مقاتلو سوريا في أوكرانيا.. حقيقة قوات النمر

37

خلال زيارة إلى سوريا عام 2017، أشاد الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بالجنرال السوري، سهيل الحسن الذي لعبت فرقته دورا رئيسيا في هزيمة مقاتلي المعارضة خلال الحرب الأهلية المستمرة منذ فترة طويلة بالبلاد.

وقال بوتين للعميد سهيل الحسن، إن تعاونه مع القوات الروسية سيؤدي إلى نجاحات كبيرة في المستقبل.

أعضاء فرقة الحسن من بين مئات المقاتلين السوريين الذين تلقوا تدريبا روسيا، ووردت تقارير تفيد بأنهم اشتركوا في القتال إلى جانب القوات الروسية في أوكرانيا، وبينهم جنود سوريون ومتمردون سابقون ومقاتلون متمرسون حاربوا لسنوات ضد تنظيم داعش في الصحراء السورية.

حتى الآن، يبدو أن عددا قليلا منهم فقط وصل إلى روسيا للتدريب قبل الانتشار في الخطوط الأمامية.

ورغم تفاخر مسؤولي الكرملين في بدايات الحرب بتلقي أكثر من ستة عشر ألف طلب للقتال من الشرق الأوسط، فإن المسؤولين والنشطاء الأميركيين، الذين يراقبون سوريا، يقولون إنه لم تنضم أعداد كبيرة من المقاتلين من المنطقة حتى الآن إلى الحرب في أوكرانيا.

مع ذلك، يقول محللون إن هذا الوضع قد يتغير مع استعداد روسيا للمرحلة التالية من المعركة بشن هجوم واسع النطاق في شرق أوكرانيا.

ويعتقدون أن المقاتلين من سوريا قد يتم نشرهم في الأسابيع المقبلة، خاصة بعد أن عين بوتين الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، الذي قاد الجيش الروسي في سوريا، قائدا جديدا للحرب في أوكرانيا.

وعلى الرغم أن البعض يتساءل عن مدى فعالية المقاتلين السوريين في أوكرانيا، إلا أنه يمكن استقدامهم إذا كانت هناك حاجة لمزيد من القوات، لمحاصرة مدن أو تعويض خسائر بشرية متزايدة.

ويعد دفورنيكوف على دراية جيدة بالقوات شبه العسكرية في سوريا، التي دربتها روسيا بينما كان يشرف على استراتيجية محاصرة وقصف المدن التي تسيطر عليها المعارضة في سوريا بلا رحمة من أجل إخضاعها.

وقال أحمد حمادة، المنشق عن الجيش السوري والمحلل العسكري المقيم في تركيا، “روسيا تستعد لمعركة أكبر في أوكرانيا”، وأضاف أنه من المرجح أن يشارك مقاتلون سوريون فيها.

ويقول مراقبون ونشطاء سوريون إن الروس يجندون بصورة نشطة مقاتلين من سوريا من أجل الحرب في أوكرانيا، لا سيما بين المقاتلين الذين تلقوا تدريبات روسية.

وأفاد رامي عبد الرحمن، رئيس المرصد السوري لحقوق الإنسان الذي يقع مقره في بريطانيا، بأنه تم حتى الآن تسجيل حوالي 40 ألف مقاتل، 22 ألفا منهم مع الجيش الروسي، وحوالي 18 ألفا لدى مجموعة (فاغنر)، المنظمة الروسية شبه العسكرية.

وقال عبد الرحمن إن نحو 700 من أفراد الفرقة 25 مهام خاصة، المعروفة في سوريا باسم قوات النمر، غادروا سوريا خلال الأسابيع الماضية للقتال إلى جانب القوات الروسية.

ولم يتسن التأكد من هذه الأرقام بشكل مستقل، وفق ما أعلنت “أسوشيتد برس”.

وقد نشر نشطاء موالون للحكومة مقاطع مصورة على مدار الأسبوعين الماضيين على وسائل التواصل الاجتماعي تظهر أفرادا من قوات النمر، وهم يؤدون تدريبات عسكرية بما في ذلك القفز بالمظلات من المروحيات.

وظهر ضباط روس في أحد المقاطع وهم ينصحون المظليين داخل مروحية، بينما أشاد الحسن بالشبان بالتربيت على رؤوسهم. ولم يتضح على الفور ما إذا كانت المقاطع المصورة جديدة.

وقال عبد الرحمن إن هناك متطوعين من الفرقة الخامسة التي تدربت على يد الروس، وكتائب البعث وهي الجناح العسكري لحزب البعث الحاكم، ولواء القدس الفلسطيني، المكون من لاجئين فلسطينيين في سوريا. وقاتل هؤلاء جميعا جنبا إلى جنب مع الجيش الروسي في الحرب السورية.

وأوضح عبد الرحمن: “يبحث الروس عن مقاتلين ذوي خبرة، هم لا يريدون أحدا لم يتدرب على يد الروس”.

كان لقوات النمر الفضل في بعض أكبر انتصارات الحكومة في الصراع المستمر منذ 11 عاما. وشاركت في حملة مدعومة من روسيا، للقضاء على آخر جيب للمعارضة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، والتي انتهت في مارس 2020 باستيلاء القوات الحكومية على طريق سريع حيوي بين الشمال والجنوب، بالرغم من استمرار سيطرة المعارضة على هذا الجيب.

قال عمر أبو ليلى، ناشط مقيم في أوروبا ويدير مجموعة دير الزور 24 لمراقبة الحرب في سوريا، إن الحسن “أحد رجال روسيا الذين ستعتمد عليهم”.

وأشار إلى أن المئات من مقاتلي الفرقة الخامسة ولواء القدس سجلوا أسماءهم في قاعدة حميميم الروسية غربي سوريا، التي تقود جهود التجنيد، وينتظرون الأوامر.

في أواخر مارس، نشرت قوة مدربة في روسيا تعرف باسم ميليشيا “صيادو داعش”، التي قاتلت لسنوات ضد التنظيم، إعلانا يدعو الرجال الذين تتراوح أعمارهم بين 23 و 49 عاما للتقدم للفحص، وأعلنت أن أولئك الذين يجتازون الاختبار وتثبت أهليتهم سيتم استدعاؤهم في وقت لاحق.

حتى الآن، سجل نحو 100 رجل أسماءهم في محافظة السويداء الجنوبية، بحسب ريان معروف من “السويداء 24″، وهي مجموعة ناشطة تغطي أنشطة تنظيم الدولة الإسلامية في الصحراء السورية.

وأضاف أنهم وعدوا بدخل شهري لا يقل عن 600 دولار، وهو مبلغ ضخم وسط تفشي البطالة وانهيار الليرة السورية.

كان الجنرال فرانك ماكينزي، قائد قوات القيادة المركزية الأميركية، قد قال للجنة القوات المسلحة بمجلس الشيوخ في مطلع شهر مارس إن “مجموعات صغيرة للغاية” تحاول السفر من سوريا إلى أوكرانيا، واصفا حجمها “بالقطرة الصغيرة جدا”.

لكن المتحدث باسم البنتاغون، جون كيربي، صرح مطلع الشهر بأن الولايات المتحدة لديها ما يشير إلى قيام مجموعة فاغنر بمحاولة تجنيد مقاتلين، معظمهم من الشرق الأوسط، من أجل نشرهم في دونباس، شرقي أوكرانيا.

غير أنه عاد وأضاف أنه لا توجد معلومات محددة حول الأرقام التي تم تجنيدها.

يرى الجنرال اللبناني المتقاعد ناجي ملاعب، الذي يتابع الحرب في سوريا عن قرب، إنه ليس هناك ما يشير حتى الآن إلى سفر مقاتلين سوريين إلى روسيا، غير أنه أضاف أن هذا الأمر قد يتغير مع استمرار الحرب على أوكرانيا.

ولفت إلى أن ذلك يعتمد على ما يخطط الروس له في المستقبل القريب.

من جانبهم، قلل المسؤولون السوريون والفلسطينيون في سوريا من أهمية التقارير التي تخص سفر المقاتلين السوريين إلى أوكرانيا، ومن المرجح أن الحكومة السورية قلقة من احتمال أن يمثل تدفق المقاتلين السوريين إلى أوكرانيا فرصة يساء استغلالها من قبل أعداء النظام السوري الكثيرين.

وفي مؤشر ربما يكون مقلقا للحكومة السورية، قلصت روسيا بشكل كبير من عملياتها في سوريا منذ بدء الحرب في أوكرانيا، حيث انخفض عدد الضربات الجوية الموجهة ضد تنظيم داعش، ومواقع المعارضة في إدلب.

وأشار تقرير لمعهد دراسة الحرب إلى أن “أي تغيير في وضع القوات الروسية أو الميليشيات الموالية للنظام يخلق فراغا أمنيا يمكن للفاعلين المناهضين للحكم مثل تركيا وتنظيم داعش والقاعدة ومجموعات المعارضة السورية، استغلاله”.

وقال مهند حاج علي، نائب سابق وقائد في الجناح العسكري لحزب البعث السوري الحاكم، إنه لم يسافر أي سوري للقتال في أوكرانيا وهو لا يتوقع سفرهم إلى هناك. وأضاف أن روسيا ستكسب الحرب دون مساعدة السوريين.

وأضاف أن “الطريقة التي تسير بها العمليات تشير بشكل واضح إلى أن أوكرانيا لن تتحول إلى أفغانستان جديدة”.