غوطة دمشق الشرقية: أزمات متواصلة وغياب الخدمات الأساسية والأهالي يتهمون “النظام السوري” بتهميش المنطقة بشكل متعمد

59

تعاني مناطق “القطاع الأوسط” من الغوطة الشرقية من أزمات كبيرة ومتواصلة، منذ أن بسطت قوات النظام المدعومة بمسلحين موالين لها السيطرة عليها بشكل بكامل في مارس/آذار من العام 2018 بعد اتفاق قضي بترحيل الفصائل والمواطنين غير الراغبين في البقاء إلى مناطق شمالي سورية.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، رصد معاناة الأهالي في مناطق “القطاع الأوسط” من الغوطة الشرقية، والتي كانت خاضعة لسيطرة “فيلق الرحمن” الموالي لتركيا، وهيئة “تحرير الشام” إبان تواجدهم في المنطقة.

خدمات أساسية مغيبة بشكل متعمد

لاتزال غالبية المدن والبلدات بلا كهرباء ولا ماء باستثناء المناطق التي يتواجد بها عدد كبير من السكان كـ “كفربطنا – سقبا – جسرين – عين ترما – حمورية – المليحة” بالإضافة إلى وصول التيار الكهربائي لبعض المناطق الأُخرى بشكل ضئيل، حيث أن جميع المناطق آنفة الذكر، تعمل بها الكهرباء لمدة ساعتين في اليوم الواحد فقط وبشكل متقطع وسط أعطال كبيرة في شبكات الكهرباء، بالإضافة إلى أزمة في تأمين المياه وصفها الأهالي كـ”أيام حصار الغوطة الخانق”، حيث يضطر عدد كبير من الأهالي إلى تأمين المياه من خلال “صهاريج متنقلة”، كما تشهد الأفران نقص كبير في مخصصات الطحين المقدمة لها من حكومة النظام، بالإضافة إلى عدم وجود محطات وقود، وشح في توزيع “مازوت التدفئة” المدعوم للأهالي، ما يضطرهم إلى استخدام وسائل تدفئة بديلة، ذاتها التي كانوا يستخدمونها أيام “الحصار” وهي “مدفأة تعمل على الحطب وبعض الأقمشة”.

وفي خضام ذلك تحدث المواطن (م.ك) من سكان مدينة سقبا للمرصد السوري عن معاناته واصفًا الحال بـ” يامحلا أيام الحصار كان في عالم تحن علينا، أملك منزل مدمر وغير قادر على إعادة تأهيله بسبب ارتفاع أسعار مواد البناء، أعمل في محل لبيع المواد المستعملة وأسكن في منزل على أطراف مدينة سقبا غير صالح لأن يكون اسطبل للحيوانات”.

وتابع حديثه للمرصد أن راتبه الشهري لا يكفيه لمدة اسبوع واحد فقط في ظل الارتفاع الجنوني لأسعار المواد الأساسية، ولديه ثلاثة أطفال غير قادر على إكساءهم بالملابس الشتوية الجديدة ويضطر لجلب ملابس لهم من “البالة المستعملة”، وأنهى حديثه بالقول، “الوضع مافرق علينا متل أيام الحصار، يلي فرق بس بأيام الحصار كان المساعدات منيحة وتساعدنا، حالياً عم ننتظر فرج رب العالمين”، في إشارة منه لغياب المنظمات الإنسانية الحكومية عن تقديم المساعدات.

واقع طبي سيء وسط غياب المشافي الحكومية والخاصة

تشهد مناطق “القطاع الأوسط” من الغوطة الشرقية غياب مستمر للمشافي الحكومية والتي لاتزال تقتصر فقط على مراكز متنقلة في بعض الأحيان للهلال الأحمر السوري، بالإضافة لوجود بعض الأطباء من أبناء المنطقة ضمن عياداتهم الخاصة فقط، مما يضطر المواطن السوري للذهاب إلى العاصمة دمشق لتلقي العلاج.

المواطن “ه.خ” تحدث للمرصد السوري عن معاناته في الذهاب إلى مشافي العاصمة دمشق قائلاً “أضطر في كل مرة لدفع مبلغ 20 ألف ليرة سورية كي أذهب وأعود بسيارة خاصة من الغوطة الشرقية لتلقي العلاج في مشفى “ابن النفيس” في العاصمة، المواصلات العامة غائبة، تكاليف النقل والأجور بالسيارات الخاصة أرهقتني ولولا أبني المتواجد في دول اللجوء والذي يرسل لي مساعدة شهرية لكنت غير قادر على إكمال علاجي.”

قبضة أمنية متواصلة من قبل مخابرات النظام

لاتزال قبضة النظام الأمنية مستمرة على مدن وبلدات الغوطة الشرقية، عبر قيام الحواجز بالتدقيق المستمر على النساء والرجال من الخارجين والداخلين إلى الغوطة الشرقية من مناطق العاصمة دمشق، وتواصل أجهزة النظام الأمنية بشكل دوري حملات الاعتقال التي تطال أشخاص محددين في غالب الأحيان ممن كانوا مقاتلين سابقين في صفوف الفصائل المعارضة إبان سيطرتها على الغوطة الشرقية، وفضلوا إجراء “تسويات ومصالحات” على الخروج إلى الشمال السوري، بالإضافة إلى حملات اعتقال تطال عاملين سابقين في المجال المدني ضمن المؤسسات التي كانت تعمل إبان سيطرة الفصائل.

وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن قوات النظام افتتحت الطريق الذي يصل مدينة دوما بمدينة حرستا بعد إعادة تأهيله، ووضعت “الفرقة الرابعة” 4 حواجز لها على الطريق.

وعلى ضوء ما سبق، يطالب المرصد السوري المجتمع الدولي بالضغط على روسيا كونها الراعي الأول لاتفاقات المصالحات، التي أفضت إلى تهجير وتشريد مئات الآلاف وزادت من مأساة الرافضين للتهجير، وما هذه الأزمات التي تعيشها غوطة دمشق الشرقية، إلا دليل على فشل النظام السوري بإدارة الأزمات التي تعيشها جميع مناطق نفوذه والتي يذهب المواطن السوري كعادته ضحيتها.