في ظل غياب الرادع القانوني.. تزايد حالات الجريمة والعنف الأسري في عموم مناطق سورية 

71

يعتبر العنف الأسري من بين أكثر الحالات انتشاراً في سوريا لاسيما ضمن المحافظات الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له، ويعود انتشارها بشكل واسع لعدة أسباب من أبرزها الأزمات الاقتصادية والإجتماعية والنفسية، وتعد فئتي النساء والأطفال الأكثر تضرراً، حيث شهدت المحافظات عدة حالات تندرج تحت بند”العنف الأسري” منذ مطلع العام الجاري 2022.
نشطاء المرصد السوري السوري لحقوق الإنسان وثقوا العديد من حالات “العنف الأسري” ضمن المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له منذ مطلع العام الجاري 2022، فبتاريخ 27 آذار/مارس الجاري قتلت امرأة على يد زوجها في مدينة حلب إثر ضربها بواسطة “عصا خشبية” على رأسها وجسدها نتيجة خلاف عائلي بينهما ما أدى لمقتلها، وبذات التاريخ قتل رجل إثر انتحاره بسبب خلافات عائلية مع زوجته في منطقة جرمانا في ريف دمشق، حيث قام بإطلاق النار على نفسه من مسدس ما أدى لمقتله على الفور.
وسبق ذلك بتاريخ 16 آذار/مارس الجاري قتلت امرأة في منطقة الرحيبة بالقلمون الشرقي في ريف دمشق إثر تعرضها للطعن بأداة حادة من قبل زوجها أمام أطفالها.
وأعلن “قسم الشرطة” في حي باب النصر بحلب، في 9 آذار/مارس، عن إلقاء القبض على امرأة قامت بتعذيب ابن زوجها وهو طفل يبلغ من العمر أربع سنوات بطريقة وحشية عبر ضربه بواسطة خرطوم بلاستيك ما دعا لنقله إلى المشفى لتلقي العلاج، حيث ظهرت عليه آثار التعذيب وبعد فتح تحقيق بالحادثة اعترفت زوجة والده بتعذيبه بسبب خلاف مع زوجها.
وفي 1 آذار/مارس الجاري قتلت فتاة على يد عائلتها في مدينة الحسكة إثر رميها بالرصاص بذريعة”غسل العار” وبسبب رفضها الزواج من ابن عمها.
ويرى الناشط ( م.أ) المقيم في إدلب في حديث للمرصد السوري لحقوق الإنسان، أن الظروف الاقتصادية المتردية في مناطق سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له تعد هي العامل الأساسي لتنامي حالات “العنف الأسري” حيث تزداد معاناة المدنيين القاطنين ضمن هذه المناطق جراء ارتفاع الأسعار بشكل كبير ولاسيما أسعار المواد الأساسية مثل المواد الغذائية والتموينية والمحروقات، فضلاً عن غلاء تكاليف المعيشة العامة في هذه المناطق مثل تكاليف العلاج والمواصلات وخدمات الإنترنت والكهرباء ومياه الشرب وغيرها العديد من الأزمات المادية التي تعترض حياة المدنيين وتؤرقهم وتثقل من كاهلهم ما يجعل نسبة منهم يعاني من عدم الراحة النفسية والتعرض الدائم للاضطرابات والتوتر ما قد ينتج عنه اتساع وتنامي حالات “العنف الأسري” .
مصيفاً، أن هناك سبب آخر في مناطق سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له وهو عجز “الأجهزة الأمنية” التابعة للنظام عن وضع حد لانتشارها، وعدم وجود جدية ونية صارمة لمحاسبة المرتكبين لهذه الجرائم، فضلاً عن عدم وجود قوانين خاصة وواضحة لحماية المرأة والطفل، ما يجعل من المرأة أو الطفل عرضة لوقوع حالات الاعتداء من قبل الزوج أو الأب أو الشقيق أو أي فرد من أفراد العائلة.
وتشهد المحافظات السورية الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له أزمات معيشية خانقة تتمثل بارتفاع كبير في تكاليف المعيشة من مواد غذائية وتموينية ومحروقات وغيرها، يقابلها تدني في مستوى الحد المتوسط لرواتب الموظفين وأجور العمال فضلاً عن عدم وجود مبادرات حكومية تساهم في تحسين الواقع المعيشي للمدنيين الذي بات الغالبية منهم يعانون من الفقر الشديد.
ويخلو القانون في سوريا والمعمول به حالياً ضمن المناطق الخاضعة لسيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة من تجريم “العنف الأسري” بوصفه “تعنيفاً أسرياً” بل يتم التعامل مع جرائم “العنف الأسري” كباقي أشكال الجرائم وفقاً للنتائج التي تحصل بعد الجريمة ولا يوجد أي قوانين خاصة تضمن عدم وجود حالات “عنف أسري”.
وتقول المادة رقم 188 من “قانون العقوبات” في سوريا ” تعد الجريمة مقصودة وإن تجاوزت النتيجة الجرمية الناشئة عن الفعل أو عدم الفعل قصد الفاعل إذا كان قد توقع حصولها فقبل بالمخاطرة”، وبحسب نص المادة رقم “534” من “قانون العقوبات” في سوريا، فإنه “يعاقَب بالأشغال الشاقة المؤبدة على القتل قصدًا في حالة إقدام المجرم على أعمال التعذيب أو الشراسة نحو الأشخاص”.
ويجدر الذكر أن المحافظات الواقعة تحت سيطرة قوات النظام والميليشيات المساندة له تواجه انتشاراً للعديد من الظواهر المجتمعية السلبية كالانتحار وتعاطي المخدرات والسرقة والقتل وغيرها وجميعها يرتبط بالأوضاع الكارثية التي خلفتها سنوات الحرب المستمرة منذ نحو عقد من الزمن.