قرارات الائتلاف السوري… إصلاحات أم تصفية حسابات؟

31

رفضت بعض الشخصيات والكتل القرارات التي اتخذتها قيادة الائتلاف الوطني السوري المعارض، أمس الخميس، بإقالة وإقصاء كتل وأعضاء جدد من الائتلاف، واعتبرتها انقلاباً على الميثاق الداخلي، فيما تقبل آخرون هذه القرارات.

وقال محمد ياسين نجار، عضو “حركة العمل الوطني”، وهي بين الكتل التي جرى إقصاؤها، إن كتلته “تستمد شرعيتها من السوريين الذين ثاروا ضد الظلم والاستبداد، شخوصها حاربوا نظام الأسد منذ مجيئه للحكم، حُوربت في الائتلاف لوقوفها ضد أستانة وسوتشي والدستورية، ومنع أي تنازلات يمكن أن تتم عن حسن أو سوء نية”، مضيفاً، في تغريدة عبر “تويتر”، إن “هذه المواقف موثقة إعلامياً وعبر كتب مرسلة”.

وكان اللافت بيان صدر اليوم الجمعة باسم الائتلاف – تيار الإصلاح، هاجم بشدة قرارات الائتلاف الصادرة أمس على “يد فئة مرتهنة”، و”هو ما دعا شخصيات وطنية وأعضاء حاليين وسابقين في الائتلاف للاجتماع في إطار “الائتلاف الوطني السوري – تيار الإصلاح”، بهدف “وضع جميع السوريين في حقيقة ما يجرى، والعمل على حماية الثورة السورية من عملية انقلاب خطيرة تنفذها زمرة دخيلة على الصف الوطني”، وفق البيان.

وأضاف البيان، الذي يُعتقد أن عضو الائتلاف عن “حركة العمل الوطني” أحمد رمضان مسؤول عنه، أن من بين الأولويات الملحة اليوم “نزع الشرعية عن الفئة المتسلقة على شؤون الائتلاف، وانتخاب قيادة وطنية جديدة”، معلناً أن أعضاء “تيار الإصلاح” سيتوجهون إلى “الدول الشقيقة والصديقة” لـ”وضعهم بصورة ما يجري داخل الائتلاف، ورفض الفئة المهيمنة الانتقال إلى الداخل المحرر، وفضح الحكومة السورية المؤقتة وفسادها وعجزها عن خدمة السوريين”.

من جهته، أكد رئيس الهيئة الوطنية لشؤون المفقودين والمعتقلين ياسر الفرحان أن عضويته في الائتلاف انتهت بعد سنوات بذل فيها ما يستطيع لـ”أجل أهلي وشعبي ووطني”، مشيراً إلى أنه “سيستمر وفياً لقضيته في الثورة والعدالة، منحازاً للمعتقلين والضحايا، حتى إسقاط النظام ومساءلة المتورطين”. وأضاف، في تصريح لـ”العربي الجديد”، أنه و”الحراك الثوري” سوف يواصلون الالتزام بأهداف الثورة السورية في الحرية والعدالة، بغض النظر عما إذا كانوا في الائتلاف أم خارجه.

وكان الائتلاف قد أنهى في قرارات اتخذها، أمس الخميس، عضوية أربعة مكونات من هيكليته، كجزء من نظام جديد، وذلك بعد أيام من استبعاد مجموعة من أعضائه أيضاً.

وخلال اجتماعها الطارئ أمس الخميس، ناقشت الهيئة العامة في الائتلاف الإجراءات الداخلية الإصلاحية المتعلقة بالعضوية والنظام الأساسي، حيث أقرت بالغالبية النظام الداخلي الجديد، بعد “نقاشات معمقة مع مكونات الائتلاف، والقوى والمؤسسات الثورية والسياسية والعسكرية، وكان الإصرار فيها على إنجاز إصلاح حقيقي، وليس مجرد تعديل شكلي”، بحسب ما نشر “الائتلاف” عبر موقعه الرسمي.

ووافق أعضاء الهيئة العامة على زيادة تمثيل رابطة المستقلين الكُرد السوريين داخل الهيئة العامة، من مقعد واحد إلى ثلاثة مقاعد، إضافة إلى إنهاء عضوية أربعة مكونات من الائتلاف، وهي “حركة العمل الوطني”، و”الكتلة الوطنية المؤسسة”، و”الحراك الثوري”، و”الحركة الكردية المستقلة”، وصوّتوا على إبقاء كلّ من هشام مروة (الكتلة الوطنية المؤسسة)، ونصر الحريري (الحراك الثوري) كأعضاء مستقلين.

وكان الائتلاف قد أقال مطلع الشهر الجاري 14 عضواً من أعضائه، في إطار ما قال إنها خطط للإصلاح الداخلي.

إلى ذلك، أكدت جماعة “الإخوان المسلمين”، وهي من مكونات الائتلاف، في بيان لها عبر “فيسبوك” حذفته لاحقاً، أن الرأي العام الوطني في سورية فوجئ “كما فوجئت جماعتنا، بقرار صدر عن قيادة الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، بفصل بضعة عشر عضواً، بطريقة تمت خارج الأطر التنظيمية المتوافق عليها ضمن هذه المؤسسة الوطنية، المحكومة بنظام داخلي توافقي يُعتبر المرجع القانوني لكل المكونات أطرافاً وأفراداً”

ودعت الجماعة إلى “تدارك هذا الخطأ، ومراجعة هذا القرار وفق الأطر واللوائح التنظيمية المتوافق عليها، بما يريح الضمير الوطني، ويقطع الطريق على المتربصين”.

من جهته، قال الباحث السياسي وائل علوان، عبر حسابه في “تويتر”، إن “ما تسميه رئاسة الائتلاف إصلاحاً، يسميه المخرجون من الائتلاف انقلاباً، والحقيقة فإن ما يحصل هو نزاع بين الكتل والأعضاء على النفوذ والأصوات”. ورأى علوان أن “الائتلاف يحتاج إلى التغيير ضمن معايير وضوابط إعادة الإنتاج، وهو ما لا يمكن أن يجريه أعضاء الائتلاف أنفسهم”.

ولفت إلى أنه لا يمكن الوصول إلى إصلاح حقيقي في الائتلاف “إذا لم يُنظر لجميع الكتل والأعضاء بمعايير موضوعية قابلة للقياس، حيث السبب الذي أنهى تمثيل كتلة أو عضوية شخص، يجب أن ينسحب على جميع الكتل والأعضاء”، مؤكداً أن “الكفاءة السياسية، والولاء الوطني، والتمثيل السياسي، والتفاعل، والتأثير عوامل واجبة لجميع الأعضاء”.

ويرى البعض أن الأسباب الحقيقية وراء هذه القرارات “تصفية حسابات بين كتل ضمن الائتلاف”، حيث تحاول إحدى الكتل الهيمنة على قرار الائتلاف على حساب كتل أخرى.

ويتكون الائتلاف من مكونات عدة، هي “حركة العمل الوطني”، و”تيار المستقبل”، و”رابطة الكرد المستقلين”، و”التجمع الوطني”، و”رابطة العلماء”، و”الكتلة الوطنية”، و”المنظمة الآثورية”، و”حركة الإخوان المسلمين”، و”المجلس الوطني الكردي”، و”المجلس الوطني التركماني”، و”المجالس المحلية”، و”مجلس القبائل والعشائر”، و”الحراك الثوري”، و”التيار الوطني”، و”الكتلة العسكرية”، وكتلة المستقلين.

المصدر: العربي الجديد