في مشهد سنوي متكرر.. أوضاع إنسانية صعبة وكارثة في الطريق مع دخول فصل الشتاء.. “المرصد السوري” يطالب المنظمات الدولية بالتدخل لحماية وتأهيل مخيمات الشمال السوري

45

لا تزال الأوضاع الإنسانية الكارثية تعصف بالنازحين السوريين في المخيمات الواقعة في الشمال السوري على طول الحدود مع تركيا، ومع حلول فصل الشتاء والأمطار الغزيرة والعواصف، يواجه هؤلاء النازحين كارثة جديدة تتكرر في كل عام، نتيجة تجريف المخيمات وغرقها بمياه الأمطار على الرغم من الاستعدادات التي يتم اتخاذها، وقد كان العام الماضي من أكثر الأعوام صعوبة على تلك المخيمات، حيث غرقت المخيمات وتهدمت الخيام وتضررت آلاف العائلات المقيمة فيها، ما جعل النازحين يستعدون هذا العام بشكل أكبر لاستقبال فصل الشتاء الجديد، في ظل التزايد الكبير في أعداد النازحين وتردي أوضاعهم المعيشية والخدمية في مخيمات الشمال السوري بشكل عام، إضافة إلى تراجع وتيرة الدعم المقدم من المنظمات الإنسانية والجهات المسؤولة، حيث تجري في هذه الأثناء محاولات لتحصين الخيام وتركيب عوازل مطرية ورفع الخيام عن مستوى سطح الأرض وحفر مجاري للمياه في المخيمات، في محاولة منهم لتفادي حدوث حالات غرق وانجراف مشابهة لما حدث في العام الفائت.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، وفي إطار متابعته المستمرة لأوضاع النازحين، حصل على شهادة أحد سكان مخيمات “دير حسان” في ريف إدلب الشمالي، حيث يقول: “لا يوجد في الأساس إمكانية كافية لدينا للاستعداد لفصل الشتاء القادم، فالإجراءات الاحترازية المطلوبة والكافية تحتاج لدعم كبير من المنظمات الإنسانية العاملة في الشمال السوري، أما على المستوى الشخصي للنازحين، فهم يقومون ببعض الإجراءات المحدودة لتفادي غرق خيامهم في فصل الشتاء، وعلى قدر الإمكانيات المتوفرة لديهم. مع اقتراب فصل الشتاء أقوم حالياً بتجهيز الخيمة التي أقطن بها أنا وأسرتي البالغ عددها 6 أفراد، حيث قمت برفع الخيمة عن الأرض، وذلك بعد بناء جدار بطول 40 سم فقط، ثم رفع الخيمة عليه، ومن ثم تحصينها من الخارج بالحجارة والرمل، وحفر مجرى للمياه يمر من خارجها حتى لا تتجمع المياه، ثم قمت بتركيب عوازل مطرية للخيمة حتى لا تتأثر بمياه الأمطار الغزيرة. أما الإجراءات التي يجب القيام بها في المخيمات فهي كثيرة جدا، مثل تعبيد الطرقات ورفع الخيام بشكل عام، وتركيب عوازل للخيام، والعمل على تجنيب المخيمات مياه الأمطار، مثل حفر مجاري لجر المياه خارج المخيمات دون أي تؤثر على النازحين فيها، وكل هذه الإجراءات لا تزالت غير موجودة إلا في نسبة قليلة ومحدودة من المخيمات، ولا يوجد تضافر جهود من قبل المنظمات، بل تقوم بعضها بمشاريع صغيرة من هذا النوع، وبشكل لا يكفي لمواجهة العواصف والأمطار الغزيرة في فصل الشتاء الذي شارف على الدخول”.

أحد الإعلاميين في مخيمات “أطمة” في ريف إدلب الشمالي، تحدث في شهادته لـ”المرصد السوري لحقوق الإنسان”، عن دور بعض المنظمات في الاستعداد لفصل الشتاء وعن دور النازحين أيضاً، حيث قال: “تقوم في الوقت الراهن بعض المنظمات الإنسانية وبشكل محدود على إقامة مشاريع خدمية تهدف لاستقبال فصل الشتاء وتفادي ما حدث في السنوات السابقة، حيث قامت منظمة بنيان العاملة في الشمال السوري بتمهيد الشوارع الترابية وتعبيد طريقي المحمصة والمعبر في مخيمات أطمة شمال إدلب، بطول 9 كم، مع استمرار المشروع لحد الآن، كما عملت على إنشاء أرصفة أيضاً. مهمة هذه الشوارع هي تأمين ممرات آمنة وطرق إخلاء للمدنين في حال تعرضت المنطقة لطوفان بسبب الأمطار في فصل الشتاء، ووجود قناة صرف صحي داخل المخيمات تعود من عدة قرى مجاورة. أما هيئة ساعد الخيرية، فقامت بإعادة تأهيل الصرف الصحي داخل المخيمات وعملت على تجهيز عبارات لمرور المدنيين من فوقها للتنقل ضمن المخيمات، وهذه خطوة جيدة حيث ساهمت هذه العملية بابعاد خطر الطوفان عن المخيمات المجاورة لهذه القناة إلى حد كبير. وبدورهم، يقوم سكان المخيمات في تجمع أطمة ببعض التجهيزات لخيامهم، مثل رفعها عن الأرض، وتدعيمها بشكل جيد، وتركيب عوازل مطرية، وبطبيعة الحال فإنه ليس بإمكان جميع النازحين القيام بهذه التجهيزات، وذلك نظراً لتردي أوضاع الكثير منهم المعيشية والمادية، وهم بحاجة لدعم من قبل المنظمات الإنسانية لتحصين خيامهم وتجنيبها مخاطر الطوفان والإنجراف في فصل الشتاء القادم”.

ويطالب المرصد السوري لحقوق الإنسان جميع المنظمات الإنسانية العاملة في شمال سوريا، بضرورة تكثيف الجهود في سبيل الاستعداد لفصل الشتاء القادم على مخيمات النازحين، فهذه المشاريع لا تكفي لمواجهة المخاطر المحتملة، كما يناشد “المرصد السوري” بضرورة توجيه الدعم الكافي للنازحين، من مواد تدفئة وألبسة ومواد غذائية وطبية، والوقوف بجانبهم في مواجهة تخوفهم من قدوم فصل الشتاء لهذا العام