها أدخنة ولا روائح ولا تتسبب باتساخ المنزل فهي صحية جداً.
مضيفاً، بأن السبب الأساسي لاستخدامها هو تكلفتها القليلة مقارنة بمادة المازوت التي لم يعد يستخدمها أحد للتدفئة بسبب غلاء أسعار المحروقات بشكل كبير، لكن الأسعار للقشور بدأت بالارتفاع مؤخراً بشكل تدريجي وأصبحت عائقاً كبيراً فبدأت أتوجه لشراء قشور ذات جودة أقل وبسعر أقل بسبب سوء الأحوال المعيشية، فغالبية العائلات لا تقوم منذ بداية فصل الشتاء بشراء كمية تكفي لفترة لفترة طويلة بل تكتفي بشراء كيس واحد أو أكثر كل يومين بسبب عدم توفر ثمن الكمية كاملة ولعدم وجود مكان في الخيمة أو المنزل للتخزين.
ويوضح أنه في البداية كان يشتري قشور الفستق الحلبي ذات النخب الأول الذي يعد الأغلى سعراً لكنه الآن بدأ يشتري نخب ثاني وثالث، وهناك عدة أنواع لقشور الفستق الحلبي فمنه السوري والتركي والإيراني وكل نوع له سعر مختلف ويعد التركي الأغلى سعراً.
وتشهد مناطق الشمال السوري منذ منتصف الشهر الجاري كانون الثاني/ يناير، منخفضًا جويًا وانخفاض كبير في درجات الحرارة حيث تساقطت الثلوج على معظم مناطق ريف حلب الشمالي، وتعاني العائلات خصوصاً ضمن مخيمات النزوح الواقعة على الحدود السورية التركية من البرد الشديد الأمر الذي ضاعف من حاجتهم لمواد التدفئة البديلة المتعددة.
ولا تزال نسبة كبيرة من العائلات تعتمد على وسائل تدفئة ذات خطورة على الخيمة والصحة أيضاً مثل الألبسة البالية والبلاستيك والفحم الحجري وخلاصة المواد النفطية والبيرين وغيرها بسبب عدم قدرة الكثير من العائلات على شراء قشور الفستق واللوز والبندق وحتى الحطب.
ودخلت مدافئ القشور يدوية الصنع كصناعة دخيلة على مناطق الشمال السوري بعد حركة النزوح الأخيرة حيث جلبها بعض الصناعيين من ريف إدلب الجنوبي وريف حماة الشمالي لتغزو مناطق الشمال السوري بشكل عام وأصبحت القشور بين وسائل التدفئة المنتشرة بكثرة ولاقت إعجاباً من قبل السكان بسبب بساطة استخدامها وحرارتها وطريقة التحكم بها فهي تعمل عن طريق كهرباء البطارية التي توفرها ألواح الطاقة الشمسية وتعد من أفضل أنواع المدافئ حالياً في الشمال السوري ويتراوح سعرها ما بين 150 إلى 250 دولار أمريكي.
ويجدر الذكر أن معظم مناطق الشمال السوري تخلت عن التدفئة باستخدام مادة “المازوت” منذ عدة سنوات بسبب غلاء أسعار المحروقات بشكل عام وتحكم الشركات واحتكارها مثل”شركة وتد للبترول” التي تحتكر المحروقات في مناطق نفوذ “هيئة تحرير الشام” وتوجه المدنيون للبحث عن وسائل بديلة للتدفئة ومنها ما تعتبر وسائل ذات خطورة شديدة قد تسببت بحوادث عديدة ضمن مخيمات النزوح فضلاً عن أضرارها الصحية.