قلق في دمشق من «فاتورة الكهرباء»… ومواد تخرج من قائمة الاستهلاك

23
تفاقم الأزمة المعيشية في مناطق الحكومة السورية
دمشق: «الشرق الأوسط»

تصاعد القلق في دمشق ومناطق سيطرة الحكومة، وسط توقعات بقفزة في «فاتورة الكهرباء»، بعد رفع أسعار مواد حيوية عدة أضعاف، على الرغم من الأزمة المعيشية الخانقة للغاية التي يعاني منها أغلبية الناس.
وفي غضون ذلك، يتواصل خروج كثير من المواد الغذائية البسيطة من قائمة استهلاك العائلات بسبب ارتفاع أسعارها، حيث يصل سعر الكيلو غرام الواحد من البطاطس حالياً إلى 3 آلاف ليرة، والبيضة إلى نحو 500 ليرة.
وإذ بدا الوجوم على وجوه أغلبية الناس، في الشوارع وأمام الأفران وأماكن العمل، تقول سيدة وهي تتبادل الحديث مع أقارب لها خلال زيارة عائلية: «كيف ستعيش الناس؟ كل الراتب صار ما يجيب جرتين (أسطوانتي) غاز بالكاد يكفوا الشهر»، وتضيف: «الحكومة بتعرف أحوال الناس، وأنو الناس ميتة بالحياة بسبب الفقر، وما خلو شي إلا رفعوا سعرو، الخبز والدواء والبنزين والماء، وفوق كل هذا كل يوم بطلع قرار بزيد من تعتير الناس وبهدلتها؛ العيشة صارت مستحيلة في البلد». وبعد تمهيد في وسائل الإعلام منذ أسبوعين، أصدرت «وزارة التجارة الداخلية وحماية المستهلك»، الأحد الماضي، قراراً حددت من خلاله السعر «الحر» لبيع أسطوانات غاز البوتان الصناعي للمستهلكين وجميع القطاعات، من خارج «البطاقة الذكية» سعة 10 كلغ منزلي بـ30 ألفاً و600 ليرة سورية، وسعة 16 كلغ صناعي بـ49 ألفاً. وأكدت الوزارة أن هذه الأسعار لا تطبق على أسطوانات الغاز الموزعة عبر «البطاقة الذكية»، البالغ سعر الواحدة سعة 10 كغ منزلي 4 آلاف ليرة.
ويشكو الأهالي في مناطق سيطرة الحكومة من تأخر وصول رسائل تسلم أسطوانات الغاز عبر «البطاقة الذكية» بسعر 4 آلاف ليرة لفترات تتعدى 100 يوم، على الرغم من أن الفترة المحددة من قبل الحكومة هي 23 يوماً بين كل فترة تسلم. ويقول لـ«الشرق الأوسط» مدرس ثانوي: «طول فترة التسلم يعني أنه لا يوجد غاز لدى الحكومة. ولكن مع القرار الجديد، فإن السؤال الذي يطرح: من أين ستأتي الحكومة بالغاز لبيع الأسطوانة بـ30 ألفاً؟»، ويضيف: «إذا توفر الغاز بـ30 ألفاً، فهذا يعني أن فترة التسلم عبر (البطاقة الذكية) بـ4 آلاف قد تصل إلى 200 يوم، وربما أكثر، وهذا ما حصل في مادتي السكر والأرز المدعومتين. فبعد طرح السكر بسعر «حر» بلغ 2200 للكيلوغرام في المؤسسات وهو متوفر، توقف منذ فترة بعيدة توزيعه بسعره المدعوم البالغ ألف ليرة».
القرار السابق جاء بعدما أصدرت الوزارة، السبت، قراراً حددت فيه سعر البيع للمنشآت الصناعية الخاصة والفعاليات التجارية والخدمية الخاصة من مادة المازوت الصناعي والتجاري الموزع من قبل الحكومة بسعر 1700 ليرة للتر الواحد، بعدما كان 650، فيما أبقت على سعر اللتر من مازوت التدفئة المنزلي 500 ليرة.
وقالت مصادر اقتصادية سورية، في تقارير نشرت بعد قرار رفع سعر المازوت، إن «رفع سعر الديزل بهذا الشكل سوف يرفع أسعار جميع أنواع السلع، إن كان لجهة التصنيع أو النقل، ما يزيد من الأعباء على السوريين».
وتشهد المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة منذ فترة بعيدة أزمة حادة بالمحروقات، خصوصاً الديزل والبنزين، حيث لم تتسلم أغلب الأسر كمية الـ50 لتراً التي حددت للتوزيع عليها عبر «البطاقة الذكية».
وفي ظل أزمة عدم توفر الكهرباء الخانقة، كشفت وسائل إعلام محلية، أمس، عن مذكرة رسمية حول رفع تدريجي للدعم عن مبيع الطاقة الكهربائية لمختلف القطاعات الاقتصادية، إضافة للشرائح العليا من الاستهلاك المنزلي التي يزيد استهلاكها على 1500 كيلوواط ساعي في الدورة الواحدة (شهرين)، بما يسهم في تحقيق تخفيض بالخسائر المالية لمؤسسات الكهرباء الناجمة عن الدعم المباشر، وتوفير السيولة المالية لاستمرار عمل المنظومة الكهربائية.
وتأتي قرارات الحكومة الجديدة على الرغم من الأزمة المعيشية الخانقة للغاية التي يعاني منها أغلبية الناس، والتي تعد الأسوأ خلال سنوات الحرب، نتيجة تواصل ارتفاع عموم الأسعار بشكل غير مسبوق، واستمرار فقدان مداخيل العائلات الشهرية جزءاً كبيراً من قيمتها بسبب الانهيار القياسي لسعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي الذي يسجل حالياً نحو 3500 ليرة، بعدما كان بين 45 و50 ليرة في عام 2010.
وتزداد مشكلة الجوع في مناطق سيطرة الحكومة، إذ باتت أغلبية المواطنين تعيش أوضاعاً معيشية مزرية للغاية بسبب الارتفاع الجنوني للأسعار، خصوصاً المواد الغذائية، حيث ارتفعت أكثر من 80 مرة، بينما لا يتعدى متوسط الراتب الشهري لموظفي القطاع العام 25 دولاراً، وموظفي القطاع الخاص 50 دولاراً، بعدما كان راتب الموظف الحكومي قبل سنوات الحرب نحو 600 دولار.

 

المصدر: الشرق الأوسط