مناطق الإدارة الذاتية خلال تشرين الأول: نحو 60 قتيلاً وجريحاً في أعمال عنف وتصاعد كبير في الاقتتالات العائلية والعشائرية في ظل التهديدات التركية المستمرة

61

شهدت مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سورية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” خلال شهر تشرين الأول/أكتوبر 2021 جملة من الاضطرابات الأمنية والأحداث التي كان لها الأثر في انتهاك حقوق المواطنين السوريين ضمن هذه المناطق، وفي ضوء ذلك قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره برصد ومواكبة جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر العاشر من العام 2021.

الخسائر البشرية بفعل أذرع التنظيم والاستهدافات والجرائم..
يواصل تنظيم “الدولة الإسلامية” عملياته في مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية”، عبر هجمات مسلحة وتنفيذ اغتيالات بأشكال مختلفة كإطلاق الرصاص والقتل بأداة حادة وزرع عبوات ناسفة وألغام في مختلف مناطق قسد، وتقابل قسد عمليات التنظيم بحملات أمنية بشكل دوري تقوم بها برفقة التحالف وتطال خلايا التنظيم ومتهمين بالتعامل معه، لكن جميع تلك الحملات لم تأتي بأي جديد يحمل معه الأمن والاستقرار في تلك المناطق.
وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، أكثر من 11 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد ضمن كل من دير الزور والحسكة وحلب والرقة، تمت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر خلال أيلول، 8 أشخاص، هم: 5 مدنيين، و3 من التشكيلات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.
و”نائب الرئاسة المشتركة” لمجلس دير الزور المدني قتل عن طريق “الخطأ” برصاص عناصر من قسد في عملية إنزال بقرية الصبحة شرقي دير الزور
وعنصران في قسد قتلا بقصف صاروخي تركي على محيط ناحية عين عيسى بريف الرقة الشمالي، و5 بينهم اثنين من الكوادر قتلوا جراء استهداف جوي نفذته طائرة مسيرة تركية على سيارة في مدينة عين العرب (كوباني) شرقي حلب، و3 أشخاص قتلوا في استهداف طائرة مسيرة تركية لسيارة عسكرية تابعة للتشكيلات العسكرية المنضوية تحت قيادة “قسد”، قرب صالة سيران في مدينة عين العرب (كوباني) في ريف حلب الشرقي.
وعنصر من خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” قتل خلال قيام مجموعة من خلايا التنظيم بنصب كمين بهدف قتل قيادي وعناصر من قوات سوريا الديمقراطية، في بلدة الطكيحي بريف دير الزور الشرقي، وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن الكمين قد فشل، وتمكن عناصر قسد من قتل عنصر من خلايا التنظيم وإصابة آخر، وينحدر عنصر التنظيم الذي لقي مصرعه من بلدة الزر، وهو أبن أخ قيادي في تنظيم “الدولة الإسلامية” يدعى “ح.ا” اعتقلته قوات سوريا الديمقراطية بمشاركة التحالف الدولي منذ عدة أشهر من بلدة الزر بريف دير الزور الشرقي.
وشهدت مناطق الإدارة الذاتية خلال شهر تشرين الأول، اقتتالات عائلة ومسلحة بلغ عددها 10، تسببت بمقتل 16 شخص وجرح 22 آخرين، وتوزع القتلى على النحو التالي: ثلاثة أشخاص قتلوا جراء اندلاع عراك مسلح، استخدم خلاله رشاشات متوسطة وثقيلة بين أفراد من عائلة واحدة “أبناء عمومة” في بلدة الدحلة شرقي دير الزور، وشخص قتل جراء اقتتال مسلح بين مسلحين عشيرة الجحيش من جانب، ومسلحين من عشيرة الخاتونية من جانب آخر، وذلك في حي العزيزية بمدينة الحسكة، و5 أشخاص قتلوا نتيجة مشاجرة تطورت إلى اشتباكات استخدم فيها الأسلحة الرشاشة، بين قبيلتي البوعز الدين، والخضير الحدادة بحي اللطوة في بلدة ذيبان بريف دير الزور، وشخص قتل جراء اقتتال بين عائلتين في قرية الكوز التابعة لناحية اليعربية شمال شرقي الحسكة، و3 أشخاص أحدهم عنصر في قسد قتلوا نتيجة ثأر قديم بين عائلتين تجدد في قرية المويلح في ريف دير الزور، ومواطن قتل برصاص مسلحين نتيجة قضية ثأر مع أبناء عمومته في ذيبان بريف دير الزور، وشاب من أبناء قرية الحريجي بريف دير الزور الشمالي قتل بعد خطفه من منزله بسبب قضية ثأر، ومواطن من أهالي بلدة هجين قتل بالرصاص، على طريق الريانة شرقي دير الزور، ووفقًا للمصادر فإن مسلحين يرجح أنهم أشقاء من أبناء بلدة البحرة لا حقوه وقتلوه بالرصاص على خلفية مقتل شقيقهم، حيث عثر على جثته مقتولًا في سيارته على الشارع العام.

في الوقت الذي تواصل قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي حملاتها الأمنية المكثفة، محاولةً الحد من نشاط التنظيم، ولاسيما في دير الزور بالدرجة الأولى والحسكة بالدرجة الثانية، وأسفرت تلك الحملات وفقاً لما رصده نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الأول، عن اعتقال 23 شخص بتهم “الانتماء والتعامل مع خلايا التنظيم” وتهم أخر بينهم قيادات في تنظيم “الدولة الإسلامية”، وذلك في كل من ذيبان والصبحة والشحيل والبصيرة ضمن دير الزور، والشدادي وريفها في الحسكة، وأماكن أخرى شمال وشرق سورية، أفرج عن قسم منهم بينما لا يزال البقية قيد الاعتقال.

على صعيد متصل، اقتحمت جموعة مسلحة مؤلفة من 4 عناصر تابعين لتنظيم “الدولة الإسلامية” معبر يستخدم للتهريب من مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، نحو مناطق سيطرة النظام والإيرانيين عبر نهر الفرات في حويجة مدينة البصيرة بالريف الشرقي لمحافظة دير الزور، وهددوا العاملين في معابر التهريب مع النظام بالقتل في حال قاموا بتهريب القمح أو الطحين نحو مناطق النظام وذلك بتاريخ 25 تشرين الأول.
كذلك شهد 27 تشرين الأول، تحليقًا لطائرات “التحالف الدولي” على علو منخفض، وإلقاء قنابل ضوئية في سماء الحسكة، ووفقًا للمصادر فإن “قسد” مدعومة بقوات “التحالف الدولي” نقلت مساجين من سجن غويران في الحسكة إلى سجن مدينة الشدادي، الذي تم تشييده بدعم من “التحالف الدولي”.
كما أفادت مصادر محلية، بأن مساجين من تنظيم “الدولة الإسلامية” استعصوا في سجن الصناعة، فيما انتشرت قوات أمنية في محيط السجن.
بينما سلمت دائرة العلاقات الخارجية في “الإدارة الذاتية” في 21 تشرين الأول، 6 أطفال و3 سيدات من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى وفد مملكة السويد برئاسة السفير فريديريك فلورن من دائرة الشؤون القنصلية والقانون المدني.
وجاء ذلك، في زيارة رسمية أجراها السفير السويدي إلى مناطق “الإدارة الذاتية”، في مدينة القامشلي.
وفي 19 أكتوبر، عمد وفد رسمي من المملكة المتحدة (بريطانيا)، إلى زيارة مقر دائرة العلاقات الخارجية ضمن الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سوريا.
وضم الوفد المبعوث البريطاني الخاص لسوريا جوناثان هارغريفس، وجرى تباحث وضع المنطقة بين الطرفين، قبل أن يتم تسليم 3 أطفال من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” من الجنسية البريطانية إلى الوفد، وذلك بموجب وثيقة عودة رسمية وقع عليها ممثلون عن الجانب البريطاني في مقر “دائرة العلاقات الخارجية” بمدينة القامشلي.
وفي أوائل تشرين الأول، سلمت دائرة العلاقات الخارجية ضمن “الإدارة الذاتية”، عشرات الأطفال والنساء الأجانب من عوائل عناصر تنظيم “الدولة الإسلامية” إلى ممثلين عن حكوماتهم، ممن كانوا متواجدين في مخيم “روج” بريف المالكية (ديريك) ضمن محافظة الحسكة، حيث جرى تسليم 8 نساء و23 طفل من الجنسية الألمانية إلى ممثلين عن الحكومة الألمانية، كما جرى تسليم 3 نساء و14 طفلاً من الجنسية الدنماركية إلى ممثلين عن الحكومة الدنماركية.

بينما تواصل “الشبيبة الثورية” غطرستها غير آبهة بالنداءات التي تطالبها بالتوقف عن أعمالها التي لا تتوافق مع القوانين الدولية وقوانين حقوق الإنسان، فيما يتعلق باختطاف الأطفال في مناطق “الإدارة الذاتية”، لتجنيدهم في صفوف القوات العسكرية ضمن مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية، مستغلين الخلافات التي تحصل بين أفراد العائلة، وتمارس ضغوطات على ذوي الأطفال لعدم المطالبة بهم.
مصادر المرصد السوري، أفادت بأن “الشبيبة الثورية” لاتزال تحتجز طفل (ف.ح) 16 عام، منذ 9 أشهر، وهو نازح مع عائلته من حلب إلى القامشلي، دون أن تتمكن عائلته من استعادته.
المرصد السوري يطالب القوى السياسية والعسكرية في مناطق الإدارة الذاتية بكبح جماح ما يسمى “الشبيبة الثورية” لخرقها الأعراف وانتهاكها لحقوق الإنسان.
ويعد تجنيد الأطفال واشتراكهم في النزاع المسلح من مظاهر انتهاكات حقوق الطفل، حيث أن الأطفال الشريحة الأكثر تضرراً في النزاعات الدولية منها وغير الدولية، إذ نص البروتوكول الاختياري الأول لاتفاقية جنيف الأربعة لسنة 1977 في المادة (77) فقرة 2 و3 على تحديد سن اشتراك الأطفال في العمليات العدائية أو تجنيدهم في القوات والجماعات المقاتلة وهو ألا يقل عن خمسة عشر سنة.
كما تم الاعتماد على البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل لسنة 2002، والذي رفع فيه سن تجنيد الأطفال في القوات المسلحة والاشتراك في الأعمال الحربية إلى الثامنة عشر، على اعتبار أنه يجب أن تكون مصالح الأطفال العليا محل اعتبار في جميع الإجراءات التي تخص الأطفال، الى جانب أن معظم قوانين دول العالم لا تجند رعاياها قبل بلوغ هذا العمر كحد أدنى للتجنيد.

فيما قام عناصر من ما يسمى “الشبيبة الثورية” بمهاجمة منزلًا في مدينة الدرباسية لعائلة الطفلة (ر.ع) التي تمكنت من الهرب من معسكرات “الشبيبة الثورية”.
وأثناء دخول المنزل، حاول عناصر “الشبيبة الثورية” وعددهم 4 عناصر بينهم سيدتان، مصادرة الهواتف النقالة المتواجدة في المنزل، لتفحصها والتواصل مع الطفلة ابنتهم التي تمكنت من الهرب، والوصول إلى منطقة آمنة منهم بحسب مصادر أهلية.
وكانت “الشبيبة الثورية” قد اعتقلت، قبل أيام، والد الطفلة (ر.ع)، وذلك بأمر من “الشبيبة الثورية”، فيما لا يزال محتجزًا حتى اليوم.
وفي أوائل تشرين الأول، سلمت قوات سوريا الديمقراطية 54 قاصرًا تتراوح أعمارهم ما بين 15 و 17 عاما من مختلف مناطق الجزيرة السورية إلى ذويهم بالتنسيق ما بين مكتب العلاقات في قوات سوريا الديمقراطية ومكتب حماية الطفل في النزاعات المسلحة، حيث جرى تسليم الأطفال بعد عقد مؤتمر صحفي في مقر “القاعدة الروسية السابقة” بمدينة عامودا بريف الحسكة.

فيما شهد شهر تشرين الأول، حدث بارز يجري لأول مرة في المنطقة، تمثل بقيام قوات النظام بمناورات عسكرية بمشاركة المقاتلات الروسية التي قامت بالتحليق على علو منخفض وإلقاء بالونات حرارية، بالإضافة إلى سماع أصوات انفجارات قوية في المنطقة سببها تلك المناورات التي جرت في منطقة تقع بين جبل عبد العزيز على طريق الـ M4 ومنطقة العالية في ريف تل تمر شمالي الحسكة، قرب خطوط المواجهة مع الفصائل الموالية لتركيا، يأتي ذلك في ظل التحشدات العسكرية التي تشهدها محاور القتال في ريفي الرقة والحسكة، بعد وصول تعزيزات عسكرية للقوات التركية والفصائل الموالية لها إلى منطقة ما تعرف بـ “نبع السلام” والحديث عن معركة قد تبدأها تركيا بمشاركة الفصائل في أي لحظة، بالإضافة إلى وصول تعزيزات عسكرية لقوات النظام وقسد على المقلب الآخر من المنطقة، إذ أن المناورات العسكرية التي تجري في منطقة تل تمر دليل واضح على وجود اتفاق روسي – تركي حتى اللحظة حول العملية العسكرية التركية في تلك المنطقة.