مؤتمر “عودة اللاجئين” في دمشق: روسيا تسعى لإيصال رسالة جديدة للمجتمع الدولي وسط استنكار واستهزاء من قبل المواطنين المتواجدين في الداخل والخارج

60

يبدو أن رئيس النظام السوري بشار الأسد، تناسى جميع الأزمات التي تعيشها مناطق نفوذ نظامه، انطلاقاً من صعوبة بالغة بتأمين مادة الخبز والمحروقات وصولاً إلى شح فرص العمل والغلاء الفاحش فضلاً عن انعدام الأمن والأمان، والتي تحرم المواطن السوري هناك من أبسط حقوقه المعيشية ضمن “وطنه”، ليقوم بعقد مؤتمر برفقة حليفه الروسي حول “عودة اللاجئين” إلى سورية.

فمع صباح اليوم الأربعاء توافدت وفود من دول الصين وروسيا وإيران ولبنان والإمارات وباكستان وعمان إلى “قصر المؤتمرات” بالقرب من مطار دمشق الدولي، للمشاركة في مؤتمر عودة اللاجئين المتواجدين في دول الجوار وأوربا ودول أخرى، فيما غاب عن المؤتمر معظم الدول التي تحتوي على اللاجئين السوريين.

وأطل الأسد عبر تقنية الفيديو مفتتحاً كلمته بشكر كبير لروسيا وإيران، متحدثاً حول المؤتمر والصعوبات التي تعيق عودة اللاجئين واصفاً الأمر بأنه “قضية إنسانية” بالنسبة لنظامه، قائلاً ” إن الغالبية الساحقة من اللاجئين يريدون العودة إلى وطنهم، لكن هناك ضغوط عليهم من أجل عدم العودة، مضيفاً ” إن العقوبات الاقتصادية اللاشرعية والحصار المفروض من قبل النظام الأمريكي وحلفائه تعيق جهود مؤسسات الدولة السورية التي تهدف لإعادة تأهيل البنية التحتية للمناطق التي دمرها الإرهاب “.

وتناسى الأسد مرة أخرى أن نظامه وقواته برفقة حلفاءه الروس والإيرانيين هم المسبب الأول بتهجير المواطنين ودفعهم للنزوح واللجوء، فالواقع مغاير تماماً لإدعاءات النظام السوري وحلفاءه، حيث أن طائرات نظام بشار الأسد الحربية والمروحية، شنت وفقاً لإحصائيات المرصد السوري وتوثيقاته، أكثر من 220 ألف ضربة جوية منذ انطلاقة الثورة السورية 2011، متسببة باستشهاد 26403 شهيد مدني هم:: 16652 رجلاً وشاباً، و5967 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و3784 مواطنة فوق سن الـ 18.

على المقلب ذاته، فإن الراعي الرسمي لمؤتمر عودة اللاجئين “روسيا”، عمدت خلال 61 شهراً من عمر دخولها على خط العمليات العسكرية في سورية، أي منذ أيلول / سبتمبر 2015، إلى قتل 8661 مواطن مدني بقصف لطائراتها، وهم، 2098 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و1317 مواطنات فوق سن الثامنة عشر، و5246 رجلاً وفتى.

كما أن المرصد السوري لحقوق الإنسان رصد نحو 730 حالة اعتقال لنازحين ولاجئين عادوا إلى الأراضي السورية بعد أن ضاق بهم الحال في دول اللجوء ومناطق النزوح، إلا أن أجهزة الأمنية أبت إلا وأن تعتقلهم للتحقيق معهم وأبقت على 58 منهم قيد الاعتقال بتهم وذرائع مختلفة، فيما يتعرض الكثير من المفرج عنهم لاستجوبات دورية واستدعاء إلى أفرع الأمن.

وعلى ضوء المؤتمر المزعم، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي تعليقات ساخرة من قبل اللاجئين والنازحين أو من الأشخاص المتواجدين ضمن مناطق النظام السوري، ورصد المرصد السوري بعضاً من تلك التعليقات من قبل اللاجئين والنازحين السوريين وجاء فيها ” لا عودة قبل رحيل الأسد ونظامه، بأي عين عم تطلبوا نرجع بعد ما خربتوا البلد وما قادرين تأمنوا طلبات الشعب الموجود وحارمينه من أبسط حقوقه، رغم كل المصاعب والمشاكل اللي عم نواجها بدول اللجوء بتضل أرحم من حكمكم”، أما الرواد ضمن مناطق النظام السوري، فعلقوا على المؤتمر “لا ترجعوا مشان الله نحن جايين لعندكم، العيشة ما بتنطاق لا كهربا ولا خبز ولا بنزين والأسعار كلها نار ورواتبنا ما بتكفينا أيام”.

إننا في المرصد السوري لحقوق الإنسان، وعلى الرغم من استمرار روسيا في إطلاق الإدعاءات والأكاذيب حول الوضع السوري ومحاولاتها إرساء حلول وفق مقتضيات مصلحتها، وسط استمرار المجتمع الدولي في صمته وصمِّه لآذانه، والتعامي عن هذه المجازر والجرائم المرتكبة بحق المواطنين من أبناء الشعب السوري، من قبل روسيا وإيران والنظام السوري، نسعى لتوجيه رسالة إلى المجتمع الدولي، محملة بأوجاع وآلام وصرخات أبناء الشعب السوري، الراغبين في الوصول إلى دولة الحرية والديمقراطية والعدالة والمساواة، وإحالة المجرمين إلى المحاكم الدولية المختصة، كي ينالوا عقابهم.