مقبرة جماعية لأكراد عفرين في أحد سجون الفصائل الخاضعة لتركيا

22
لا تزال فصائل عمليتي “غصن الزيتون” و”درع الفرات”، الموالية للجيش التركي، تمارس أبشع أنواع الانتهاكات بحق المواطنين السوريين وخصوصاً السجناء الأكراد منهم، بينما يحصل أعضاء سابقين في تنظيم الدولة الإسلامية داعش على معاملة خاصة رغم كل ما ارتكبوه من مجازر بشعة، وكل ذلك بإشراف مباشر ومشاركة من قبل المخابرات التركية.
ورغم مرور ما يزيد عن ثلاثة أعوام على سيطرة فصائل “درع الفرات” الموالية لأنقرة، على مناطق عدة في شمال غرب سوريا، لا تزال أوضاع تلك المناطق هشة وتعاني فوضى كبيرة في ظل استمرار الاعتقالات والانتهاكات بحق السوريين، ما يستدعي تدخلا دوليا لإجبار تركيا على دفع الفصائل الموالية لها لاحترام حقوق الإنسان وتوفير الحد الأدنى من الظروف الإنسانية والمعيشية للأهالي.
وبحسب معلومات موثوقة حصل عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان (ومقرّه الرئيس في العاصمة البريطانية)، فإنّ هناك مقبرة جماعية أو بئر يجري دفن كل من يُقتل في “عفرين” بداخله، وذلك ضمن أراضي سيطرة “درع الفرات” التي تحتلها تركيا، وتحديداً خلف سجن يتبع “فرقة السلطان مراد” الفصيل السوري المُسلّح الموالي لأنقرة، حيث كانت تجري التحقيقات الصورية وعمليات التعذيب للمُعتقلين بإشراف ومشاركة الاستخبارات التركية.
ووفقاً لمصادر موثوقة عانت بشكل شخصي مرارة ووحشية ذلك السجن سيئ السمعة على الحدود السورية مع تركيا في المنطقة ما بين الجدار العازل والأسلاك الشائكة، فقد كان يتم دفن ما يقرب من 10 أشخاص يومياً داخل ذلك البئر، على غرار ما كان يحصل في “أرغنكون” في تركيا.
وأكدت مصادر موثوقة للمرصد السوري لحقوق الإنسان أن كل شباب “عفرين” هم مشروع معتقل أو سجين لدى “فرقة السلطان مراد”. ووفقا لتلك المصادر، فإنه “ليس هناك شاب كردي إلا وجاء إلى سجن فرقة السلطان مراد، إلى جانب السجون الأخرى في الباب وجرابلس وعفرين نفسها.
وحين أسس فهيم عيسى قائد فرقة السلطان مراد السجن المركزي الجديد، قال إنه يود أن يملؤه بالأكراد وجماعة (بي.كا.كا).
وبحسب مشاهدات سجناء، كان هناك 5 أو 6 مُعتقلين من عفرين يأتون بشكل يومي إلى السجن، وكانوا يتعرّضون للتعذيب والتعليق والضرب بشكل وحشي خلال التحقيق، وكان يتم استخدام أسلوب التعذيب عن طريق ما يسمى بـِ (البلانجو)، والذي كان يسبب أضرارا كبيرة على من يتعرّض له”.
وبحسب مصادر “المرصد السوري”، فإن السجناء الصغار الذين ينتمون إلى مجلس منبج العسكري، كانوا يُجبرون على العمل بالسخرة يوميا في كنس الباحات وتنظيف مقر القيادة وأعمال المطبخ، وكانوا يتعرضون لكل أنواع الإهانات والضرب.
وتابع المصدر: “كل عفريني هو مشروع سجين أو مشروع مهجر أو مطرود من عفرين، وكان الهدف هو إجبار الأكراد على هجرة أراضيهم، لدرجة أنه في بعض الأحيان كان يتم الإفراج عن شخص من سجن فصيل ما حتى يقع في قبضة فصيل آخر، وإذا لم يكن الشخص يمتلك ورقة تثبت أنه اعتقل لدى فصيل آخر كان يتم اعتقاله مرة أخرى”.
ويُعد فصيل “فرقة السلطان مراد” الموالي لتركيا، أكبر وأقوى فصيل ضمن مناطق سيطرة “درع الفرات”، وعُرف بممارسة كافة أنواع الانتهاكات بحق السوريين وغير السوريين الذين يقعون في قبضته.
يُذكر أنّه تمّ تأسيس فصيل السلطان مراد، الجماعة التركمانية المُسلحة الأخطر والأبرز في ريف حلب، من مكون أغلبه ينتمي إلى تركمان سوريا، وتُقدّم له الحكومة التركية التمويل والتدريب العسكري والدعم الجوي أيضاً، وشارك في الاحتلال التركي لعفرين العام الماضي.
وعُرف عن الفصيل التركماني إهاناته وشتائمه المُتكررة لأهالي الغوطة الشرقية من أبناء ريف دمشق المُهجرين إلى شمال سوريا، فضلاً عن اعتقاله للنشطاء الإعلاميين والمدنيين في عفرين، ونهب ممتلكات الأهالي ومُشاركته في عمليات الخطف والسلب.

 

مصير الأهالي كمصير أبنائهم السجناء
كما طالت الانتهاكات أيضاً أهالي المعتقلين، الذين كانوا يحاولون معرفة ما حلّ بأبنائهم. ويوضح المصدر: “حين كان أهالي عفرين يزورون منطقة السجن من أجل معرفة ما يحدث لأبنائهم، في منطقة حور كلس المقابلة لمنطقة كلس التركية، كان يتم منع الأهالي واحتجازهم لعدّة أيام حتى يصبحوا عبرة لغيرهم، وفي بعض الأحيان كانوا يعتقلون 5 أو 6 أشخاص في كل مرّة”.
وكشفت المصادر عن قصة مقاتل من “عفرين” انضمّ للقوات الكردية كجزء من واجب الدفاع الذاتي دون أن يشارك في أيّ عمليات عسكرية، بعد أن أبلغ عنه أحد الأشخاص بأنه يعمل لصالح القوات الكردية، وظلّ 7 أشهر ونصف تقريبا في السجن دون أن يعرف أحد من أهله أي شيء عنه.
وأضاف المصدر: “وذات مرة، وصلت دفعة جديدة من السجناء وتعرف عليه أحدهم، وكشف لنا أن أهله اعتقدوا أنه قُتل منذ فترة طويلة بعد أن أبلغت فرقة السلطان مراد ذويه بأنه قتل ومنعتهم من إقامة عزاء لهم أو البحث عن جثمانه، وبعد مرور 7 أشهر ونصف أطلقوا سراحه وعاد إلى منزله”.

 

أُمية وخوف من الأتراك وإدمان واقتتال داخلي
على الرغم من كل محاولات إضفاء الشرعية على مناطق سيطرة فصيل “فرقة السلطان مراد”، فإن مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان تؤكد انتشار الفوضى في تلك المناطق، حيث تنتشر الأمية والجهل في أوساط أعضاء الفصيل باستثناء عدد من أصحاب الوظائف التي تتطلب معرفة القراءة والكتابة.
وأشارت مصادر “المرصد السوري” كذلك إلى انتشار حبوب الكبتاغون والحشيش كنوع من الإدمان في شمال غرب سوريا، إضافة إلى عمليات القتل والسلب والنهب.
ولفت المصدر إلى أنّ “فرقة السلطان مراد، بما في ذلك قائدها فهيم عيسى، تخشى بالكامل من مجرد رؤية عسكري تركي بسيط، حيث يسعى الجميع في تلك الفصائل إلى إرضاء العساكر الأتراك وكأنهم يعبدونه”.
كما ويسعى كلّ فصيل لاعتقال أكبر عدد من عناصر الفصائل الأخرى من أجل مقايضتهم والمساومة عليهم لاحقاً.

المصدر: أحوال