في قصة الاعتداء على الطفل السوري: هل فعلا أن الاغتصاب لا طائفة له

56

أثارت قضية الطفل السوري الذي تعرض للاغتصاب في البقاع اللبناني، ردود أفعال متعاطفة وغاضبة، وكما في كل حادثة تقع في لبنان يكون طرفها سوريا، يكون للتأويلات المذهبية نصيب الأسد، خصوصا أن الشبان منفذي الجريمة، وضعوا شعارات تظهر انتماءهم للطائفة الشيعية، فقفزت للفضاء الاجتماعي فورا أصوات تختصر الحادثة بدوافع طائفية، وكأن حوادث التحرش بالأطفال والاغتصاب، تحتاج لمبرر أو دافع مذهبي. صحيح أن وجود الطفل السوري في بيئة بقاعية بلبنان قد يدفع بالبعض إلى تصور أنه وعائلته تعرضوا للاستضعاف كونهم غرباء، وهذا حصل فعلا مع كثير من السوريين في لبنان، من نازحين ولاجئين، ولكن المؤكد أيضا، أن حوادث الاغتصاب والتحرش تحدث عادة داخل المجتمعات نفسها، ولا تحتاج بالضرورة لدافع «محرض خارجي».
هذا التصور، يناقش طريقة وقوع الحادثة والانطباعات الأولية، قبل معرفة أي معلومة محددة تخص الحادثة، ولكن بمجرد الاطلاع على تفاصيلها، وانتماءات الضحية وانتماءات المغتصبين، سيظهر أن الحادث لا دوافع «قبلية» واضحة له، على ما يبدو، فالطفل أولا، ليس لاجئا من سوريا، بل من مواليد 2007 في لبنان، ووالدته لبنانية تنتمي للبلدة البقاعية التي وقعت فيها الحادثة، بلدة «سحمر»، وانفصلت عن زوجها السوري الذي عاد لسوريا، والمغتصبون الذين وصل عددهم إلى 8 بحسب وكالات أنباء محلية في بلدة «سحمر» البقاعية، وكانوا يتناوبون على فعلتهم معه منذ 3 أعوام وليس مؤخرا فقط، هؤلاء المغتصبون، يرتبط بعضهم بصلة قرابة معه من جهة والدته، وأخيرا، فالطفل شيعي ووالدته شيعية، فهو نشأ على مذهب والدته الشيعية، التي انفصلت عن والده السوري منذ سنوات.
الناشط الحقوقي والإعلامي اللبناني جو معلوف، الذي تبنى القضية منذ بدايتها، علّق على حسابه في تويتر، بخصوص هذه القضية، ردا على أحد الأشخاص الذين اتهموا القرية والشبان «الشيعة» بالتواطؤ بالحادثة، بالقول إنه مضطر للتحدث باللغة الطائفية قائلا، إن «الطفل شيعي»، مضيفا في تغريدة أخرى: «من المؤسف أن تتحول قضية الطفل المغتصب إلى نزاع وشتائم بين بلدين وشعبين عبر مواقع التواصل الاجتماعي. أكرر ما كتبته البارحة: والدة الطفل لبنانية والمتورطون بعضهم من عائلته. نتمنى من الجميع عدم تحويل هذه القضية إلى منصة شتائم ولغة حقد وكره بين شعبي البلدين».

سوريون ينتقدون ضعف التفاعل مع قضية الطفل المغتصب لأنه ليس من المشاهير، وقضيته لن تجلب الأضواء

فيما انتقد سوريون آخرون، ضعف التفاعل مع قضية الطفل السوري «كونه ليس من المشاهير»، وأن العمل بقضيته لن تجلب الأضواء، كما حدث في قضية مقتل السوري المتهم بسرقة منزل نانسي عجرم، وعلّق احدهم: «العشرات من المحامين السوريين تطوعوا في قضية السوري الذي دخل إلى فيلا نانسي عجرم ، ولكن لم يتبرع أي محامٍ للدفاع عن طفل سوري عمره 13 عاماً تعرّض للاغتصاب، المفروض أن يكون في اسم مشهور بالقصة حتى يتحرك القضاء والإعلام .»
وعلى الرغم من تمكن فرع المعلومات من اعتقال اثنين من المتورطين بالاغتصاب، ولكن موقف عائلات بلدة سحمر، التي ينتمي لها المتورطون، أثار الاستياء عند الكثير من السوريين، ومنح مجددا فرصة لهذا التصور المسيس، ليطل برأسه في هذه الحادثة، فبلدة سحمر البقاعية والحدودية مع سوريا، التي ينتمي الكثير من سكانها لحزب الله، وحركة أمل الشيعيتين، لم تتخذ حتى الآن موقفا واضحا إلى جانب الطفل الضحية ووالدته، وهناك أنباء تتحدث عن أن عائلات البلدة خبأت أبناءها عن أعين الأجهزة الأمنية لمنع اعتقالهم، رغم نفي الأنباء التي تتحدث عن أن والد أحد المغتصبين ينتمي لحزب الله، لكن أيضا جاءت تصريحات من رئيس بلدية سحمر، بشكل يعزز التصور بوجود تضامن من أهالي القرية بحماية المغتصبين، أو التخفيف من فداحة جرمهم، خصوصا عندما قلل من أهمية الواقعة، واعتبر أن «الحادث لم يصل لحد الاغتصاب، ولا دليل على وقوع اغتصاب، وهناك تضخيم في وسائل التواصل الاجتماعي».

الكاتب:وائل عصام – المصدر:القدس العربي