في زحمة الاتفاقات والمفاوضات…أكثر من 140 ألف مواطن سوري لا يزالون تحت رحمة جلادي النظام في معتقلاته وسجونه ومصير مجهول يلاحق عشرات آلاف آخرين

27

تهجير متواصل، تغيير ديموغرافي، اقتتالات داخلية، صفقات لإخراج مختطفين وأسرى في سجون الفصائل، وسعي وراء “انتصارات” إعلامية، و”الثمن” يجول بعيداً عنهم، حيث يغيب ملف كامل عن طاولة المفاوضات المحلية والدولية، فملف المعتقلين السوريين لدى قوات نظام بشار الأسد وفي أقبية أفرعه الأمنية، وسجونه سيئة الصيت، تحول إلى ملف غائب حتى عن المناقشات واللقاءات وجلسات التفاوض، ففي الوقت الذي جرت فيه عمليات تفاوض في عدة مناطق داخل الأراضي السورية، كانت نهايتها باتفاقات تهجير لمدنيين ومقاتلين مع عوائلهم إلى الشمال السوري.

المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد خلال الأشهر الفائتة، عمليات إفراج عن مئات المعتقلين بشكل مجتمع ومتفرق، من عدد من السجون والمعتقلات، وتراوحت المدد الزمنية بين معتقل وآخر وسجين وآخر، فيما لا يزال عشرات آلاف آخرين قيد السجن والاعتقال، في عشرات المعتقلات الأمنية وعشرات السجون ومراكز الاحتجاز لدى قوات النظام والمسلحين الموالين لها في مناطق سيطرتها داخل الأراضي السورية، حيث وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 140 ألف معتقل ممن لا يزالون في سجون ومعتقلات النظام السوري، وذلك بعد أن وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان استشهاد 14755 شهيد مدني هم:: 14576 رجل وشاب، و120 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و59 مواطنة فوق سن الـ 18. ممن قضوا منذ انطلاقة الثورة السورية في الـ منتصف آذار / مارس من العام 2011، وحتى اليوم الـ 14 من شهر نيسان / أبريل من العام الجاري 2018، من أصل ما لا يقل عن 60 ألف معتقل، استشهدوا داخل هذه الأفرع وسجن صيدنايا خلال أكثر من 7 سنوات، إما نتيجة التعذيب الجسدي المباشر، أو الحرمان من الطعام والدواء.

قوات النظام سلمت جثامين بعض المعتقلين الشهداء لذويهم، حيث تم إبلاغ المرصد السوري لحقوق الإنسان من عدد من المصادر الموثوقة بمعلومات أفادت بما سبق، بالإضافة لإبلاغ آخرين بأن أبناءهم قد قضوا داخل المعتقلات، وطلبوا منهم إخراج شهادة وفاة لهم، كما أُجبر ذوو البعض الآخر من الشهداء الذين قضوا تحت التعذيب داخل معتقلات النظام، على التوقيع على تصاريح بأن مجموعات مقاتلة معارضة هي التي قتلتهم، كما وردت إلى المرصد السوري لحقوق الإنسان معلومات تشير إلى وجود الكثير من الحالات لمواطنين استشهدوا تحت التعذيب داخل معتقلات النظام، تحفظ فيها أهاليهم وذووهم، على إعلان وفاتهم، خوفاً من الملاحقة الأمنية والاعتقال.

وبعد تحويل قضية عشرات آلاف المختطفين والمعتقلين، إلى ورقة تتلاعب بها الأطراف المختلفة، سواء أكان النظام وحلفاؤه، أم الأطراف السورية المعارضة، وتغييب الملف بعدها بشكل كامل، فإن المرصد السوري يدعو إلى إعادة تفعيل قضية المعتقلين بقوة بعد أن غيِّبت بفعل أطراف جعلت من ملفات أخرى ومن مصالح فئوية أولويتها، فإننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان ندعو المبعوث الأممي السيد ستيفان ديمستورا والجهات الدولية الفاعلة، والمنظمات الإقليمية والدولية إلى العمل الحثيث والجاد، ليكون ملف الإفراج عن عشرات آلاف المعتقلين والمختطفين في أولوية أي لقاء سياسي أو مؤتمر أو مفاوضات، وأن لا يُكتفى بالقول فقط، بل أن تكون هناك خطوات عملية لبدء الإفراج عن المعتقلين، كذلك يحث المجتمع الدولي وبالأخص الأمين العام للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، والمفوض السامي لحقوق الإنسان، بالعمل الفوري من خلال الضغط على النظام السوري، من أجل الإفراج عن ما تبقى من معتقلين على قيد الحياة، والعمل على إنشاء محكمة لمحاكمة الجلادين المجرمين القتلة وآمريهم، الذين انعدمت الإنسانية في قلوبهم وضمائرهم، وقاموا بقتل هذا العدد الكبير من أبناء الشعب السوري.