كأس «داعش» و «مسرحية» شمخاني

14

32389563242443_mainimg

أول أهداف تنظيم «داعش» في المعركة الطاحنة على عين العرب (كوباني)، إخضاعها لإبلاغ الأميركيين ان التحالف الغربي- العربي لن يقوى على تدمير التنظيم ولا «خلافته»… ولإبلاغ الأكراد أن تحالفهم على جانبي الحدود السورية- التركية ليس الورقة الكافية لتغليب كفّتهم في المواجهة الطويلة، في سورية والعراق.

 

 

ويملك «داعش»، إلى نهج الإخضاع بالقتل والترويع، ورقة أخرى ثمينة، كلما كررت واشنطن على مسامع الغربيين والدول العربية الحليفة أن لا حاجة للمبالغة وبناء آمال على أوهام حسم سريع للحرب على «داعش». هكذا تريد الولايات المتحدة رهاناً على «صبر استراتيجي»، لم تنصح به وزارة الخارجية الأميركية، بل البنتاغون!

 

 

والمثير في الفصل الأول من معركة القضاء على «الدولة الإسلامية» و «سرطانها» الذي يريد الرئيس الأميركي باراك أوباما استئصاله، أن يلتقي الحلف البارد بين واشنطن وأنقرة، والصراع الصامت على النفوذ بين تركيا وإيران، عند المفصل الرافض لبيع «الأوهام»… ولكن لكل طرفٍ حساباته.

 

 

واشنطن في ظل انهماك إدارة أوباما بحسابات الربح والخسارة في معركة التجديد النصفي للكونغرس، تطمح إلى أن يمحو دوي القصف على مواقع «داعش» سمعة العجز والتردد التي وسمت الإدارة الديموقراطية. لكنها في المرتبة الأولى لن تتخلى عن نهج «الصبر الاستراتيجي»، وما يعنيه من إنهاك طويل لقدرات «داعش» و «جبهة النصرة»، بوتيرة تستجيب ما يتطلبه تدريب المعارضة السورية المعتدلة كي تكون جاهزة لملء الفراغ، وتدريب الجيش العراقي لكي يصبح مؤهلاً لمنع فضيحة مماثلة لسقوط الموصل.

 

 

وإذا كانت أنقرة تريثت كثيراً إلى الحد الذي راكم شبهات حول دورها في تسهيل عبور المقاتلين المتطرفين الأجانب، إلى سورية فالعراق، فتجاوبها مع ضغوط الإدارة الأميركية للحاق بقطار التحالف، تريد ثمناً له يتجاوز حجز مقعد خلفي في الحرب على «داعش». فتركيا القلقة من اقتراب التنظيم إلى حدودها، وضرباته على عين العرب، تعتبر أنها قادرة على حسم هذه المعركة بإرسال قوات إلى الأراضي السورية، شرط إقامة منطقة عازلة هناك، يحميها جنود أتراك وطائرات التحالف.

 

 

الرئيس رجب طيب أردوغان قد يعتبر أن تركيا «العدالة والتنمية» ردت على عدم اكتراث الغرب ببقاء نظام الرئيس بشار الأسد، باتباعها «النأي بالنفس» عن الخطوط الخلفية للمتطرفين والتغاضي عن ممرات عبورهم الى سورية. وما تريده حكومة أحمد داود أوغلو اليوم، هو شق بداية الطريق لإطاحة النظام السوري، انطلاقاً من بوابة المنطقة العازلة.

 

 

واشنطن تنصح بـ «الصبر الاستراتيجي» وتقر بأن من الوهم توقُّع الانتصار على «داعش» بالحملة الجوية وحدها. أنقرة تعتبر أن القصف الجوي لا يكفي، وأن المحك على الأرض، وبين تركيا وأميركا، لا ترى إيران في الجو إلا «مسرحية التحالف».

 

 

ولكن، هل تخفي نبرة الأمين العام لمجلس الأمن القومي الإيراني علي شمخاني في بيروت ودمشق، مرارة علقم تتجرعه طهران: عالقة في قفص المفاوضات النووية، لا هي قادرة على استكمالها ولا تستطيع وقفها أو المقايضة على اتفاق بشروطها، شقه الآخر في العراق وسورية.

 

 

والوجه الآخر لمهمة شمخاني في دمشق، بعدما كال ما تنضح به كأس المرارة، إثر استبعاد طهران من التحالف، وحملته العنيفة عليه بوصفه «موبوءاً» و «مسرحية»، ان المسؤول الإيراني اجتهد لتقويم زلّة النظام السوري الحليف الذي ناور لحسابه الخاص، حين رحّب بالغارات الأميركية على مواقع «داعش» السورية. فإذا بالفرع يعود إلى اللغة الأصل، بتجديد الحملة على الذين «يغذّون الإرهاب» في المنطقة.

 

 

دمشق المنفصلة عن الواقع تذكّرت ان طهران لم تلتحق بقطار التحالف بعد، فيما إيران تتناسى أن حلفاءها في بغداد هم الذين استنجدوا بـ «المسرحية».

 

 

في واشنطن رهان على الصبر «الذكي» في أنقرة وطهران المحك على الأرض. «داعش» المشتت يخيف أكثر، وشمخاني حين يأنف الاستبداد، لا يرى في الجو إلا حمائم سلام يطلقها النظام السوري، وبراميل لري حدائقه.

 

 

شمخاني يشكو غياب «المسوّغ الأخلاقي والإنساني» للتحالف ضد «داعش»… لعله يرى بُعداً إنسانياً في إبادة النظام آلاف العائلات السورية ببراميل المتفجّرات.