في الذكرى السنوية الخامسة لـ ـعـ ـمـ ـلـ ـيـ ـة “غصن الزيتون” التركية.. مـ ـهـ ـجـ ـر و ن من عفرين يستذكرون لحظة تـ ـهـ ـجـ ـيـ ـرهـ ـم عن زيتونهم

53

يصادف اليوم 20 كانون الثاني الذكرى السنوية الخامسة لبدء العملية العسكرية التركية “غصن الزيتون” بمشاركة فصائل “الجيش الوطني” على منطقة عفرين، حيث شنت حينها الطائرات التركية غارات جوية مكثفة طالت القرى والبلدات الأهلة بالسكان، وارتكبت أبشع جرائم الحرب ضد المدنيين العزل، متناسية القوانين والمواثيق الدولية، وسط صمت دولي رهيب.

الهجوم تسبب في نزوح ثلث سكان المنطقة الأصليين، باتجاه مخيمات ومنازل شبه مدمرة في ريف حلب وغيرها من المناطق السورية، ولم تقتصر الانتهاكات على ذلك فحسب، وإنما سعت إلى إحداث تغيير ديمغرافية في المنطقة، عبر توطين عوائل الفصائل في القرى السكنية النموذجية التي أنشأتها المؤسسات المدعومة من تركيا، إلى جانب سرقة المعالم الأثرية لطمس تاريخ الكرد في المنطقة. وفرضت اللغة التركية كمادة أساسية في المناهج الدراسية، ورفعت أعلام التركية على المدارس لفرض هويتها “العثمانية” في المنطقة، كل هذه الممارسات وقعت أمام مرأى ومسمع العالم.

يقول الشاب (ج.أ) “27 عاماً” وهو أحد مهجري منطقة عفرين، في حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، العملية بدأت بقصف عشوائي مكثف من الطيران الحربي التركي، مما أجبره وعائلته على النزوح بداية من ناحية شران إلى مدينة عفرين، وبعد نحو 15 بوماً نزح باتجاه مناطق الشهباء بريف حلب الشمالي، ثم وبعد نحو أسبوع توجه إلى مدينة منبج شرقي حلب.

مضيفاَ، بأنه كان يملك منزلين في مدينة عفرين و ناحية شران التابعة لها، ولم يتمكن من إخراج أي شيء من أثاث المنزلين، فضلاً عن ابتعاده عن أرضه المزروعة بأشجار الزيتون التي كانت تعد مصدر دخل أساسي له، حيث كانت تنتج أكثر من 100 تنكة زيت في الموسم.

ويتابع، حالياً تجري عملية تتريك ممنهجة لمنطقة عفرين، والعلم التركي أصبح يرفع في كل مكان، ومن تبقى من أهالي عفرين يتخوفون جداً من الفصائل ويتفادون التحرك بسبب المضايقات، ورغم كل شيء فلا زال الأمل موجود بالعودة إلى عفرين والعيش بشكل طبيعي بسلام.

مشيراً، بأنه حتى اللحظة لا يوجد بوادر حقيقية للعودة ولا زالت الفصائل الموالية لتركيا تعيث فساداً، فقد شاهدنا غابات من الأشجار تقطع ويبنى مكانها قرى سكنية وهذا من أكثر ما يؤلم ويحزن أهالي عفرين.

بدوره يقول (ن.ح) وهو مهجر من مدينة عفرين، للمرصد السوري لحقوق الإنسان، قبل الـ 20 من شهر كانون الثاني من عام 2018، كنا نعلم من خلال الحشود بأن تركيا بمساعدة فصائل “الجيش الوطني” ستطلق هجمة احتلالية ضد عفرين. مما أثار حالة من الخوف بين المديين من عواقب الهجوم المحتمل حينها، وفي ذلك التاريخ بدأت تركيا الهجوم، كان هناك تمهيد عبر الطائرات التركية ومن ثم توقفت وفتحت تركيا الجدار أمام الفصائل، حينها قالت مصادر لنا أنه في الأيام الثلاث الأولى قتل ما يقارب الـ1000 عنصر من هذه الفصائل لهذا  فقد عادت ادراجها وطالبت تركيا بتكثيف الضربات الجوية.

ويتابع، بعدها لم تتوقف الطائرات التركية يوماً واحداً، الطائرات كانت تقصف كل شيء حتى ولو كان مقاتلا واحداً، كان هناك مقاومة كبيرة من جانب وحدات “حماية الشعب” على الشريط الحدودي، حيث استمرت المعارك على الشريط الحدود أكثر من شهر، لكن نتيجة القصف الجوي الشديد انكسرت خطوط الدفاع وتراجعت وحدات “حماية الشعب” تدريجياً حتى الوصول إلى مشارف مدينة عفرين.

ويضيف، الملفت حينها انه حتى اثناء محاصرة مدينة عفرين، ووصول الآلاف من النازحين من القرى الحدودية، كانت الخدمات مستمرة ولم تتوقف المؤسسات، على سبيل المثال المياه لم تنقطع حتى يوم احتلال عفرين، خلال 58 يوماً من الهجمات قتل الجيش التركي والمجموعات التي معه أكثر من 350 مدنيا سواء كان بالطائرات أو بالقذائف أو بالتعذيب.

مؤكداً، بأنه حتى الآن يعاني النازحون الذين خرجوا من عفرين ظروف صعبة جداً في مناطق النزوح شمال حلب، فمن جانب هناك قصف تركي ومن جانب آخر يفرض النظام السوري حصاراً عليهم. 

أما (أ.ج) فيقول في حديثه مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن الأوضاع كانت مستقرة في عفرين قبل احتلالها من قبل تركيا، فهو كان طالب في معهد تقنيات الحاسوب ويعمل بعد انتهاء دوامه في محل لبيع الهواتف النقالة، الحياة كانت سهلة و بسيطة لكل السكان ولم تصل لهيب الحرب إلى المدينة باستثناء عدة قذائف كانت تسقط على المدينة، مصدرها كانت منطقة إعزاز و مارع.

ويضيف، في الساعة الرابعة إلا خمس دقائق كنت في السوق لأشتري بعض الاحتياجات للمحل، و بعد مرور عدة دقائق سمعنا أصوات الطائرات الحربية و قصف عنيف، وعم الذعر والخوف و بكاء النساء و الأطفال في أجواء المدينة، وكأن هذه المدينة ليست هي نفسها قبل خمس دقائق.

ويصف، الهجوم التركي بأنه كان وحشياً وعنيفاً للغاية حيث كنا نرى عدة طائرات في الأجواء بذات الأثناء ، بعد عدة ساعات عم الصمت في المدينة، ثم بدء نزوح السكان من القرى الحدودية باتجاه المدينة، حيث لجأ لمنزلي 4 عائلات فأصبحنا 5 عائلات في منزل واحد،
ويتابع، خرجنا من عفرين بعد 58 يوم من العيش تحت رحمة القصف، باحثين عن مأوى جديد وصلنا إلى قرية برج حيدر كان القرية مزدحمة جدا و كان الخوف أيضا تطال وجوه سكان القرية للاسف قامت الفصائل بهجوم على هذه القرية و نزحنا الى منطقة تل رفعت.

يشار، بأن تركيا شنت عدة عمليات عسكرية حملت أسماء مختلفة مثل “غصن الزيتون” و”درع الفرات” و”نبع السلام” بهدف التمدد والسيطرة وقضم الأراضي السورية بذريعة الأمن القومي، وخلفت هذه العمليات هجرة مئات الآلاف من المدنيين عن منازلهم وأراضيهم باتجاه مناطق سورية مختلفة.