مقتل “خليفة البغدادي” دلالة على عودة أمريكا للملف السّوري من بوابة الحرب على الإرهاب

35

 

هل يندثر تنظيم الدولة الإسلامية بقتل زعمائه

 

 

نفّذت قوات “التحالف الدولي” بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، عملية وصفها الرئيس الأمريكي جو بايدن بـ”النوعية” في شمال غرب سورية بمحافظة إدلب القريبة من الحدود التركية والتي أدّت إلى مقتل “خليفة البغدادي”  عبد الله القرشي المكنّى بأبي إبراهيم ولاقت العملية ترحيبا دوليا واسعا برغم أن القرشي لم يكن شخصية مؤثّرة في مسار العمليات التي ينفذها تنظيم “الدولة الإسلامية” شرق الفرات أو غربه.
ويستبعد محللون أن يكون لمقتل القرشي تأثيرات كبرى بالمقارنة بالتأثيرات التي فرضها مقتل زعيم التنظيم الذي سبقه “البغدادي”، برغم أن القرشي قد عُرف بتوحّشه الداعشي وتورطه في سبي ومقتل الإيزيديات وهو المسؤول عن عمليات التفخيخ داخل التنظيم.
وظلّ شمال غرب سورية منذ سنوات ممرا ومقرّا لعديد التنظيمات المصنفة إرهابية على المستوى الدولي، في حين تُثار تساؤلات عديدة بشأن تحركاتهم ودعمهم وهي المنطقة المعروفة بأنها محاذية للحدود التركية.
ولكن السؤال المحيّر بعد مقتل القرشي يتعلّق بمصير الآلاف في مخيّمات الاعتقال في الهول على سبيل المثال الذين اعتبرتهم جهات عديدة محلية وعالمية بأنهم يشكّلون قنبلة موقوتة بحكم وجود أطفال شبّوا على الفكر الظلامي بدون أن يجدوا في المقابل من ينقذهم  ويخلّصهم من دوائر الدمغجة والتجنيد.
ويرى السياسي المعارض جمال الشوفي، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان أنّه تبعا لأحداث التنظيم في سجن غويران في الحسكة، كانت هناك عدة سيناريوهات متوقعة، أوّلها يتمثّل في تحرّك إيراني متوقّع للتخلص من الضغط في الملف النووي ومسائل من هذا النوع أو تحرك أمريكي، وقد أثبتت الأحداث منذ عام 2013 من الشهر الثامن ظهور تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل واضح في الرقة، علما أنّ مقاتلي التنظيم هم أصحاب معتقد مغلق إلاّ أن قادتهم ظلّوا وكلاء لأكثر من جهة من بينها إيران  وأمريكا لتنفيذ مآرب داخل الأرض السورية.
وإعتبر الشوفي أنّ التنظيم ينشط مع عدّة استخبارات متعددة وبات منذ 2013 إلى اليوم ذريعة لـ”التحالف الدّولي” للدخول إلى سورية بطريقة مختلفة عما كان يتوقع، لافتا إلى أنّ مقتل القائد الثّاني للبغدادي إشارة إلى عودة إرادة أمريكا أو البنتاغون حصرا، للعودة إلى الملف السّوري ولكن من بوابة الحرب على الإرهاب، خاصة وأن الاستقصاء أو تنامي المحفزات الكبيرة في المسألة الأكرانية و بلوغها حد التّصادم الكبير يرتبط مع المسألة السورية بمشترك واحد وهو روسيا، خطوط الغاز والطاقة ومدّ أوروبا و التقدّم الرّوسي غير المسبوق على المستوى الدّولي هذا كان مترافق مع برود أمريكي تجاه الملف السّوري، أمام الاستقصاء الأوكراني، حيث لا تستطيع أمريكا و بريطانيا شدّ زمام الأوروبيين لمصلحتهم في مواجهة ما لوضع حدّ للتمدد الروسي.
ولاحظ محدثنا أن ألمانيا وفرنسا لعبتا دور الوسيط في هذا الموضوع ولا تريد أوروبا كاملة العودة إلى مخاض حرب وردع كما كانت في السّابق بالعكس تريد تهدئة الأوضاع، وربما حلّ المسائل بطريقة سياسية في المقابل تدرك أمريكا وبريطانيا أن الخطر الروسي في التمدّد الأوكراني وهذا ما أعاد الحسابات الأمريكية للمنطقة بالكامل وبدءا بالمسألة السورية.
وختم بالقول، “تحرّك تنظيم الدولة الإسلامية أو مقتل قائد داعشي في الوقت الحالي، هو دلالة على عودة أمريكا للمسألة السورية مرّة أخرى بحيث تصبح بموازاة المسألة الأكرانية في مواجهة التمدد الرّوسي بالتالي أكرر أن تحرّك التنظيم أو مقتل القرشي في الوقت الحالي لم يكن مجرد إشارة على قتل قائد تنظيم إرهابي وإنما يعني عودة أمريكية مختلفة للمنطقة وبطرق مختلفة ستكشف عنها الأيام في الواقع القريب وأعتقد أن المسألة السورية ستكون بدايتها”.
من جانبه علّق العميد أحمد الرحال في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، قائلا إنّ التنظيمات الجهاديّة تعتبر نفسها حاملة لجوازات سفر إلى الجنّة توزّعها على أتباعها، وبالتالي فإنّها لا تتأثّر عند موت قاداته،  يعني  بعد مقتل  أسامة بن لادن استمر  أيمن الظواهري وبعد قتل البغدادي استمر بعده القرشي وبعد مقتل القرشي سيأتي أحد ليحل محله، لكن تنظيم “الدولة الإسلامية” بشكل عام يعاني من ضعف في الموارد البشرية وضعف التواجد في مكان ثابت بعد انتهاء الخلافة، و يقاتل اليوم بتكتيك جديد عن طريق العصابات والذئاب المنفردة، ولم تعد هناك قيادة مركزية بل أصبحت القيادة للأطراف وقيادة لا مركزية كما يزداد نفوذه في مناطق إفريقية اليوم، لكن مقتل القرشي لن يؤثر على عمل التنظيم بالعكس سيعطيه دافع أكبر للانتقام والإجرام. 
وبخصوص سؤالنا عن من سيخلفه ، ردّ رحال، ” بالتأكيد سيقع إنتخاب مجلس الشورى وتنصيب قائد جديد لكن لن يتم إعلان اسمه للعلن كي لا تتم ملاحقته لكن هناك أمر شديد الخطورة لم يقع التطرّق إليه وهو تعاون الجولاني مع الإستخبارات ومع أجهزة الاستطلاع الأمريكية وعملية الإنزال وعملية الحوامات الموجودة بالجو دليل على أنهم مستعدّون ويعرفون جيدا بوصولهم، بل هم على تنسيق وتعاون، أتوقع أن تنشأ حرب خفية، حرب اعتقالات بين داعش وبين جماعة القاعدة أو جماعة الجولاني في الأيام القادمة، اليوم مقتل القرشي يؤكد أن الجولاني وجماعته من قاموا بتسريب المعلومات وجماعة القاعدة قد ينفذون عمليات اغتيالات في حق قيادات الصف الأول لجماعة الجولاني للانتقام لمقتل زعيمهم”
كما أفادنا ماجد القيسي الخبير الإّستراتيجي،  بأّن مقتل القرشي سوف يؤثر على التنظيم المتطرّف من الناحية النفسية بعد أن كان يسعى إلى تأمين التفوق النفسي لعناصر التنظيم من خلال عملياته وخصوصا النوعية مرجحا أن يكون هناك خلافات داخل التنظيم حول خليفة أبو إبراهيم القرشي الذي قتل بعملية أمريكية من قبل القوات الخاصة لتحويل قيادة التنظيم من العراقيين الى العرب وحدثت هذه الخلافة أبو بكر البغدادي عام 2019.

ووصف إبراهيم شيخو الناطق الرسمي بإسم منظمة حقوق الإنسان بعفرين في حديث مع المرصد السوري، مقتل خليفة البغدادي بالضربة القاصمة التي مسّت التنظيم وكافة الدول الداعمة والممولة للإرهاب .
وأكّد شيخو أنّ القضاء  على التنظيم وفلوله  يتطلّب جهودا دولية متناسقة بين كافة الدول والأطراف المحاربة للإرهاب للتصدّي لمصادر التمويل والدعم التي تطيل عمر التنظيم وتدفع باستمراره .
وناشد دول التحالف وكافة الأطراف بمساعدة ومساندة قوات سوريا الديمقراطية وذلك باسترداد مواطنيها المعتقلين من عناصر تنظيم الدولة وعوائلهم في مخيم الهول في شمال شرق سورية، ومحاكمتهم عن الجرائم التي ارتكبوها في سورية  والعراق  عبر إنشاء محاكم برعاية دولية.