مجهولو النسب في مناطق النظام السوري .. أطفال تركوا في الشوارع لمصير مجهول

85

تزايدت خلال السنوات الأخيرة ضمن مناطق سيطرة النظام ظاهرة العثور على أطفال حديثي الولادة وترك العائلات لهم، بسبب الأوضاع الصعبة التي تعاني منها معظم المحافظات السورية.
وأدت الحرب المستمرة في سوريا منذ عشر سنوات إلى تفكك الكثير من الأسر السورية وانعكست بشكل سلبي على المدنيين من تهجير قسري ونزوح داخلي وتردي الأوضاع المعيشية وتدهور الجانب الاقتصادي، الأمر الذي ساهم في زيادة ظاهرة الأطفال مجهولي النسب والهوية.
بتاريخ 15 كانون الثاني/ يناير عثر أهالي حي القصور في مدينة حمص على طفل رضيع لا يتجاوز عمره 40 يوماً ملقى أمام إحدى الأبنية، وسبق ذلك بتاريخ 12 كانون الثاني/ يناير الجاري في مدينة حماة حيث تم العثور على طفل آخر في ضاحية أبي الفداء ملقى أمام أحد الأبنية ومعه ورقة مكتوب عليها أنه يدعى “فجر” وانه ابن حلال” حيث نقل الطفل إلى الهيئة العامة لمجمع الأسد الطبي بالمحافظة ليتم نقله إلى دار الأيتام في دمشق.
كما عثر الأهالي في محافظة اللاذقية بتاريخ 9 كانون الثاني/ يناير الجاري على طفل لا يتجاوز من العمر 10 أشهر أمام المستشفيات الخاصة في مدينة الدراج، حيث كان يعاني من ارتفاع في الحرارة وتم نقله إلى المشفى.
ويعتبر الفقر من من أبرز العوامل والأسباب الرئيسية لزيادة هذه الظاهرة في المجتمع السوري وهي من نتائج الحرب الدائرة، إضافة لسبب العلاقات الغير شرعية التي قد ينتج عنها أطفال ما يدفع أحد الطرفين للتخلص من الطفل بأي طريقة خشية الفضيحة.
تزايد أعداد الأطفال مجهولي النسب في مناطق سيطرة النظام يعيد إلى الأذهان القانون التشريعي الذي تمت مناقشته بين أعضاء مجلس الشعب السوري في العام 2018 والذي يتضمن بنود تمنح الطفل الغير معروف نسبه أحقية الحصول على الجنسية السورية والتمتع بالرعاية الصحية وضمان نشأته وحصوله على كامل الحقوق لكن رفض أعضاء مجلس الشعب القرار، واكتفى المجلس حينها بإقرار بعض المواد منه والتي كان من بينها المادة 20 التي تعتبر الطفل مجهول النسب عربياً سورياً مسلماً ما لم يثبت خلاف ذلك.
كما وافق أعضاء المجلس حينها على إقرار المادة 14 من القانون والتي تنص على أن الطفل مجهول النسب يبقى في دار رعاية الأيتام حتى يتم الثامنة عشر من عمره ويستطيع الاعتماد على نفسه وكسب عيشه، ويجوز لدار الأيتام تمديد إقامته بعد سن الثامنة عشر لمدة عام كامل قابل للتجديد على أن لا تتجاوز مدة التجديد سبع سنوات، كما تنص المادة 15 على أنه يتوجب على كل من يجد طفلاً مجهول النسب أن يسلمه لجهاز الشرطة ليتم تنظيم ضبط والبدء بإجراءات تسليمه لدار رعاية معتمدة.
ويروج النظام في الوقت الراهن إمكانية إعادة تفعيل دور القرار وإقراره بشكل رسمي لمنح الجنسية السورية للأطفال مجهولي النسب ومنحهم كامل الحقوق المدنية كسوريين وحصولهم على أوراق ثبوتية، وهذا ما سيفتح الباب أمام جانب آخر وهو حصول الأطفال الذين يعود آباؤهم لجنسيات مختلفة على الجنسية السورية، فقد شهدت مناطق سيطرة النظام الكثير من حالات الزواج لسوريات من مقاتلين من الميليشيات المساندة له مثل الميليشيات الإيرانية وغالبية حالات الزواج هذه لم تستمر لأسباب عديدة مثل مقتل الزوج أو فقدانه أو غيرها من الأسباب.
ما نتج عن ذلك وجود أطفال ينسبون إلى هؤلاء المقاتلين ويمكن أن يشملهم القرار في حال تمت المصادقة عليه وإقراره من جديد في مجلس الشعب، وفي هذه الحالة تساهم حكومة النظام بشكل فعلي في تغيير الطبيعة السكانية للمنطقة بتوطينها وتجنيسها للكثير من الأطفال من جنسيات إيرانية ولبنانية وعراقية وأفغانية وروسية، وسيتم معاملتهم باعتبارهم مواطنين سوريين لهم جميع الصلاحيات والحقوق المدنية، في الوقت الذي يتبنى النظام مقولة بأن الميليشيات التي دخلت لسوريا لمساندته هي عبارة عن قوات مساندة وصديقة، وجاءت بطلب رسمي من قبل النظام وستنتهي مهمتها مع انتهاء الأحداث في سوريا، لكن الحقيقة تشير إلى وجود خطة لتغيير ديمغرافية المنطقة بعد تهجير سكانها الأصليين وإتاحة المجال للمقاتلين للاستيطان والزواج من سوريات وتجنيس أطفالهم فضلاً عن الاستيلاء على الممتلكات العائدة للمهجرين والنازحين إلى الشمال السوري.
ويجدر الذكر أن ظاهرة العثور على الأطفال حديثي الولادة ومجهولي النسب لا تقتصر فقط على المحافظات الخاضعة لسيطرة النظام بل امتدت هذه الظاهرة لتشمل جميع المحافظات السورية منذ العام 2011، حيث تمتد الظاهرة أيضاً لكل من مناطق إدلب وريفها الخاضعة لسيطرة “هيئة تحرير الشام” ومناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا في ريف حلب الشمالي ومناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية.