كوباني أو المعركة ضد الهمجية

31

صحّت دقة وصوابية الخيارات والقراءات الاستراتيجية لثورة روج آفا-غرب كردستان (كردستان سورية) بقيادة حركة المجتمع الديموقراطي TEV –DEM وذراعها السياسي حزب الاتحاد الديموقراطي PYD حيال مجمل المشهد السوري والاقليمي، سيما تحذيرها منذ البدء من أخطار ثالوث أسلمة الانتفاضة ضد النظام وتطييفها وعسكرتها وما فرزه ذلك من طغيان الجماعات الاهابية على اختلاف تلاوينها وصولاً الى خلافة «داعش» سليلة «القاعدة» وطورها النكوصي التوحشي الذي جعلها شغل العالم الشاغل لدرجة اعلان حرب دولية ضد إرهابها.

ولئن كان «داعش» يحظى بدعم قوى اقليمية وربما دولية، فهذا المسخ الارهابي سرعان ما خرج عن السيطرة، حاله حال التنظيم الارهابي الأم، «القاعدة»، وبات لديه مشروعه وطموحه الامبراطوري.

تكفي الاشارة الى أننا في مطلع الألفية الثالثة بات لديـنـا خــلافـة وأميـر مؤمنين وارتـداد الى عـصور العبودية والاستـــرقاق وبـيـع النــساء وقــطع الرؤوس.

وكان لغرب كردستان شرف محاربة هذا السرطان الارهابي منذ أكثر من عامين، إثر بدء هجمات تلك المجاميع الارهابية وبخاصة «النصرة» و «داعش» على الكرد في سورية وبدفع من جهات معادية للقضية الكردية في مقدمها أنقرة. فروج آفا مثلت خندق الدفاع الأول عن كل أجزاء كردستان والمشروع الديموقراطي الحضاري السوري ككل، فضلاً عن أنها رأس حربة الحرب العالمية على الارهاب الدولي.

في المقابل فالمستهدف الأول من قبل الجماعات الارهابية تجربة روج آفا الديموقراطية، حيث ما فتئت تلك العصابات القاتلة تحاول احتلال مناطقها وتدمير نموذجها، مرة عبر جبهة النصرة ومرة عبر الكتائب الاسلامية المختلفة. ففي غزو سري كانيه (رأس العين) شارك نحو خمسين كتيبة ارهابية، وتكلل المجهود الحربي الارهابي ضد الكرد في حرب كوباني منذ أشهر. فهي تضع فيها كل ثقلها لفصل كوباني عن بقية كانتونات روج آفا والتلاعب الديموغرافي والجغرافي بتركيبة غرب كردستان، وبالتالي اجهاض تجربتها في الادارة الذاتية والتي قامت بديلاً من الخيارين العدميين: النظام الديكتاتوري والبديل الظلامي الاسلاموي.

والعالم الذي اكتشف للتو خطر «داعش» حري به أكثر فأكثر دعم مقاومة كوباني الأسطورية ومجمل تجربة ادارتها التي سيخلدها التاريخ كملحمة مقاومة ولصمود، ومقبرة للفاشية الدينية في قرننا.

هكذا تمكنت مقاومة كوباني من أن تدوّل القضية الكردية في سورية وحولت الكرد لاعباً رئيساً ورقماً وازناً في المعادلة السورية والاقليمية حتى أنها غدت المانشيت الرئيسي والخبر الأول في مختلف وسائل الاعلام العالمي وعلى رأس أجندة دوائر صنع القرار الدولي. هكذا أسمى الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند كوباني المدينة – الرمز، فيما أصابت الهستيريا داعمي داعش وظهرت تصريحات متشنجة للرئيس التركي أردوغان. وهذا كله ينعكس ايجاباً على صعيد الانفتاح والتعاطي الدوليين مع تجربة روج آفا.

 

الكاتب : شيرزاد اليزيدي

المصدر : جريدة الحياة اللندنية