في ظل الواقع المعيشي الكارثي.. انقطاع الدعم عن نحو 20 مشفى في مناطق الفصائل وقسد يصعد من معاناة المدنيين

المرصد السوري يطالب الجهات الدولية والمنظمات المعنية بضرورة إعادة دعم المشافي التي تخدم ملايين المواطنين

35

يواجه القطاع الطبي ضمن المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري “مناطق سيطرة الفصائل وقسد” في الوقت الراهن خطر توقف الدعم عن عدد ليس بالقليل من المشافي والمراكز الطبية، ما يشكل عائقاً كبيراً أمام المدنيين الذين يتلقون العلاج بشكل شبه مجاني في هذه المشافي، وسيؤدي هذا الانقطاع بحسب العاملين في المجال الطبي إلى تدهور الحالة الصحية للكثير من المرضى وعدم القدرة على مواجهة انتشار فيروس كورونا “كوفيد 19″، والعديد من المخاطر والسلبيات الأخرى.
ففي إدلب وريفها ومناطق ريف حلب الشمالي الغربي انقطع الدعم عن 18 مشفى ومركز صحي، 15 منها في إدلب وريفها و3 في ريف حلب الشمالي، وأطلقت مديرية صحة إدلب وعدد من النشطاء والعاملين في المجال الطبي حملة تفاعلية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تحت عنوان “ادعموا مشافي الشمال السوري” بهدف تسليط الضوء على هذه القضية ومدى خطورة توقف الدعم عن المشافي وما سيعقبه من نتائج سلبية تعود على المدنيين الغير قادرين على تحمل تكاليف العلاج في المشافي الخاصة وصعوبة الخروج من سورية لتلقي العلاج.

وشمل انقطاع الدعم عن المشافي من قبل المنظمات المانحة 15 مشفى في مناطق إدلب وريفها وهي، مشفى الإخاء في أطمة، مشفى النفسية في سرمدا، مشفى الأمومة في كللي، مشفى معاذ في شمارين، مشفى وسيم حسينو في كفرتخاريم، مشفى الرجاء في قاح، مشفى حريتان في دير حسان، مشفى إدلب الوطني، مشفى إنقاذ روح في سلقين، مشفى القنية، مشفى اليمضية، مشفى الأمومة في كفرتخاريم، مشفى العزل الصحي في كفرتخاريم، مشفى السلام في حارم، مشفى الرحمة في دركوش.
كما شمل انقطاع الدعم أيضاً كل من مشفى الرفاه في جنديرس بريف حلب الشمالي الغربي، وكل من مشفى المحبة ومشفى السلام في مدينة عفرين.

وفي شهادته”للمرصد السوري” يتحدث (ع.أ) أحد العاملين في مشفى الرجاء في بلدة قاح شمالي إدلب، قائلاً، أن المشفى يقدم العلاج لآلاف المدنيين باعتباره يقع ضمن منطقة يتواجد فيها مخيمات للنازحين إضافة للسكان الأصليين، ويحوي على عدة أقسام مثل الداخلية والبولية والأذنية وغيرها، وكان المشفى يتلقى دعماً من قبل منظمة”سوريا للإغاثة والتنمية” لكنها أوقفت الدعم بشكل كامل منذ نهاية شهر كانون الثاني/ يناير من العام الفائت 2021 ورغم ذلك استمر الكادر الطبي في المشفى بالعمل لمدة عام كامل دون دعم، مضيفاً، أن عدد المستفيدين من الخدمات الطبية في المشفى شهرياً يتجاوز 7000 شخص، لكن المشفى أعلن عن توقف خدماته بشكل كامل مع بداية العام الجديد 2022 بسبب عدم قدرة الكادر الطبي التحمل أكثر من ذلك، فالمشفى يحتاج لتكلفة تشغيلية على أقل تقدير لتشغيل المولدات وصيانة الأجهزة وتجهيز المشفى بشكل جيد، لذلك فقد تم تعليق العمل في المشفى حالياً بانتظار إعادة تفعيل الدعم من جديد لنعود للعمل.

ويؤكد أن توقف الدعم عن المشافي في الشمال السوري سيؤثر لحد كبير على المرضى لاسيما من النازحين والغير قادرين على تحمل أعباء وتكاليف العلاج في المشافي الخاصة، لذلك يجب العمل على إعادة تفعيل برنامج دعم القطاع الطبي من جديد حتى نضمن تلقي آلاف المرضى للعلاج بسهولة دون عناء لاسيما في ظل تفشي فيروس كورونا – كوفيد 19 الذي لا زال خطره قائم إلى الآن ويحتاج لدعم طبي كبير جداً لمواجهته.

يذكر أن منطقة الشمال السوري صغيرة من الناحية الجغرافية لكنها تأوي عدد كبير من السكان قد يصل إلى ستة ملايين نسمة في كل من مناطق إدلب وريفها ومناطق ريف حلب الشمالي، بمجرد أن ينقطع الدعم الطبي عن المشافي ولو بنسبة قليلة فإن ذلك سيساهم في زيادة معاناة المدنيين، ومع انقطاع الدعم عن 18 مشفى، فإن التخوف يزداد لدى المدنيين من انقطاع الدعم الطبي بشكل عام.

كما أن توقف هذه المشافي يعني أن يبدأ المريض بالتوجه للعلاج في المشافي الخاصة وهي خارج عن قدرة الغالبية العظمى من المدنيين من حيث الجانب المادي، كذلك فإن انقطاع الدعم عن المشافي يعني توقف مئات العاملين في المجال الطبي عن عملهم وخسارتهم لوظائفهم، إضافة لأضرار أخرى مثل توقف تشغيل بعض الأجهزة الطبية المهمة في العلاج وارتفاع سيطرأ على أسعار الأدوية واضطرار باقي المشافي لأخذ مقابل مالي من المرضى لتستمر في تقديم خدماتها.

وتعتبر منظمة “سامز” من أهم المنظمات التي تدعم القطاع الصحي في الشمال السوري، ثم تأتي بعدها العديد من المنظمات الأخرى التي تتكفل كل واحدة منها بدعم عدد من المشافي مثل منظمات “شفق وسوريا للإغاثة والتنمية وبنفسج وihh”و”فريق ملهم التطوعي” و”أكتد” وغيرها العديد من المنظمات.

وتعاني أيضاً مناطق سيطرة “الإدارة الذاتية” شمال شرق سوريا من شح الدعم الموجه للقطاع الطبي، حيث أطلق كادر مشفى “الشحيل” الجراحي في ريف دير الزور الشرقي مناشدة لدعم المشفى من قبل الإدارة المدنية والمنظمات الإنسانية بعد نحو شهرين من انقطاع الدعم عن المشفى وعمل الكادر الطبي فيه بشكل تطوعي.

وطالب الكادر الطبي في مشفى”الشحيل” الجراحي “دائرة المساعدة الإنسانية” التابعة لمفوضية الأمم المتحدة “اللايكو”، وهي الجهة المانحة للمشفى بإعادة تفعيل برنامج الدعم من جديد، ويقدم المشفى الخدمات الطبية لأكثر من 300 ألف نسمة من أهالي دير الزور وريفها.

ورصد “المرصد السوري” بتاريخ 22 تشرين الثاني/ نوفمبر من العام 2021 خروج العشرات من أهالي مدينة الرقة في وقفة احتجاجية أمام “مشفى التوليد والأطفال” في المدينة وذلك تنديداً بانقطاع الدعم عن المشفى من قبل منظمة “Syria Relief” ووفقاً لنشطاء” المرصد السوري” فإن المشفى يقدم خدماته الطبية المجانية لنحو 10 آلاف طفل وامرأة شهرياً ويجري نحو 450 عملية ولادة قيصرية بمعدل 15 عملية يومياً، إضافة لوجود عيادات خاصة بالأطفال واحتواء المشفى على جناح يضم 40 سرير و16 حاضنة، وأجهزة تصوير شعاعي وجهاز “مامو كراف” للكشف المبكر عن سرطان الثدي.

ويجدر الذكر أن انقطاع الدعم عن المشافي في الشمال السوري يأتي في ظل ازدياد معدل الفقر وغلاء الأسعار وتردي الأوضاع المعيشية للسكان لاسيما في ظل فصل الشتاء، الأمر الذي سيكون عقبة أمام تلقي المرضى للعلاج في المشافي الخاصة لعدم وجود قدرة مالية.

ومن هذا المنبر يطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان، الجهات الدولية والمنظمات المعنية بضرورة إعادة دعم المشافي في مناطق سيطرة الفصائل وقوات سوريا الديمقراطية كونها تخدم ملايين المواطنين الذين أنهكتهم الحرب المستعرة في سوريا وباتوا غير قادرين على تحمل أعباء إضافية.