في مسألة اللجوء السوري!

20

اعلن المجتمع الدولي افلاسه، واوقف خبز الاطفال السوريين ومدارسهم ومصحاتهم.. وترك لدول كالاردن ولبنان، حل مشكل اللجوء السوري وهو مشكل مكلف لا تقوى الدولتان على تحمله.
ميزة الاردن في تعامله مع السوريين انه خلق تجمعات اقرب ما تكون الى «المدن المؤقتة» حيث يسهل الضبط الامني، والاعاشة والماء والكهرباء والمدرسة والمستشفى، وقد كانت ادارة عمليات الاغاثة قادرة وحازمة بحيث كسبت ثقة المجتمع الدولي فجاء فرنسيون ومغاربة وامارتيون وسعوديون وكويتيون لدراسة الوضع على ارض المخيمات، والاشراف على معوناتهم المشكورة، فهناك شبه مخيم في الرمثا والمفرق، الى جانب مخيمين كبيرين يستوعبان اكثر من مائة الف سوري.
في لبنان، وبسبب ظروف لبنانية معروفة امتنعت الدولة عن ايجاد مخيمات لانها تخشى ان لا تكون هذه المخيمات مؤقتة، وتتحول على غرار مخيمات اللاجئين الفلسطينيين، الى مدن مؤقتة يمكن ان تكون مسلحة، ويمكن ان تضغط سياسياً، ويمكن ان تغير في الخارطة الطائفية. فالمسيحيون اللبنانيون ليسوا هم المعترض الاصلي، فهناك حسابات الشيعة وحزب الله لان الاكثرية السورية اللاجئة هي أكثرية سُنيّة.
في الاردن، نعرف اننا لن نترك اخواننا السوريين دون اغاثة، حتى لو حدث ما يخشاه الجميع، فالمؤسسات الدولية تعمل بنشاط لانها تأخذ 40% من قيمة التمويل والتبرعات باسم «مصروفات ادارية» وهذا اكثر من كثير.. وتلجأ هذه المؤسسات الى اللئيم من احتكار السيطرة، فتتهم الدول الحاضنة للجوء «بالفساد» لتبرر السطو على نسبة عالية من التبرعات الاغاثية والمتابع لتطور الادارة الاردنية لمشاكل اللجوء السوري يلاحظ ان حجم التدخل الاغاثي للأمم المتحدة او للوحدة الاوروبية او الدول العربية محدود والدول المانحة تتعامل مع الادارات الاردنية في القضايا الرئيسية وخاصة الماء، والمجاري، والكهرباء، والمدارس والمستشفيات المحلية.
نحن لا نرى في اللجوء السوري مشكلاً امنيا، فالداخل الى كل دول العالم يحتاج الى اذن دخول، واقامة، والف وثيقة، لكن السوري يدخل الاردن ماشياً لا يسأله احد عن شيء، ويتولى مغاوير الجيش العربي نقلهم من الحدود المفتوحة الى مراكز ايواء يقدمون لهم فيها الطعام والمنام الدافئ، والمستشفى فبعضهم يصل جريحاً او مريضا، ثم يتم نقله الى مخيم، او تكفيله لينتقي المكان الذي يريد العيش فيه.
عندنا قوة الاحتمال لأننا دولة منظمة اولا، ولأن عندنا قوة اليقين القومي والعروبي، فنحن لا ننسى ابداً «سوريا يا ذات المجد»..لا ننسى نضالنا مع فيصل بن الحسين ملك سوريا، وعبدالله بن الحسين صاحب مشروع سوريا الكبرى، ونحن لم نتاجر بدعوة الوحدة: شعب واحد، وبدعوة التحرر، واذا كنا اقل الاصوات ارتفاعاً فليس معنى ذلك اننا الزوجة المرذولة في مؤسسة الزوجات الاربع.
فقد اتهمنا بأننا «بعنا فلسطين مفروشة» وثبت بعد نصف قرن اننا كنا فلسطينيين مخلصين لفلسطين الارض والشعب، واننا نحاول اسناد النضال الفلسطيني بما هو أكبر من الشعارات والهتافات والعراضات.
السوريون اهلنا، واذا كنا لا نستطيع تقديم كل ما تتطلبه حياتهم.. فلأننا فقراء مثلهم، وحينما لجأ اخواننا الفلسطينيون كنا مثلهم فقراء ونهضنا معاً، وصار الاردن اقوى وأكبر.
السوريون اهلنا.. سواء التزم المانحون بوعودهم ام لم يلتزموا.. ولنا الله والعروبة.

 

الكاتب : طارق مصاروة

المصدر : جريدة الرأي