قائد قوات سوريا الديموقراطية يتهم أنقرة بمنع انسحاب مقاتليه من منطقة حدودية

46

اتهم قائد قوات سوريا الديموقراطية مظلوم عبدي السبت، في تصريحات لوكالة فرانس برس، تركيا بمنع انسحاب مقاتليه من مدينة رأس العين في شمال شرق سوريا، تنفيذاً لاتفاق وقف إطلاق النار الذي ترعاه واشنطن.

وشدد عبدي الذي شكلت واشنطن داعماً رئيسياً لقواته طوال سنوات، على أهمية استمرار الدور الأميركي في سوريا، مع قرارها سحب قواتها، لضمان عدم تفرّد موسكو الداعمة لدمشق بالساحة السياسية في البلاد.

واتهم عبدي “الأتراك بأنهم يمنعون انسحاب قواتنا والجرحى والمدنيين من سري كانيه” التسمية الكردية لمدينة رأس العين التي تحاصرها القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها.

ووافقت تركيا الخميس بموجب اتفاق انتزعه نائب الرئيس الأميركي مايك بنس على تعليق هجومها ضد المقاتلين الأكراد، مشترطة انسحاب وحدات حماية الشعب الكردية من المنطقة الحدودية خلال خمسة أيام.

ويتضمن الاتفاق، وفق عبدي، “فتح ممر برعاية أميركية لخروج المقاتلين والجرحى والمدنيين”، محذراً من أنه “إذا لم يتم الالتزام، سنعتبر ما حصل لعبة بين الأميركيين وتركيا، إذ من جهة يمنعون انسحاب قواتنا، ومن جهة أخرى يدّعون أنها لم تنسحب، سنعتبرها مؤامرة ضد قواتنا”.

وجاءت تصريحات عبدي قبيل تمكن قافلة طبية السبت من اجلاء ثلاثين جريحاً، غالبيتهم مقاتلون، من مستشفى داخل المدينة، وفق المرصد السوري لحقوق الإنسان ومصدر كردي.

واتهم عبدي تركيا بمواصلة الهجوم على قواته، وقال إن “الأميركيين مسؤولون عن استهداف قواتنا في المنطقة لأنهم لم يضغطوا على الأتراك”.

وبحسب المرصد السوري، لم تخل قوات سوريا الديموقراطية السبت أيّاً من مواقعها في رأس العين التي تحاصرها القوات التركية والفصائل الموالية لها تماما.

وحذّر الرئيس التركي رجب طيّب أردوغان السبت من أنّ بلاده “ستسحق رؤوس” المقاتلين الأكراد وستستأنف القتال ضدهم اذا لم ينسحبوا بحلول الثلاثاء.

وتؤكد قوات سوريا الديموقراطية التزامها، وفق عبدي، الانسحاب من منطقة تمتد بين رأس العين وتل أبيض وبعمق 30 كيلومتراً وصولاً إلى الطريق الدولي “إم 4”.

وقال عبدي “سننسحب من هذه المنطقة بمجرد السماح لقواتنا بالخروج” من رأس العين، موضحاً أن تصريحات إردوغان عن منطقة أوسع بطول 440 كيلومتراً “لم نقبل بها ولم يُؤخذ رأينا بشأنها”.

وعلى مدى تسعة أيام من الهجوم، تمكنت تركيا والفصائل السورية الموالية لها من السيطرة على منطقة بطول 120 كيلومتراً تمتد بين رأس العين وتل أبيض، وبلغ عمقها في بعض المناطق أكثر من 30 كيلومتراً.

– قتال الجهاديين –

وتحالفت الولايات المتحدة مع قوات سوريا الديموقراطية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية خلال السنوات الماضية. لكن سحبها قواتها من نقاط حدودية ثم اعلان قرارها بسحب كامل جنودها من شمال شرق سوريا، بدا بمثابة تخل عن الأكراد.

وقال عبدي إن الرئيس الأميركي دونالد ترامب “يناقض نفسه”، مشيراً إلى محادثة هاتفية جرت بينهما، أبلغه فيها إنه “يدعم الأكراد”، لكنه في الوقت ذاته “يقوم بتغريدات متناقضة تهدف إلى إرضاء الطرف التركي” معتبراً أن ذلك “سيضعف موقفنا ضد تركيا، ويدعمها في المضي بهجومها”.

ومنذ بدء الهجوم التركي، كررت قوات سوريا الديموقراطية خشيتها من أن ينعكس انصرافها إلى التصدي له على جهودها في ملاحقة خلايا تنظيم الدولة الإسلامية، وأعلنت تجميدها لتلك العمليات.

لكن عبدي عاد وأعلن السبت “تفعيل العمل العسكري ضد خلايا التنظيم” في دير الزور مع قوات التحالف الدولي التي لا تزال تنتشر في شرق سوريا بعد انسحابها من المنطقة الحدودية مع تركيا.

وأكد العمل مع دول التحالف حول ملف الآلاف من عناصر التنظيم الاجانب المعتقلين لدى قواته، موضحاً أنه “إذا انسحبت هذه القوات من مناطقتنا، فلن نكون ملزمين مواصلة التعامل معها وسننفذ ما تقتضيه مصلحتنا”.

– دور أميركا –

وشدد عبدي على ضرورة أن “يكون هناك دور لأميركا في سوريا، لا أن يتفرد الروس والآخرون بالساحة”، مضيفاً “من مصلحتنا أن تبقى القوات الأميركية هنا ليستمر التوازن في سوريا”.

وقال “إذا ترك التحالف الساحة لطرف واحد هو الروسي وآخرون، بالطبع سيكون لذلك تداعيات كبيرة ومن ضمنها إضعاف قوتنا وإضعاف وجودنا الإداري”، مضيفاً “ستخلق مخاطر جديدة، وكل هذا يتعلق بسحب القوات الاميركية في المنطقة”.

ولم يجد الأكراد حلاً أمام تخلي واشنطن عنهم سوى اللجوء إلى دمشق. وانتشرت الأسبوع الحالي وبموجب اتفاق مع الحكومة السورية برعاية روسيا، قوات النظام في مناطق عدة قريبة من الحدود التركية أبرزها مدينتا منبج وكوباني شمالاً.

واعتبر عبدي أن قوات سوريا الديموقراطية اضطرت لتقديم التنازلات بموافقتها على تفاهم “عسكري بدون اتفاق سياسي” لمواجهة الهجوم التركي.

وقال “اضطررنا ولحماية جزء من الأراضي السورية لإبرام مذكرة تفاهم مع النظام من دون أن يكون هناك جزء سياسي فيها. وهذا يعد نوعاً من التنازل”.

وشدد عبدي على أن الاتفاق محصور حالياً بمواجهة تركيا، ولا يعني أن قواته ستقاتل إلى جانب قوات النظام خارج مناطق سيطرتها.

وعن مستقبل تلك القوات، فقال “نريد أن تكون لها خصوصية كجزء من المنظومة العسكرية للدولة السورية، والخصوصية تعني أن تعمل في منطقة وجودها حصراً بالتنسيق مع الجيش السوري”.

المصدر: فرانس برس

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.