«قروض الزلزال» عاجزة عن دعم المنكوبين في سوريا

ارتفاع سعر الصرف رغم تدفق المساعدات والحوالات المالية

26

حذّر خبير مصرفي سوري من أن سياسات مصرف سوريا المركزي المتعلقة بالقروض من شأنها الدفع نحو مزيد من التضخم، وقال الخبير والمستشار بالشؤون المصرفية عامر شهدا، في تصريح للإعلام المحلي، إن قرار «المركزي» بالسماح بمنح قروض، في الوقت الذي يشتري فيه حوالات بالقطع الأجنبي ويطرح كتلة نقدية من العملة السورية، يبدو وكأنه يسعى لرفع نسبة التضخم.

ولفت الخبير إلى أنه حتى اليوم تبدو سياسة «المركزي» هذه «غير واضحة للمجتمع وغير متناغمة مع متطلبات الوضع الاقتصادي، بدليل ارتفاع الأسعار من تاريخ حدوث الزلزال وحتى الوقت الحالي»، وفق ما نقلته جريدة «الوطن» المحلية القريبة من النظام. وأوضح شهدا أنه كي يطرح «المركزي» كتلة نقدية بالسوق مع شراء الحوالات، من المفترض «استخدام أداة من أجل امتصاص فائض الطرح من الكتلة النقدية تفادياً للتضخم وارتفاع الأسعار».

وشهدت الأسواق السورية موجة ارتفاع أسعار مخيفة، عقب الزلزال بنسبة تتراوح بين 30 في المائة و50 في المائة في مختلف أنواع المواد الغذائية، من الخبز إلى اللحوم والألبان والخضار والفواكه، مع اختفاء كثير من المواد بسبب تركز تدفق المساعدات إلى المناطق المنكوبة. وعلى الضد من التوقعات بتحسن قيمة الليرة، مع تدفق المساعدات الخارجية والحوالات، زاد سعر الصرف من 7000 ليرة للدولار الأميركي إلى 7400 ليرة. الأمر الذي فاقم معاناة السوريين المعيشية.

وكانت الحكومة في دمشق قد طرحت قروضاً لترميم المنازل المتضررة من الزلزال، بقيمة 18 مليون ليرة (2500 دولار) على فترة 6 سنوات تسدد على دفعات شهرية بقيمة 250 ألف ليرة كل شهر، بينما لا يتجاوز دخل المستفيد قيمة الدفعة الشهرية. وتتضح المعضلة في أن من يحتاج القرض فعلياً لا يمكنه الحصول عليه. ووصف الخبير الاقتصادي هذه القروض بأنها «عاجزة عن تأدية مهامها» ولا تناسب ظروف المواطن المعيشية والغلاء الحاصل. وأوضح أن قيمة القرض المحدد سقفها بـ18 مليون ليرة، وقياساً إلى دخل المنكوبين يظهر العجز عن سدادها. كما أن القروض الشخصية التي هي مليون ونصف المليون ليرة، لا تكفي للطعام، فكيف يمكن استخدامها للترميم؟ وأكد شهدا أن هذه القروض «غير مجدية ولن تشكل إلا مزيداً من الانعكاسات السلبية على الاقتصاد، منها ارتفاع نسبة التضخم بالسوق نتيجة طرح كتلة نقدية كبيرة».

وانتقد شهدا سياسات الحكومة في التعامل مع تداعيات كارثة الزلزال، بالقول: «اليوم ما زلنا في مرحلة الاستجابة للكارثة، ولم ننتقل بعد لمرحلة إيجاد حلول ووضع خطط للخروج منها، وهذا دليل على غياب الفكر المسؤول في وضع الحلول». داعياً الحكومة لإعطاء أرقام ومحصلات صحيحة ونهائية لحجم الأضرار والخسائر، وذلك من أجل بناء سياسات ومقترحات لحلول مستقبلية، حيث لا يمكن «وضع الحلول في ظل غياب البيانات»، لافتاً إلى محاولاته الكثيرة للحصول على عدد سكان سوريا حالياً.

يذكر أنه سبق لخبراء سوريين في جامعة دمشق أن قدروا الخسائر الأولية للزلزال بـ7 أضعاف الناتج المحلي، أي نحو 44.535 مليار دولار، مع الإشارة إلى أن الناتج المحلي الإجمالي لسوريا يبلغ 25 تريليون ليرة سورية، (أي ما يعادل 5.5 مليار دولار). وشملت التقديرات السورية للخسائر التي «وُضعت وفقاً للمعدلات الوسطية العالمية» الأضرار المالية، وتبلغ بمعدل وسطي تقديري نحو 19.750 مليار دولار، منها 5 مليارات خسائر المنازل المتهدمة، و7.5 مليار خسائر المنازل المتصدعة، و0.5 مليار دولار خسائر مؤسسات حكومية عامة، و6.75 مليار دولار خسائر البنية التحتية المنهدمة والمتصدعة. إضافة إلى «كلفة» الخسائر البشرية، وتقدر بنحو 20.785 مليار دولار، منها نحو 3.285 مليار دولار للإنفاق لمدة عام على نحو 3 ملايين فقدوا منازلهم، و10 مليارات خسارة خبرات علمية، و7.5 مليار دولار للجرحى ومن أصيبوا بعاهات دائمة.

فيما قدّر البنك الدولي أضرار الزلزال في سوريا بنحو 5.1 مليار دولار. وجاء في تقرير شامل سريع صادر مؤخراً أن حجم الأضرار والخسائر تقدر بحوالي 10 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وقد شملت الأضرار الواسعة النطاق 4 محافظات يعيش فيها نحو 10 ملايين من سكان البلاد. وكان لمدينة حلب (4.2 مليون نسمة) النصيب الأكبر من الأضرار التقديرية بنسبة 45 في المائة، أي نحو (2.3 مليار دولار)، تلتها إدلب (بنسبة 37 في المائة أو 1.9 مليار دولار)، واللاذقية (بنسبة 11 في المائة، أو 549 مليون دولار). ورجّح التقرير ارتفاع حجم الأضرار بمرور الوقت مع استمرار الهزات الارتدادية.

يشار إلى أن تقرير البنك الدولي لا يتضمن الخسائر الاقتصادية التي لحقت بالاقتصاد السوري في نطاقها الأوسع، مثل تعطل الإنتاج وأنشطة الأعمال، وفقدان الدخل، وتكاليف المساكن المؤقتة وتكاليف الهدم. وأكد المدير الإقليمي لدائرة الشرق الأوسط في البنك الدولي، جان كريستوف كاريه، على أن الزلزال تسبب في مضاعفة الدمار والمعاناة والمشقة التي يعاني منها الشعب السوري منذ سنوات، وأن الكارثة ستؤدي إلى تراجع النشاط الاقتصادي، ما سيؤثر بشكل أكبر على آفاق النمو في سوريا».

——————————————————–

المصدر: الشرق الأوسط

الآراء المنشورة في هذه المادة تعبر عن راي صاحبها ، و لاتعبر بالضرورة عن رأي المرصد.