ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية سنام محمد: تغييب “مسد” عن اللجنة الدستورية ممنهج لإبعادنا عن دائرة الحل السياسي.. ومنفتحون على الحوار مع كل الأطراف “باستثناء المحتل التركي”

44

على مدار سنوات، انتهجت شتى الأطراف المتداخلة في الأزمة السورية كل ما بوسعها لتليين موقف سياسي معيّن وإعادة خلط الأوراق السياسية في دمشق، ما أكد المواقف والمصالح التي تتسّم بها بعض القوى الدولية والإقليمية لفرض سياساتها. سنام محمد ممثلة مجلس سوريا الديمقراطية في واشنطن، الجناح السياسي لقوات سوريا الديمقراطية، تتحدث في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان عن الوضع في سوريا و”مخطط تركيا الإجرامي”، وعن أهمية التوافق الأمريكي الروسي لإيجاد تفاهمات تخرج سوريا من أزمتها الطويلة.

1 سياسيون ومعارضون سوريون يقولون إن الحلّ في سورية لن يكون إلا بعد إجراء الإنتخابات الأمريكية، أين تصطف واشنطن اليوم في رأيك؟

ج- لا شك في أن الانتخابات الأمريكية تلعب دورا رئيسيا في ذلك ولكن لا ننسى أن الموضوع السوري هو استراتيجي بالنسبة لواشنطن وقد اتفقت الدول الكبرى على أنه لا حل عبر الدبابات في سورية.. لذلك سيكون الحل سياسيا عبر تفاهمات دولية بين اللاعبين الرئيسيين، وبالتأكيد واشنطن هي إحدى تلك القوى الرئيسية. ولكن مجريات التفاهمات ستكون معقدة كونها تتعلق بالدول الإقليمية وتناقضاتها مع الحل السوري، وأمام واشنطن مهام كبيرة في ذلك.

2- المرشح الديمقراطي جو بايدن عرض خطته وهي شبيهة بسابقاتها من الخطط، بيد أن الجديد فيها هو تركيز بايدن على ملفات الصراع في المنطقة، أبرزها سورية..هل ينجح برأيك في ذلك في ظل تحولات جيوسياسية وإقليمية؟

ج- إن أساس السياسة يكمن في تحقيق المصالح الاستراتيجية أو الاقتصادية، وبكل تأكيد لدى الولايات المتحدة الأمريكية استراتيجيتها الخاصة في سورية، وهذه السياسة أو الاستراتيجية تكاد تكون من ثوابت السياسة الأمريكية، ولكن تختلف طرق وأساليب الوصول إلى الهدف، وكانت تصريحات الإدارة الأمريكية تركز على دعم الحل السياسي ودحر الإرهاب المتمثل بتنظيم الدولة الإسلامية في سورية. ونأمل أن تحافظ واشنطن على مبادئها المبنية على تحقيق وضمان أمن واستقرار المنطقة بشكل عام بغض النظر عمن سيكون سيد البيت الأبيض القادم.

3- هناك حديث عن مساع أمريكية لجبهة موحّدة ضد النظام تقودها قسد” والمعارضة السورية.. كيف السبيل إلى نجاحها لإخراج سورية من الأزمة؟

ج- الصراع السوري دام سنوات دون الوصول إلى حل ودون وقف نزيف الدم السوري، ومن أسباب استمراره عدم التوصل إلى اتفاق بين السوريين أنفسهم، ونحن في مجلس سورية الديمقراطية ظل توجهنا على الدوام يتركز على القوى الديمقراطية الفاعلة التي تنظر إلى سورية الجديدة “لكل السوريين” بكافة التنوع الإثني والديني حيث تحافظ البلاد على فسيفسائها الجميل، وأعتقد أن الوقت قد حان لتجلس كافة أطراف المعارضة على الطاولة معا وتناقش مستقبل بلدها، لذلك كنا منفتحين على الحوار مع كافة القوى الديمقراطية السورية، ويمكن أن للقوى الدولية الفاعلة أن يكون لها دور في الملف السوري ومن بينها واشنطن.

4- في حال ضغطت أمريكا، هل من الممكن أن يحصل تقارب بين قسد وتركيا؟

ج- نحن في مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية لم نشكل أي تهديد لدول الجوار وكنا دائما نرغب في أن تكون لنا علاقات حسن جوار مع جيراننا على الحدود، وتركيا التي نتشارك معها الحدود بطول ما يقارب 920 كم كان من الأولى أن نحظى معها بعلاقات جيدة لدعم الشعب السوري في مناطق شمال وشرق سورية، للأسف هذا لم يحدث.. بالعكس تماما حدث احتلال وغزو تركي لأراضٍ سورية مثل عفرين وتل أبيض ورأس العين، وتم تهجير أهل هذه المدن ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف إلى مخيمات داخل المنطقة بالإضافة إلى انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان من قتل وخطف واغتصاب للنساء من قبل المجموعات المسلحة المدعومة من تركيا.. إن كانت تركيا جادة في خلق الاستقرار في المنطقة فعليها التوقف عن هذه الإنتهاكات أولا.

5- سورية أمام حرب طويلة زمنيا والدفاع عنها والحفاظ على وحدتها جزء من إعادة التوازن بالمنطقة.. كيف السبيل للدفاع عنها؟

ج-السيادة مفهوم نسبي، ولكن السيادة الوطنية هي مفهوم مطلق، وهذا لن يتحقق إلا من خلال توافق دولي لحل الأزمة يحدد سيادة الدولة لاحقا من خلال خروج كافة القوات الأجنبية من سورية وفرض سيادة دولة القانون وتحقيق المواطنة لكافة مكونات الشعب السوري وحماية مكتسباته. وأعتقد أن أفضل حلّ من أجل الداخل السوري هو قبول مبدأ الإدارة الذاتية وتعميمه على كافة مناطق الجغرافيا السورية ليدير الشعب شؤونه بنفسه ضمن منظومة ديمقراطية وطنية ومن خلالها ستستعاد السيادة والأمن وهيبة الدولة.

6- تقارير كثيرة تحدثت عن الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في سورية في ظل الحرب وسط صمت دولي، ألا ترين أن هذا الصمت شجع الانتهاكات المسلطة على السوريين.. أين “قسد” من هذا كقوة للتصدي والردع؟

ج- الانتهاكات التي تُرتكب من قبل المجموعات المسلحة المدعومة تركيًّا في كافة المناطق المحتلة، من قتل وخطف ودفع فدية وتغيير ديمغرافي للمنطقة وتتريك وتهجير قسري زادها الصمت الدولي تفاقما، لذلك ندعو المنظمات الدولية إلى أن تشكل هيئة حيادية للتحقيق في هذه الجرائم التي ترقى إلى جرائم حرب ومحاسبة الفاعلين. أما بالنسبة للانتهاكات بحق النساء في عفرين، فقد تم التواصل من أجل إنهاء هذه الجرائم والإفراج عن النساء، وقد سمعنا للأسف أخبارا تتعلق بإرسال المعتقلات من نساء عفرين إلى ليبيا كسبايا، وهذه الأفعال لا تختلف عما قامت به “داعش” في حق النساء اليزيديات في سنجار، لذلك نطالب الأمم المتحدة وكل القوى الدولية المعنية بالملف السوري بإنهاء هذه الانتهاكات بحق نسائنا، علما أن قسد تعمل من طرفها أيضا مع دول التحالف وتطالب بوقف ما يحدث بحق النساء.

7- مراقبون يعتبرون أن الصراع في سورية، صراع اقتصادي بالدرجة الأولى على ثراواتها من قبل الدول المورّطة في دماء السوريين.. هل تتفقون مع هذا الرأي؟

ج-من المؤلم أن نصف الصراع في سوريا بأنه صراع اقتصادي بحت، فهذا الأمر يقوض الأسباب التي قامت عليها الثورة السورية من أجل الحرية والمواطنة والديمقراطية والوصول إلى الدولة المدنية، ما يجعل تضحيات الشعب ودمائه تذهب سدى.. هذا على الصعيد الداخلي، أما دوليا فإن الصراع في سورية قد كلف أضعاف ما قد يتم الاستفادة منه لاحقا.. حرب القوى في سورية لها أبعاد وتأثير على السياسة العالمية، فمن سوريا يبدأ تشكيل نظام عالمي جديد وهذا الأمر يفسر هذا الصراع الكبير بين القوى المؤثرة.

8- ما تعليقك على مذكرة التفاهم بين مجلس سوريا الديمقراطية وحزب الإرادة الشعبية بشأن الأزمة السورية؟ هل من الممكن أن تؤدي إلى حل سياسي؟ وما ردك على الهجوم القائم على الاتفاقية التي تعتبرها قسد ومسد إنجازا مهما؟

ج- إن أي اتفاق ولو كان مبدئيا يحصل مع أي جهة كانت يعتبر بحد ذاته نصرا، فكل خطوه نخطوها مع أي جهة من أجل الوصول إلى حل وتفاهمات سياسية هي خطوة نحو إنهاء معاناة الشعب السوري، ونحن جادون جدا في الوصول إلى حل ينهي الصراع ويعيد بناء الدولة ضمن أطر جديدة تضمن للجميع حقوقهم، ومن ينتقد هذه الخطوات يعتبر شريكا في إراقة المزيد من الدماء وزيادة معاناة الشعب. إن كل يوم نختصره على طريق إيجاد الحل هو مكسب لنا جميعا.. نحن لا نبحث من خلال سعينا الدبلوماسي عن ميزات أو مكاسب اقتصادية أو سياسية، إنما نبحث عن الحل الشامل الذي من شأنه إيصالنا إلى شاطئ الأمن والأمان والاستقرار لعموم الشعب والمنطقة.

9- حول مسار الأزمة السورية.. هل يمكن أن تصل الأزمة إلى حل بدون توافق الدولتين الفاعلتين أمريكا وروسيا؟

ج- رسميا روسيا تملك زمام القرار في دمشق ولديها قوى عسكرية فاعلة على الأرض السورية، كما أن للولايات المتحدة وجودا على الأرض السورية وتدعم القوى التي هزمت “داعش” وتملك زمام الحل السياسي التوافقي. ونحن مقسمون إلى قسمين، جغرافيا بين قوتين، وبدون هاتين القوتين لن نستطيع أن نحرز تقدما على طريق الحل السياسي خطوة واحدة، وحتى إن وجدت الإرادة السياسية والوطنية في دمشق فإن عدم وجود ضامن لأي اتفاق لن يصل بنا إلى حل. روسيا وأمريكا تمثلان قوى الصراع العالمي الحديث ولن يكون هناك أي حل من دونهما.

10 تغييب مسد عن اللجنة الدستورية.. هل كان استرضاءً لتركيا؟

ج- لم يكن استرضاءً لتركيا فقط بقدر ما يهدف إلى تهميش دورنا كقوة سياسية فاعله في الشمال السوري.. يريدون أن يخرجونا من معادلة الحل السياسي واستبدالنا بطرف أخر مصطنع لا يمثل إطلاقا حقوق الشعوب التي ثارت من أجل نيل حقوقها. ومع ذلك نؤكد أن لا حل من دون إشراك مسد في المسار السياسي وأي تهميش لنا لا يخدم إطلاقا معادلة الحل السياسي التي ستصبح مستحيلة من دون مشاركتنا أو مشاركة أي قوة سياسية أخرى فاعلة.