في ظل اختبارات محدودة… سوريون يخشون انتشاراً أوسع لـ«كورونا»

46

تسجّل دمشق ومحيطها ازدياداً ملحوظاً في عدد الإصابات بفيروس كورونا المستجد، فيتحدّث أطباء عن وضع «مخيف» في مستشفيات تغصّ بالمصابين، وتقدّم صفحات عبر الإنترنت آلاف الاستشارات الطبية.
وسجّلت وزارة الصحة السورية حتى الآن 999 إصابة بـ«كوفيد – 19». بينها 48 وفاة، هي الأرقام التي «أُثبتت نتيجة فحصها المخبري». وأفادت قبل أيام عن «حالات عرضية لا تملك الإمكانيات (…) لإجراء مسحات عامة في المحافظات».
ونشر أطباء وناشطون وإعلاميون في الأيام الأخيرة تعليقات عبر الإنترنت تحذّر من ازدياد ملحوظ في أعداد الإصابات والوفيات، في وقت تظهر إحصاءات وزارة الصحة تضاعف عدد الإصابات خلال قرابة شهر، حسبما أوردت وكالة الصحافة الفرنسية.
ووصف عميد كلية الطب البشري في جامعة دمشق، الدكتور نبوغ العوا نسبة الإصابات بـ«المخيفة جداً». وقال في حديث لصفحة طبية متخصصة على «فيسبوك»، إن «العديد من المواطنين يراجعون المشافي الحكومية ولكن للأسف كل الغرف ممتلئة، والمريض ذو الحالة السيئة لا يستطيع الدخول للعناية إلا في حالة وفاة مريض آخر».
وحذّرت وزارة الصحة من زيادة حصيلة المصابين في ظل «انتشار أفقي للوباء بين المدن»، مما قد يُنذر بتفشٍ أوسع إذا ما لم يتم الالتزام بالإجراءات الوقائية. ويوجد في سوريا وفق الوزارة 25 ألف سرير.
واستنزفت تسع سنوات من الحرب المنظومة الصحية في أنحاء سوريا، مع دمار المستشفيات ونقص الكوادر الطبية، وجاء تفشي الوباء ليفاقم الوضع سوءاً.
وأعلنت منظمة الصحة العالمية في بيان نهاية شهر يونيو (حزيران) أنها «تشعر بالقلق إزاء انتشار (كوفيد – 19) في البلدان التي مزقتها الحروب، على غرار سوريا واليمن وليبيا».
ويتحدّث طبيب في أحد مشافي دمشق، فضل عدم الكشف عن اسمه، أن عدد المرضى بات يتخطى قدرة المشافي الحكومية.
ويقول لوكالة الصحافة الفرنسية عبر الهاتف من بيروت: «الأرقام الحقيقية أكثر بكثير من الأرقام الرسمية، وما يتمّ الإعلان عنه يشمل الحالات التي يُجرى لها اختبار بعد قبولهم في المشافي».

ويضيف: «ينتظر المصابون في ممرات المشافي التي استنفدت قدراتها الاستيعابية… ولا تتوقف سيارات الإسعاف عن العمل».
ومع ازدياد الإصابات، أعادت السلطات إغلاق الفعاليات الرياضية والأندية والصالات والمدارس الصيفية في دمشق حتى إشعار آخر. وأعلن الاتحاد الرياضي العام إصابة سبعة من كوادر المنتخب السوري لكرة القدم، وإصابة عدد من الأطباء والممرضين.
كما أعلنت نقابة المحامين التوقف عن العمل حتى العاشر من سبتمبر (أيلول) «نظراً للظروف الصحية وحرصاً على سلامة الزملاء».
وأرسلت منظمة الصحة العالمية ودول عدة بينها روسيا والصين مساعدات طبية إلى سوريا.
وبدلاً من التوجّه إلى المستشفيات المكتظة، يفضّل كثيرون متابعة صفحات طبية متخصصة على مواقع التواصل الاجتماعي، تقدم استشارات طبية مجانية، خصوصاً فيما يتعلق بفيروس كورونا المستجد، بينها مجموعة «صحتك نعمة»، و«منصة الصحة السورية» و«عقّمها».
وتحوّلت صفحة «سماعة حكيم» التي يتابعها أكثر من 150 ألف شخص إلى مرجع صحي للسوريين، مع ارتفاع نسبة الإصابات واكتظاظ المشافي الحكومية. ويعمل فريق عملها المؤلف من نحو مائتي طبيب وصيدلي من مختلف الاختصاصات بلا توقّف.
ويقول مؤسس الصفحة الدكتور حسين نجار: «بعد الانتشار الكبير لكورونا، استنفرنا كل طاقاتنا من أجل الإجابة على جميع الأسئلة، ونسعى لمساعدة الناس بشكل طوعي، وتقديم النصائح الطبية الملائمة لكل حالة».
ويؤكد نجار (37 سنة) أن عدد الاستشارات والأسئلة اليومي يتجاوز 300 استشارة، سواء على بريد الصفحة أو ضمن التعليقات أو ضمن تطبيق عبر الهاتف، ليشكل صلة وصل بين المصابين والأطباء «عن بُعد».
خلال الحرب، اعتادت الصفحة التي تأسست عام 2017 على تلقي أسئلة حول قذائف الهاون والانفجارات، أما اليوم فيتصدر فيروس كورونا المستجد الاستفسارات كافة.
ويقول نجار: «مهمتنا الآن أصعب، لأن الفيروس موجود في كل مكان وليس في الجبهات فحسب».
وبعدما كان الهدف من إنشاء الصفحة أن تكون «صوتاً للطبيب السوري»، تحوّلت إلى «غرفة إسعاف افتراضية» بحسب ما يصف مؤسسها.
ويضيف: «الفيروس قوي على الضعفاء، لذا لا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي، سنبذل قصارى جهدنا… لن نستسلم».

 

 

 

المصدر:الشرق الاوسط