مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى دمشق: لم نعد نقرر مصير «اليرموك»

33
فيما تراجعت حدة الاشتباكات داخل مخيم اليرموك بين مقاتلي تنظيم داعش ومقاتلين فلسطينيين يدافعون عنه، أكد مبعوث الرئيس الفلسطيني إلى دمشق عضو اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير أحمد مجدلاني، أن حل الأزمة في مخيم اليرموك لم يعد قرارا فلسطينيا، وإنما هو قرار بيد النظام السوري. وجاء هذا في وقت دعا فيه بيير كرينبول رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) من دمشق أمس، إلى إيجاد ممر آمن لمن يرغبون في مغادرة المخيم.
وقال مجدلاني لـ«الشرق الأوسط» إن «داعش» أعاد تموضع قواته في المخيم أمس. ورفض مجدلاني ما سماه التمييز بين «داعش» وتنظيمات أخرى متطرفة، قائلا إن «جميع التنظيمات المتطرفة بما فيها جبهة النصرة، تعمل لصالح (داعش) في اليرموك»، مضيفا: «جميعهم دواعش، والآن هم يعيدون تموضع قواتهم والاشتباكات جارية».
ويقاتل فلسطينيون من أكناف بيت المقدس ومنشقون عن حركة فتح وتنظيم يدعى «الصاعقة» وقوات تابعة للجبهة الشعبية القيادة العامة، وتجمع اللجان الشعبية، وقوات من النظام، مقاتلي «داعش» في اليرموك.
ولا تشارك منظمة التحرير أو حركة حماس بشكل مباشر في القتال.
وقال مجدلاني إنه لا توجد قوات للمنظمة في سوريا حتى تقاتل في اليرموك، مضيفا: «نحن حرصنا على تجنيب المخيمات الانخراط في أي صراع، لكن (داعش) غيّر المعادلة».
وردا على سؤال حول وجود أي توجه لمنظمة التحرير للتدخل لحماية المخيم عسكريا أو طرح أي حلول هناك، قال مجدلاني: «بصراحة لم نعد طرفا يقرر.. الدولة السورية ومن معها من حلفائها، بما في ذلك المنظمة، هم الذين يقررون».
وأضاف: «بشكل واضح، الذي يحدث الآن يمس أمن دمشق، وبالتالي إذا قررت التدخل فلن تستأذن من منظمة التحرير».
وتعكس أزمة مخيم اليرموك حجم الخلافات الفلسطينية الواسعة في التعامل مع القضايا ذات الأهمية الكبرى. وطلب رئيس المجلس الوطني الفلسطيني سليم الزعنون أمس من اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير سرعة الاجتماع ووضع خطة عاجلة للتعامل مع كارثة اليرموك، مشددا على «ضرورة الإسراع في حمايته والدفاع عنه وعدم تركه وحيدا بين أنياب المجرمين من تنظيم داعش المجرم».
دعوة الزعنون للتدخل في اليرموك جاءت بعد يومين من رفض منظمة التحرير أي تدخل عسكري في المخيم من أي جهة كانت.
ويخالف موقف المنظمة ما أعلنه مجدلاني من دمشق، كما يخالف توجهات أحزاب فلسطينية موالية للنظام السوري، وأهمها الجبهة الشعبية – القيادة العامة، التي اتهمت المنظمة بعد ذلك بالتآمر على اليرموك وتركه يواجه مصيره ضد «داعش».
ولم تكن المنظمة هي الوحيدة التي حاولت الوقوف على مسافة واحدة من الأحداث في سوريا، بل إن حماس بعدما كانت اتخذت موقفا من النظام السوري، طيلة سنوات الصراع، راحت تقول إنها لا تتدخل في الشأن السوري.
وقال القيادي في حماس مشير المصري، أمس، إن «‎حركة حماس موقفها ثابت، يتمثل في عدم التدخل في أي شأن داخلي عربي، ونحن على مسافة واحدة من جميع الأطراف». وأضاف المصري أنه «لا علاقة لحركة حماس بتنظيم أكناف بيت المقدس، أو أي تنظيم مسلح آخر».
وكانت القيادة العامة أعلنت أن خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحماس أجرى اتصالاً مع القيادي في القيادة العامة طلال ناجي، طالبًا منه مساعدة أكناف بيت المقدس في مواجهة الطوفان الداعشي، ولكن رغم الموقف الواحد تبادل الطرفان، المنظمة وحماس، الاتهامات بشأن خذلان اليرموك، وقتل حتى أمس 19 فلسطينيا منذ اقتحام «داعش» للمخيم.
من جهة أخرى، دعا رئيس وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين التابعة للأمم المتحدة (أونروا) دمشق أمس الأحد، إلى فتح ممر آمن لمن يرغبون في مغادرة مخيم اليرموك للاجئين الفلسطينيين على مشارف المدينة الذي يحاول تنظيم داعش السيطرة عليه.
ويزور بيير كراهينبول المفوض العام للأونروا، ومسؤول كبير آخر في الأمم المتحدة، العاصمة السورية، في مسعى للتوصل إلى سبل لتخفيف محنة 18 ألف شخص تشير التقديرات إلى أنهم يعانون في مخيم اليرموك الذي تحاصره الحكومة منذ 2013.
وزار كراهينبول مدرسة في دمشق حيث التقى مع عشرات الأشخاص الذين تم إجلاؤهم من اليرموك، وقال: «نشعر بقلق بالغ بالطبع حيال الاحتياجات الأساسية للسكان داخل اليرموك».
وأضاف: «أطلقنا دعوة إلى احترام واضح تماما للمدنيين الذين يعيشون داخل اليرموك، ودعونا إلى السماح للمدنيين بمغادرة المخيم مؤقتا من خلال ممر آمن، بحيث يمكنهم الحصول على مساعدة في الخارج. وسنواصل الدعوة من أجل ذلك».
وذكر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن الجيش شن غارات جوية على المخيم منذ اقتحمه التنظيم. وقال المصدر العسكري لرويتر إن هذا «غير حقيقي على الإطلاق».
في الوقت ذاته، أجرى مساعد المبعوث الدولي الخاص إلى سوريا رمزي عز الدين رمزي، محادثات مع مسؤولين في العاصمة السورية.
وقالت مديرة مكتب المبعوث الأممي ستافان دي ميستورا في دمشق خولة مطر لوكالة الصحافة الفرنسية، إن رمزي وصل الجمعة إلى دمشق، مشيرة إلى أن «هدف الزيارة هو إيجاد حل للموجودين في مخيم اليرموك نتيجة للقلق العالمي الشديد على المدنيين وتفادي أن يكونوا ضحايا الاقتتال الحالي فيه».
وأوضحت أن زيارة رمزي «تأتي بناء على طلب من الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون» الذي دعا إلى العمل على تفادي «مجزرة» في مخيم اليرموك. والتقى رمزي نائب وزير الخارجية السوري فيصل المقداد، وتواصل مع عدد من قادة الفصائل الفلسطينية، بحسب مطر. وتم في فبراير (شباط) 2014، التوصل إلى اتفاق بين مقاتلي المعارضة والسلطات، تم بموجبه خروج العدد الأكبر من المقاتلين السوريين من المخيم مقابل تخفيف إجراءات الحصار. وبعد دخول تنظيم داعش إلى المخيم، اعتبرت الحكومة السورية أن الوضع بات يستدعي «حلا عسكريا».
ميدانيا، أعلنت غرفة عمليات «نصرة أهل المخيم» التابعة لكتائب المعارضة السورية، أمس الأحد، عن اقتحام حارة الزين في حي الحجر الأسود جنوب العاصمة دمشق، وذلك بعد اشتباكات مع تنظيم داعش سقط فيها قتلى وجرحى من عناصر التنظيم.
في الأثناء، تمكنت المعارضة من حصار مجموعة من عناصر التنظيم في أحد المباني بالحجر الأسود، في محاولة منهم للسيطرة على مواقع التنظيم في الحي.
الشرق الاوسط