“مجزرة الكيماوي” في غوطة دمشق.. الذكرى الـ4 للموت بلا دم

16

“شهداء بلا دماء”، “وذبح بلا دم”، و”حرب إبادة كيماوية”، بهذه الكلمات تذكّر ناشطون من شتى بقاع العالم “وصمة العار”، التي انطبعت في تاريح النظام السوري، إثر قصف الغوطتين الشرقية والغربية بريف دمشق، في الثلث الأخير من أغسطس عام 2013.

مجزرة الكيماوي، التي استخدم فيها النظام السوري صواريخ أرض أرض تحمل رؤوساً كيماوية معبأة بغاز “السارين”، بالغوطتين السوريتيين، تعدّ الفاجعة الكبرى التي حلّت بسوريا، وأدت إلى مقتل أكثر من ألف و400 مدني، غالبيتهم من النساء والأطفال.

وحول انتهاكات النظام السوري، قال رامي عبده، رئيس مجلس إدارة المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان: إن “مجمل الجرائم التي حدثت في الغوطة وغيرها، وطول أمدها ونوعيتها على مدار الأزمة في سوريا، أثبتت غياب الإرادة السياسية الدولية وعجزها عن الحد من الجرائم المنتهكة”.

وتابع عبده لـ”الخليج أونلاين”: أن “مجزرة الغوطة تعطينا مثالاً حول كيفية إعطاء ضوء أخضر من المجتمع الدولي لارتكاب المزيد من الجرائم على نطاق أوسع، دون أن يشعر الجناة أنهم مهددون بالملاحقة القانونية، وهي تؤكد أنه شريك هذه الجرائم”.

وأضاف: “لا أعتقد أن النظام السوري يرى أن هناك خطوطاً حمراء، والقادم لا يمكن التنبؤ به، ولكن لا يوجد رادع له”. مؤكداً أنه “يجب أن يكون هناك إرادة سياسية واضحة من المجتمع الدولي، وخطوات حقيقية من المحكمة الجنائية الدولية، وأن تصدر مذكرات استدعاء لمحاكمة قادة النظام السوري، وأن تفعّل الشكاوى التي قدمت ضدهم”.

وفي ذكراها الرابعة، لم ينس العالم “التاريخ الأسود” الذي وقف أمامه حينها وفي عيونه العجز والخوف، وقلة الحيلة، والترقب، ليجد من وسائل التواصل الاجتماعي منصة يعبر فيها عن خيبته، ويغرد من جديد عبر وسم “#مجزرة_الكيماوي”.

وحين وقوع المجزرة، انتشرت الصور والمقاطع المصورة لأطفال ونساء وشباب بلا حراك، والجميع تساءل عمَّا حلّ بهم، وسط ذهول من المشاهد الفظيعة التي تابعتها وسائل الإعلام، نشطت حينها أكثر من سبع وسوم باللغتين العربية والإنجليزية في “تويتر”، وتصدر اثنان منها على مستوى العالم، إضافة إلى تصدر وسم سوريا “#syria”.

وعلى هذه الوسوم “#ChemicalAssadMurdersAgain” ،”#AnewMassacreinSyria” ،”#CWMassacre”، “#ريف_دمشق_يقصف_بالكيماوي”، “#الغوطة_تباد_بالكيماوي”، “#سوريا_تباد_بالكيماوي”، “#مجزرة_الكيماوي”، “#مجزرة_الغوطة”، عبر المغردون عن غضبهم وخوفهم ومطالباتهم بمحاسبة الفاعلين.

العديد من المنظمات الحقوقية، ومسؤولون بالأمم المتحدة، حاولوا جرّ الجناة، وعلى رأسهم رئيس النظام في سوريا بشار الأسد، إلى المحاكمة وإثبات تورطهم بهذا الهجوم.

منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية الدولية أكدت أن لديها “أدلة قوية”، تؤكد أن قوات النظام هي التي نفذت الهجوم الكيمياوي على الغوطة. كما شكل مجلس الأمن الدولي في أغسطس 2015، لجنة خبراء للتحقيق في استخدام مواد كيمياوية في الحرب الدائرة بسوريا.

وعلى الرغم من جميع التحركات الدولية، إلا أن الجناة لم تتم محاسبتهم. ويكرر النظام السوري قصفه للمدنيين بالكيماوي، مرات عدة، دون اكتراث بالمجتمع الدولي، وبغض الطرف عن كل ما أدين به.

وأفاد تقرير للشبكة السورية لحقوق الإنسان، أن حصيلة الهجمات الكيميائية منذ مارس 2011 حتى 31 يوليو 2017، بلغت ما لا يقل عن 207 هجمات.

وتسببت هذه الهجمات جميعها في مقتل ما لا يقل عن 1420 شخصاً، يتوزعون إلى 1356 مدنياً؛ من بينهم 186 طفلاً، و244 سيدة (أنثى بالغة)، و57 من مقاتلي المعارضة المسلحة، و7 أسرى من قوات النظام كانوا في أحد سجون المعارضة، في حين بلغ عدد المصابين ما لا يقل عن 6672 شخصاً.

ورغم التحركات الدولية “الشكلية” استمر النظام السوري في تجاوز الخطوط الحمراء والتحذيرات الدولية، واستمر في انتهاكاته ضد الشعب السوري.

ففي 4 أبريل الماضي، قُتل أكثر من 100 مدني، وأصيب أكثر من 500، غالبيتهم من الأطفال، في هجوم بالأسلحة الكيميائية شنته طائرات النظام على “خان شيخون” بريف إدلب شمالي سوريا، وسط إدانات دولية واسعة.

ودماء السوريين باتت ورقة على طاولة المفاوضات، فمنذ انطلاق مفاوضات جنيف وهي محادثات بين حكومة النظام السوري والمعارضة في مدينة جنيف السويسرية، لم تحقق هذه الاجتماعات أي تقدم يذكر لمصلحة المدنيين في سوريا.

وبدأت مفاوضات “جنيف1” في يونيو 2012 بسويسرا، وتبعتها “جنيف2″ في ديسمبر 2013، و”جنيف3″ في أبريل 2015، و”جنيف4″ في فبراير 2017، و”جنيف5″ في مارس 2017، و”جنيف6” في مايو 2017، وحتى “جنيف7” في يونيو 2017.

كما انطلقت محادثات “أستانة”، وجرت بين ممثلي سوريا وعدد من قادة فصائل المعارضة السورية برعاية روسيا وتركيا، وذلك في العاصمة الكازاخستانية أستانة، وبدأت في 23 و24 يناير 2017، وعقدت بعدها 5 جولات آخرها كان في يوليو 2017، وأعلن عن الجولة السادسة لتكون بأواخر أغسطس الجاري.

المصدر: الخليج اونلاين