ما هي نتائج “الجبهات” السبع التي يواجهها النظام السوري؟

25

396171941343024991_syriaيقاتل النظام السوري على سبع “جبهات” في آن واحد، فالمسألة لم تعد مجرّد تظاهرات مندّدة بالنظام، كما حصل عند إنطلاق الأحداث ميدانياً في 15 آذار من العام الماضي، بل “حرباً” مفتوحة على أكثر من “جبهة”، أي سياسية وإقتصادية وعسكرية وأمنية وغيرها، فما هي هذه “الجبهات” بالتحديد؟ وما هي نتائجها حتى اليوم؟

أولاً: “جبهة” الضغوط السياسية والدبلوماسية من أغلبية الدول العربية ومن كثير من الدول العالمية. وهي حقّقت نتائج مهمّة على صعيد عزل النظام السوري عالمياً، لكن من دون نتائج حاسمة نتيجة نجاح الدول المعدودة التي تساند سوريا بالتعويض عن هذا العزل، من خلال إستخدام حق النقض (فيتو) لعرقلة قرارات الأمم المتحدة، ومن خلال مدّ دمشق بالدعم المادي الملموس أيضاً. وعلى خطّ مواز، لم تبلغ الإنسحابات الدبلوماسية والسياسية من بنية النظام السوري، حداً خطيراً بعد.

ثانياً: “جبهة” الضغوط الإقتصادية – المالية من خلال إنعدام الإستثمارات الجديدة، وكذلك إنعدام السياحة، وتحمّل كلفة العمليّات العسكريّة. وهذا الأمر أسفر عن إنهيار جزئي للعملة السورية في مقابل العملات الأجنبيّة، وعن تراجع الإحتياط المالي السوري من العملات الأجنبية إلى الحد الأدنى، وعن إزدياد البطالة أيضاً، لكن من دون الوصول إلى مرحلة العجز عن دفع رواتب الموظّفين والعسكريّين، ولا إلى مرحلة العجز عن تسديد الديون والمستحقات للخارج.

ثالثاً: “جبهة” التفجيرات المتنقّلة والتي تشمل العاصمة دمشق كما غيرها من المدن والبلدات السورية، الأمر الذي يوقع قتلى وجرحى ودمارا ماديا كبيرا. والأهم من سقوط الضحايا في صفوف المدنيّين، إستهداف البنية العسكرية السورية، من مقرّات إلى أفراد وضبّاط. ولا ننسى التأثير المحبط للمعنويّات التي تسبّبها الإنفجارات، خاصة عندما تكون في قلب دمشق. لكن هذا الأمر غير كاف وحده لإسقاط أي نظام، على الرغم من الخسائر الجسيمة التي يسبّبها، وعلى الرغم من الأثر المعنوي الكبير الذي تُحدثه هذه التفجيرات التي تزداد عنفاً ودقّة وعدداً!

رابعاً: “جبهة” العمليات العسكريّة التي ينفّذها أكثر من طرف في الداخل السوري، نتيجة تشابك مصالح محلّية وإقليميّة ودوليّة لإسقاط نظام دمشق، وهي تُترجم هجمات على مواقع الجيش السوري، ومحاولات سيطرة على أكثر من منطقة وبلدة. لكن نتائج هذه العمليّات لم تؤدِّ إلى قلب لموازين القوى حتى الساعة، نتيجة عدم تواصل المناطق الخاضعة للقوى المعارضة السورية من الناحية الجغرافية، ونتيجة بُعدها عن المراكز الحيويّة الحسّاسة للدولة السورية، مع تسجيل بعض النجاحات اللافتة للمعارضة في أكثر من منطقة أثبتت قدرتها على الصمود في وجه الآلة العسكرية المنظّمة للجيش السوري.

خامساً: “جبهة” الإغتيالات التي تطارد كل قادة النظام السوري، وكل السلك العسكري الذي لا يزال موالياً للنظام في دمشق. ولا شك أنّه باستثناء التفجير الذي إستهدف مبنى الأمن القومي السوري في دمشق في تمّوز الماضي، وأسفر عن مقتل عدد من كبار القادة السوريّين، فإنّ كل عمليّات الإغتيال الأخرى كانت فرديّة ومحصورة بعدد من الضباط من مختلف الرتب. وبالتالي، لا أثر مدمّر لعمليّات الإغتيال، وإن كانت أدخلت الخوف إلى قلب كل مسؤول عسكري أو سياسي يقف بصف النظام السوري، من دون أن تؤدّي إلى تزايد كبير في عدد المنشقّين العسكريّين المقدّرين بنحو أربعين ألفاً بالحد الأقصى.

سادساً: “جبهة” ضرب المطارات العسكريّة، وهي تكتيك تعتمده المعارضة السورية، في محاولة منها لسحب ورقة التفوّق الجوّي من يد النظام السوري. لكن الطائرات والطوّافات في المطارات الرئيسة ما زالت محصّنة جيّداً، حيث أنّ الضربات التي تمكّنت المعارضة من تسديدها حتى اليوم إستهدفت بعض المطارات الثانوية.

سابعاً: “جبهة” العمليّات الحدوديّة، وهي من أصعب “الجبهات” التي يواجهها النظام، كونها تتطلّب عدداً كبيراً من الوحدات العسكرية لحمايتها، الأمر الذي يستوجب إضعاف التعزيزات في العمق السوري. وبمجرّد عدم تحصين أي من المراكز الحدودية، من الملاحظ أنّ المعارضة السورية تسارع للهجوم عليه، باعتبار أنّ كل مركز حدودي يقع بيد المعارضة هو بمثابة نافذة دعم لوجستي من الخارج إلى الداخل السوري. ويمكن القول إنّ هذه “الجبهة” هي الأضعف حالياً بالنسبة إلى الجيش السوري الذي يسعى جاهداً لعدم السماح بتمدّد القوى المعارضة المسلّحة في المناطق الحدوديّة، وهو نجح في تحقيق ذلك في عدد من الأمكنة وفشل في أخرى.

في النهاية، صحيح أنّ “المعركة” في كل “جبهة” من هذه “الجبهات” على حدة لم تسمح للمعارضة السورية بالوصول إلى مرحلة الحسم النهائي، لكن الأصحّ أنّ من شأن إجتماع كل هذه “الجبهات” في آن واحد، كما هو حاصل حالياً، أن يرهق النظام السوري، وأن يستنزف قواه على الصمود إلى حد كبير.

“ناجي س. البستاني”

المصدر: النشرة