لبنان لم يذهب إلى الجحيم واللاجئون السوريون جزء من قصة نجاته

33

قال  ألفارو فارغاس لوسا، الباحث في المعهد المستقل بأوكلاند في كاليفورنيا، إنه زار لبنان وقضى فيه عدة أسابيع، والتقى مع ساسته ورجال أعماله وممثلي المنظمات الدولية، وتوصل إلى أن لبنان لم ينته بعد، ولم يسقط في الهاوية.

وفي مقال نشره موقع “ذي هيل” قال الكاتب: “لو تابعت الأخبار في السنوات الأربع الماضية، لربطت لبنان بالجحيم”، فهو يعاني من أزمة مالية نابعة من الفوضى السياسية والاقتصادية في 2019، وتبعها وباء كورونا وانفجار مرفأ بيروت في 2020 الذي دمر أجزاء من العاصمة، والآن “غياب الخدمات الأساسية” وعدم وجود حكومة حقيقية بعد عام على الانتخابات. فنظام المحاصصة الطائفية والجماعات السياسية المتنافسة، جعلت من الصعوبة بمكان استبدال حكومة تصريف الأعمال.

يحدث كل هذا وسط هجرة جماعية للشباب، فهناك أكثر من 200 ألف لبناني غادروا البلد ما بين 2020-2021. إلى جانب توترات متزايدة بسبب وجود حوالي 1.5 مليون لاجئ سوري، يخشى الكثيرون أنهم سيغيّرون طابع البلد السكاني والطائفي. وشهد لبنان خلال أربعة أعوام، انكماشا في مجمل الناتج المحلي بنسبة 70%، وتضخما بثلاثة أرقام، وغياب إشارات الإصلاح بعدما وضع صندوق النقد الدولي شروطه لتقديم قرض بـ3 مليارات دولار.

ويضيف الكاتب أنه قضى عدة أسابيع متجولا في البلد، وتحدث إلى المسؤولين الحكوميين والقادة السياسيين وممثلي الأمم المتحدة والدبلوماسيين الأجانب ورجال الأعمال والأكاديميين، ويقول: “توصلت إلى أن لبنان، في الحقيقة، لم يذهب إلى الجحيم، وأن هذا للمفارقة، أكبر عقبة للهزّة التي يحتاجها من أجل استعادة ازدهاره القديم وقيادته الثقافية في الشرق الأوسط”.

وبعيدا عن المرونة الخرافية التي يتمتع بها شعب لبنان، هناك ثلاثة أشياء أسهمت في نجاة لبنان، الأول هو المساعدات الخارجية وتحويلات العاملين اللبنانيين في الخارج، والتي تصل إلى 6 مليارات دولار في السنة. ويساعد المال في الحفاظ على مستوى من الاستهلاك، ويفتح فرصا للنخبة الاقتصادية للاستثمار على أمل حدوث بعض الطلب على منتجاتهم وخدماتهم. ويحصل بعض المستثمرين على المال، مع أن السياق الكارثي مفهوم.

السبب الثاني، وهذه مفارقة، هم اللاجئون السوريون الذي يقومون بالمهام الضرورية التي لا يرغب اللبنانيون في القيام بها. وأخيرا هناك الخروج الكبير للبنانيين، عدد كبير منهم من المتعلمين الذين توجّهوا إلى دول الخليج وفرنسا وغرب أفريقيا، وساعدت هذه المأساة على تخفيف الضغط في المدى القصير.

فلطالما غذّى اللاعبون الخارجيون، العنفَ السياسي في لبنان، والذين يهتم حلفاؤهم اللبنانيون بما يريده رعاتهم في الخارج أكثر مما يريدون تحقيقه هم لبلدهم. فالعداء بين السعودية وسوريا، وبين السعودية وإيران، كان عاملا في عدم الاستقرار خلال السنوات الأخيرة. ولا ننسى المواجهة بين إسرائيل وإيران في سوريا، وبين حزب الله، الشريك الإيراني القوي في لبنان. إلا أن السعودية وسوريا وإيران تحركت في الفترة الأخيرة باتجاه تحسين العلاقات، ومن المفارقة أن هذا جاء بثمن للبنان.

فمن خلال إزاحة  بعض المخاوف والضغوط من على اللاعبين الرئيسيين في الدراما اللبنانية، فإن هذا الانفراج النسبي بين اللاعبين الأقوياء في المنطقة، يثني وبشكل متناقض لبنان عن متابعة الإصلاحات المطلوبة، والتي يجب عليه القيام بها لتحرير النظام القائم على الطائفية من القومية الاقتصادية والرعاية والامتيازات التي تقع في أصل مشاكل هذا البلد.

وهناك قلة من اللبنانيين يعتقدون أن السلام العالمي سيساعدهم على الخروج من الحفرة. وفي عام 2019، خرج اللبنانيون إلى الشوارع فيما عرفت بثورة أكتوبر لشجب النظام الذي دمّر الطبقة المتوسطة. وما بدأ كثورة ضد الأزمة الاقتصادية التي هندسها المصرف المركزي، وجعل الحكومة تعيش على موارد أبعد من قدراتها لوقت طويل، تحول إلى تصادم للمصالح السياسية والمالية والتجارية.

وبعد أربعة أعوام، لم يتغير الكثير، ولكنّ الناس نجوا. وفي الوقت الحالي، يبدو أنهم منشغلون بالبحث عن مصدر معيشة لمواصلة القتال.

المصدر: جريدة القدس العربي