مخيمات آطمة جريمة إنسانية يومية…عشرات المخيمات في مهب العواصف المطرية والجهات الإغاثية تتناسى تقديم المساعدة وتترك آلاف السكان في نكبتهم

31
جريمة كاملة، مجزرة جماعية، إعدام ميداني، ترتكب في كل يوم عشرات المرات، بحق سكان حكم عليهم الموت الأبدي، بالموت كل يوم، نصب أنظار العالم المكتفي بالتصريحات الخلبيَّة، فما بين مريض يبحث عن علاج، وعجوز مشرد، وطفل جائع، وامرأة تبكي زوجها، وأم ثكلى قد فقدت فلذات كبدها، وشاب يشهد دمار مستقبله، لا بد أن يكون التصور، مشهد واحد يجمعنا جميعاً، ألا وهو مخيمات النزوح في الشمال السوري، التي يقطنها عشرات الآلاف ممن شردتهم الحرب، فهناك عشرات المخيمات المنتشرة على طول الشريط الحدودي بين سوريا وتركيا، يعيش سكانها أصعب مراحل حياتهم، فالسنوات العجاف التي عاشوها بين هذه الخيام، لا يكاد السكان يحسبونها من أعمارهم لشدة قساوتها، إذ أنه وفي كل عام ومع دخول أول أيام فصل الشتاء، تزداد معاناة قاطني هذه المخيمات، فالعاصفة الأولى التي تحمل معها الأمطار الغزيرة، كفيلة أن تترك خلفها خياماً ممزقة قد اقتلعت، وتشرد أصحابها ويصبحوا دون مأوى، وتنتهي العاصفة لتترك النازحين في أوضاع يرثى لها، رغم أن خيمهم لم تكن هي المكان المناسب لحياة كريمة.
مخيمات أطمة…هي واحدة من تجمعات المخيمات، ومن أكثرها مأساة، فقد ذاع صيتها نظراً للحالة الإنسانية الصعبة، التي يعيشها سكان هذه المخيمات، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان تقسيم مخيمات أطمة إلى قسمين هما القطاع الجنوبي والقطاع الشمالي، ويضم كل قطاع منها، عدداً كبيراً من المخيمات التي يقطنها نازحين من جميع المناطق في سوريا من درعا جنوباً، إلى إدلب شمالاً، ممن أجبرتهم الأحداث والعمليات العسكرية والأمنية، على ترك منازلهم والخروج منها، إما عن طريق سياسة التهجير التي مورست بحق أهالي كل من درعا وريف دمشق وريفي حمص الشمالي وحماة الجنوبي، أو عن طريق القصف الممنهج الذي دمر عشرات آلاف المنازل وغيرها من الممتلكات والمباني في المناطق السورية، أو بعد سيطرة قوات النظام بالقوة على الكثير من القرى والبلدات، ما يجبر سكانها على النزوح فارين بأرواحهم من الموت المحتم.
العاصفة المطرية الأخيرة التي رصدها المرصد السوري لحقوق الإنسان، والتي عمت مناطق الشمال السوري، شردت الآلاف من سكان مخيمات أطمة، واقتلعت عشرات الخيم، وأغرقت مئات آخرين، وأصبح سكانها مشردين هنا وهناك، وفي حديث للقائمين على القطاع الجنوبي لمخيمات أطمة، أكدوا للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن حجم المعاناة التي يعيشها سكان هذه المخيمات، هو كبير جداً، نتيجة العواصف المطرية التي تتعرض لها المخيمات، إذ شردت سكان الكثير من الخيم واقتلعت عشرات منها وأغرقت مئات أخريات، كما أوضح أن أعداد مخيمات هو أطمة 47 مخيم وهي  مخيمات ” أخوة سعدة، الجنينة، زهور 1، زهور 2، الجويد، أهل الوفاء، ملحق أبي الفداء، الغرباء، العلي، الرياح المرسلة، عطشان، زهور 3، معان، الأندلس، الزكاة، ريف حماة الشمالي، يمامة الغاب، البر والتقوى، زمزم 1، الأسباط، ريف حلب الجنوبي، ريف حلب الشمالي، التكافل، الأمانة، حيالين، إحسان 1، إحسان 2، الفتح المبين، براعم كفرزيتا، مطوع 1، زمزم 2، يديد، الهديل، الحمزة، زمزم 3، مطوع 2، المجد، العمر، براعم كفرزيتا 2، زهور 4، يوسف ونوره، حيالين 2، عطاء، الخير، صوران، الإخلاص لله والغرباء””، كما أكدت المصادر للمرصد السوري، أن المخيمات الـ 47 يتراوح عدد العائلات في كل واحد منها ما بين 96 – 490 عائلة، وذلك على حسب حجم المخيم، فمنها مخيمات كبيرة ومنها أخرى صغيرة، أيضاً رصد المرصد السوري المخيمات التي تضررت بفعل السيول التي سببتها الأمطار الغزيرة في نهاية كانون الأول / ديسمبر من العام الفائت 2018، وهي 10 مخيمات:: “”أخوة سعدة، الغرباء، الجنينة، الجويد، العلي، العمر، زمزم 1، زمزم 2، أهل الوفاء، ملحق أبي الفداء””، كما أن جميع الخيم في هذه المخيمات الـ 10 سالفة الذكر، جرفت بالكامل، ولم يبقَ منها أي خيمة، وتشرد سكانها جميعهم، فمنهم من نزح إلى منطقة معرة النعمان في ريف محافظة إدلب الجنوبي، ومنهم من نزح إلى منطقة عفرين، والكثير من العائلات نزحت إلى مخيمات أخرى لم تتضرر، أو أنها تضررت بشكل جزئي وسكنت عند أقارب، ونسبة قليلة من هذه العائلات تحاول الآن إعادة تركيب الخيم من جديد ومتابعة العيش فيها، على الرغم من الحالة المأساوية، كما أكد السكان للمرصد السوري أنه “لم يسمعوا او يروا أي شيئ يذكر من مساعدات إغاثية من المنظمات والمؤسسات التي تنتشر شعاراتها في كل مكان في الشمال السوري، ولم يروا منهم إلا الكاميرات التي تصور، وتأخذ معلومات العائلات، وتوثق الخسائر والضرر الذي نتج، ومن ثم يركب موظفوا هذه المنظمات سياراتهم عائدين دون تقديم أي مساعدة””.
المصادر الأهلية في مخيمات آطمة أكدت للمرصد السوري أنه بتاريخ 31 كانون الأول / ديسمبر، قدمت منظمة “طوبى” بطانية و 2 كيلو غرام من التمر لكل عائلة، في حين أن منظمة ((ihh)) الأكثر شهرة ونشاطاً في الشمال السوري، قام موظفوها بجولة استطلاعية في المخيمات المتضررة لمشاهدة النكبة التي حلت بها، مكتفين بذلك ووعد بمساعدة ستصل بعد ساعات إلا أنه لم ينفذ حتى الآن بحسب تعبير السكان والنازحين المنكوبين، في أكد النازحون من قاطني المخيم أن الوضع قبل العاصفة المطرية، في مخيمات آطمة، لم يكن بأحسن حالاً، فمنذ إنشاء هذه المخيمات تعاني من نقص كبير في أدنى مقومات الحياة، من طعام وشراب وأدوية وتعليم وصرف صحي، وغيرها الكثير، فضلاً عن تفشي ظواهر سلبية مثل البطالة وسوء التغذية والأمراض المعدية وغيرها.
أيضاً رصد المرصد السوري ضم القطاع الشمالي من مخيمات أطمة 26  مخيماً، حيث يتشارك مع القطاع الجنوبي بنفس المأساة، فيما أكدت مصادر إدارية في القطاع الشمالي من المخيم، أنها تحوي 26 مخيماً وهي:: “”الأنفال، العنيد، صابرون، العرين، الوحدة، ريف حماة الغربي، الإتحاد، المنتصر، المعربية، الهبة، مرام، الإخلاص، الوفاء، شذا الحرية، الفقراء، الفضل، أورينت، الخليل، الأنصار، كفرنبودة ، الحسوية، الندى، قافلة الرحمة، الأمل، البراء، الفرقان””، وتضم هذه المخيمات 7635 عائلة، بمعدل 290 عائلة تقريباً في كل مخيم منها، ونتيجة الفيضانات الأخيرة التي عصفت بالمخيمات بالقطاع الشمالي، تضرر عدد منها، حيث تضررت أكثر من 70 خيمة من مخيم ريف حماة الغربي، في حي رصد المرصد السوري تشرد جميع العوائل التي كانت تقطن في هذا المخيم، بدون أي مأوى، كما أن مخيم أورينت اقتلعت الأمطار فيه 35 خيمة، في حين اقتلعت العاصفة المطرية، في مخيم صابرون 40 خيمة، كما اقتلعت في مخيم الاتحاد 35 خيمة، و25 خيمة في مخيم الإخلاص، في حين أكدت المصادر الموثوقة للمرصد السوري أن جميع العوائل في الخيام التي اقتلعتها العاصفة المطرية، لم تنجح في إخراج أي شيئ يذكر من أغراضهم الشخصية من أثاث مطبخ وفرش وبطانيات، حتى بعض خزانات المياه التي كانت معدة للشرب، وسط حالة مأساوية تعيشها وتعانيها.
النازحون في مخيمات أطمة بقطاعيه الجنوبي والشمالي، وجهوا نداءاتهم عبر المرصد السوري لحقوق الإنسان، لجميع الجهات المعنية والمنظمات الإنسانية، المحلية والإقليمية والدولية، بالإسراع في تقديم المساعدات اللازمة من خيم جديدة وفرش ومواد غذائية ولوجستية وطبية، ومواد تدفئة، وعلاج الحالات المرضية التي حدثت أثناء العاصفة المطرية، من حيث حالات إجهاض من قبل الحوامل، كما ناشد السكان تزويد هذه المخيمات بالمستلزمات العاجلة بأقرب وقت ممكن، وعلاج الحالات المرضية، وزيادة مخصصات هذه المخيمات التي تعاني من وضع إنساني مزري وسط شتاء قارس وقاسي