مرتزقة روس مع قوات خاصة ينشطون في معارك الشمال السوري … والمعارضة تنجح في دحرهم

22

تظهر التطورات العسكرية والسياسية السورية خلال الآونة الأخيرة، استحكام القيصر الروسي على القرارات المفصلية في البلاد، فموسكو التي تدخلت جواً بادئ الأمر لحماية النظام السوري من السقوط، تتوغل اليوم برياً في المشهد المعقد، لتزج بقوات برية تتبع لفرقها الخاصة في الميدان، مع نشاط ملحوظ للشركات الأمنية الروسية، والمعروفة محلياً تحت مسمى «المرتزقة»، حيث بدأت هذه الجماعات والتشكيلات بمحاولات خرق صفوف المعارضة السورية في المناطق الحيوية شمال البلاد، حاملة معها تحولات جديدة في دائرة الصراع، ورسائل للشركاء قبل الخصوم.

مرحلة ثانية

ووفق معلومات خاصة من الميدان السوري، حصلت عليها «القدس العربي»، أكدت المصادر، أن نشاط المرتزقة الروسي، أكبر بكثير من نشاط القوات الخاصة التابعة للجيش الروسي النظامي، حيث قامت قاعدة حميميم وفق المصادر، بتزويد تلك المجموعات بأحدث التقنيات العسكرية التي تخولها خوض المعارك تحت أشد الظروف الجوية والليلية منها، علاوة على أنواع الأسلحة الدقيقة المسلحة بها.
وتواصل القوات الخاصة الروسية، عمليات التسلل إلى خطوط جبهات المعارضة السورية في ريف إدلب، ونقلت وكالة الأناضول، عن المتحدث باسم «جيش النصر» التابع للسوري الحر «محمد رشيد»، قوله: القوات الروسية الخاصة تستخدم قنابل مضيئة في بداية عملياتها، وبعد ذلك استخدمت سلاح القناصة والصواريخ الموجهة، قبل أن تنسحب من المناطق التي تسللت إليها. وأشار رشيد إلى أن هدف روسيا من تلك العمليات، هو إلحاق أكبر قدر ممكن من الخسائر في صفوف مقاتلي المعارضة.
ووفق القيادي الذي فضل حجب اسمه، فإن الشركات الأمنية الروسية «المرتزقة»، مع القوات الخاصة، نجحوا في إحراز بعض التقدم ضمن مواقع ليست كبيرة، ولكنها هامة من جوانب تعقيد الأحداث أكثر، مشيراً إلى أن تلك التحركات تأتي ضمن المرحلة الثانية من الحرب على الشمال السوري، وأن عمليات هذه المجموعات لا تزال مستمرة رغم الهدنة التي أعلنت عنها روسيا قبل أيام، في حين أن تشكيلات المعارضة تصدت لأغلب الهجمات، فيما نجحت القوى المهاجمة في إحراز تقدم طفيف.
وأضاف المصدر، اليوم المعارضة السورية أصبحت تواجه الجيش الروسي بشكل مباشر في مناطق خفض التصعيد في محافظة إدلب، ودفع القوات الروسية الخاصة مع الشركات الأمنية للواجهة، جاء بعد فشل الميليشيات المحلية «الفيلق الخامس» في إنجاح المخططات الروسية، وأن المعارضة السورية تحاول ايجاد مضاد وتخطيط عسكري لمواجهة التكتيكات الجديدة لموسكو والمرحلة الجديدة من المواجهة.
أما المرصد السوري لحقوق الإنسان، فتحدث عن خسائر بشرية فادحة خلال الاشتباكات العنيفة التي جرت في محور ريف إدلب الجنوبي ولا تزال منذ يومين بشكل متواصل، حيث قضى مقاتلان اثنان من الفصائل، بينما قتل ما لا يقل عن 6 عناصر من قوات النظام والميليشيات الموالية لها، فيما خلفت المعارك أكثر من 15 جريحاً بين الطرفين، بعضهم في حالات خطرة.
كما رأى القيادي في الجيش السوري الحر، أن الأحداث بالنسبة للجانب التركي، أعقد بكثير من وجود قوات روسية وشركات أمنية تابعة لها في الشمال السوري. وقال المصدر: الوقائع في الشمال، تشير إلى قلق تركي من الروس، ومواجهتهم سواء بالطرق المباشرة أو غير المباشرة، لذلك توجهت أنقرة إلى مشروع حشد غربي لايقاف العنجهية الروسية.
واستطرد قائلاً: بغض النظر عن وجود الجيش الروسي على الأرض من عدمه، فإن روسيا تتحكم بالملف السوري بشكل كامل، وهذا ما خولهم الضغط على الأتراك، وحتى تجاوز الرغبة التركية في المحافظة على هدوء المنطقة، الأمر الذي دفع أنقرة للضغط بملفات أخرى، ويبدو أن الوضع الراهن في منطقة خفض التصعيد «ضبابي»، لا يمكن التكهن بمدى ديمومة الهدوء أو عودة المعارك على أشدها.
القيادي في المعارضة السورية، العقيد فاتح حسون، قال من جانبه لـ «القدس العربي»: لقد أصبحت ملامح المعركة في الشمال السوري، من الناحية التكتيكية تأخذ طابعاً مختلفاً، خاصة بعد تكثيف القوات الروسية من تواجدها على جبهات ومحاور القتال المشتعلة. فقد بات التكتيك المتبع من قبل هذه القوات يقوم على زج القوات التابعة للنظام السوري المقاتلين «المستوردين» من مناطق المصالحات والتسويات، في الهجوم الأول والذين يمكن أن نصفهم بكبش الفداء الذي سيكشف طبيعة المعركة والأسلوب القتالي الذي تتبعه قوات الفصائل الثورية ليصار لاحقاً لتغيير التكتيك وفق تحليل النتائج بأقل خسائر بشرية في صفوف القوات الخاصة الروسية.

غياب القوى المؤثرة

وبسبب غياب القوى المحلية المؤثرة، بات لزاماً على روسيا أن تستخدم قواتها المدربة تدريباً نوعياً عالياً، وتنفذ أعمالها ليلاً متسلحة بالعتاد المتطور اللازم لذلك. لكنها فشلت بالرغم من مساندتها من قبل قوات ميليشياوية إيرانية وفلسطينية، مما تطلب تدخل قوات روسية خاصة في المعارك ذات تدريب خاص، ولم تستطع القيادة السياسية الروسية إخفاء مشاركتها، حيث صرح وزير الخارجية سيرغي لافروف بوجود هذه القوات في منطقة إدلب خوفاً من استهدافها من قبل القوات التركية بعد محاولات النظام تطويق نقطة المراقبة التركية في مورك.
ويسعى الروس، وفق القيادي في المعارضة السورية حسون، لمواصلة إيهام العالم بدورهم كضامن من خلال نشر القوات الروسية في المنطقة المنزوعة السلاح المفترضة والتي نقضوا بنودها من خلال المعارك السابقة التي دفنوا من خلالها العديد من البنود المتفق عليها في سوتشي.
من ناحية أخرى فقد دفعت الخلافات الناشئة بين الميليشيات بمختلف توجهاتها القوات الروسية لادارة المناطق المسيطر عليها من قبلهم بسبب عجز النظام والقوات المساندة له في إدارة هذه المناطق. كما يعتبر العامل الاقتصادي مهماً حيث تدير القوات الروسية سوق المسروقات التي سيطروا عليها بعد احتلالهم للمناطق السورية والأراضي الزراعية والمصانع وغيرها من مقدرات هذه المناطق.

المصدر: القدس العربي