لمن يقرع جرس القلمون؟

33

3533502army

آلة بشار الأسد الإعلامية، ومعها آلة حزب نصر الله، وإيران بالطبع، وبقية «الممانعين» تهتف وتقرع الطبول جذلا بنصر (يبرود) الأخير.

حفلة مفهومة، فمعركة يبرود، عاصمة إقليم القلمون – تحدر منه الرمز الإسلامي الكبير محمد رشيد رضا – تعتبر نقلة نوعية في موازين الحرب بين نظام بشار برعاية إيران، ومساهمة حزبها في لبنان، وميليشياتها في العراق، والمعارضة تميل الآن لصالح هذا المعسكر.

أهمية هذا النصر تأتي من أهمية موقع المعركة ودلالاته في الجغرافيا السياسية.

سلسلة جبال القلمون مكان حيوي، والسيطرة عليه تمنح الطرف المسيطر نقاط تفوق وقوة، خصوصا إذا ما أخذنا بالاعتبار المشاعر الطائفية العميقة التي تتحكم بهذه الحرب لدى جماعة الحلم الشيعي الكبير في طهران، نحن هنا، لو تحقق حلمهم، سنكون أمام «شيعة ستان الغربية» كما سمعت من أحد الأذكياء في لبنان، متذكرين أن إيران هي «شيعة ستان الشرقية» وعراق نوري المالكي هو «شيعة ستان الوسطى» وجنوب نصر الله وبقاعه وهرمله هو «شيعة ستان الجنوبية».

هذا لو كانت يبرود نهاية المطاف، لكن من قال ذلك؟

لا شك أن معركة يبرود تحسب للمخطط الإيراني ومن معه، وهي كما تحسب لهذا المعسكر، تحسب على الطرف الآخر، خاصة قوى المعارضة السورية التي تتنازع على جلد الدب قبل سلخه، وعلى القوى العسكرية داخل سوريا، مع أنه يجب ألا نقسو كثيرا على الفصائل السورية «الوطنية» المقاتلة، مع وجود دولة خليجية تزعم أنها متعاطفة مع الشعب السوري، وهي تدعم جماعات مدمرة لحلم الشعب السوري كداعش والنصرة.

كما تحسب يبرود أيضا على أميركا والغربيين، وعلى الحواضن العربية لثورة سوريا.

يحدثنا أحد أبناء يبرود، وهو حسين عبد العزيز في مقالة بـ(الجزيرة نت) عن مغزى هذه المعارك، فالقلمون شريط بطول نحو 120 كلم ومساحة 25 ألف كلم مربع يحده من الغرب جبال لبنان ومن الشرق الطرق المؤدية لبادية الشام، يعتبر هذا الإقليم القاعدة الخلفية وخزان الإمداد الرئيسي بالرجال والسلاح لدمشق وريفها وللمنطقة الوسطى في سوريا (حمص وريفها) ولمناطق في البادية شرقا.

لكن، حسب كاتبنا اليبرودي، فإن إقصاء يبرود عن مسرح الحرب مع النظام الأسدي صعب بوجود أكثر من خمسة آلاف مقاتل، مع طبيعة جغرافية صعبة تمثلها جبال القلمون الشاهقة.

ومع هذا الكلام، فهي معركة حساسة كسبها معسكر إيران، لا ريب. غير أنه نصر سيشعل نارا أكبر منه، ومن بشار ونصر الله وخامنئي والمالكي، وما يتوهمه أوباما من جدوى التحالف أو «التفاهم» مع الخصم «العاقل» إيران، كما هي شنشناته الأخيرة. هذا نصر سيعمق الحرب السنية الشيعية، أقله في بلاد الشام والعراق، حينا من الدهر.

من يقرأ عن القلمون ويبرود في تاريخ الحروب الصليبية وما بعدها إلى اليوم، يدرك كيف أنها تقع على عصب حساس للذاكرة والهوية، عصب سريع التهيج.

هل يوقظ جرس يبرود من أخذته سنة من النوم أو ألهاه الضجيج في نوافل الأمور؟

مشاري الذايدي

القدس العربي