مناطق الإدارة الذاتية خلال تشرين الثاني: نحو 30 قتيلاً في أعمال عنف واستهدافات لأذرع التنظيم.. واحتجاجات شعبية متصاعدة في ظل الأزمات المعيشية

84

شهدت مناطق نفوذ الإدارة الذاتية لشمال وشمال شرق سورية وقوات سوريا الديمقراطية “قسد” خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر 2021 جملة من الاضطرابات الأمنية والأحداث التي كان لها الأثر في انتهاك حقوق المواطنين السوريين ضمن هذه المناطق، وفي ضوء ذلك قام المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره برصد ومواكبة جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الحادي عشر من العام 2021.

الخسائر البشرية بفعل أذرع التنظيم والاستهدافات والجرائم..
يواصل تنظيم “الدولة الإسلامية” عملياته في مناطق نفوذ “قوات سوريا الديمقراطية”، عبر هجمات مسلحة وتنفيذ اغتيالات بأشكال مختلفة كإطلاق الرصاص والقتل بأداة حادة وزرع عبوات ناسفة وألغام في مختلف مناطق قسد، وتقابل قسد عمليات التنظيم بحملات أمنية بشكل دوري تقوم بها برفقة التحالف وتطال خلايا التنظيم ومتهمين بالتعامل معه، لكن جميع تلك الحملات لم تأتي بأي جديد يحمل معه الأمن والاستقرار في تلك المناطق.

وأحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، أكثر من 29 عملية قامت بها خلايا التنظيم في مناطق نفوذ قسد ضمن كل من دير الزور والحسكة وحلب والرقة، تمت تلك العمليات عبر هجمات مسلحة واستهدافات وتفجيرات، ووفقاً لتوثيقات المرصد السوري، فقد بلغت حصيلة القتلى جراء العمليات آنفة الذكر خلال أيلول، 22 أشخاص، هم: 15 مدني بينهم طفلتين وامرأتين، و7 من التشكيلات العسكرية التابعة لقوات سوريا الديمقراطية.

وبعيداً عن خلايا تنظيم “الدولة الإسلامية”، فقد وثق المرصد السوري مقتل 7 أشخاص بينهم سيدة وطفلين اثنين، ضمن مناطق “الإدارة الذاتية خلال الشهر الفائت، هم: طفل جرى العثور عليه مشنوقًا داخل حظيرة أبقار في بلدة الباغوز المعقل الأخير لتنظيم “الدولة الإسلامية” بريف دير الزور الشرقي، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن الطفل فُقد لمدة 24 ساعة، ليتم العثور عليه ممدد على أرضية “حظيرة أبقار” قرب منزل أهله وعلى عنقه حبل وعلى جسده آثار ضرب بظروف وفاة غامضة حتى اللحظة، وطبيب وشقيقته قتلا في ظروف لاتزال غامضة حتى اللحظة داخل منزل الطبيب في مدينة الرقة، وطفلة برصاص طائش على خلفية اقتتال مسلح بين عائلتين في بلدة شحيل بريف دير الزور الشرقي، وشاب من محافظة إدلب قتل طعناً بالسكين على يد مجهولين في منطقة السكن الشبابي بمدينة الحسكة، وشاب قتل برصاص طائش إثر اشتباكات عائلية في بلدة غرانيج شرقي دير الزور، ومواطن قضى جراء الضرب المبرح الذي تعرض له من قبل عناصر الجندرما التركية أثناء محاولته الدخول إلى تركيا من جهة قرية العراضة شمال ناحية أبو راسين ضمن محافظة الحسكة.

في الوقت الذي تواصل قوات سوريا الديمقراطية وبدعم من التحالف الدولي حملاتها الأمنية المكثفة، محاولةً الحد من نشاط التنظيم، ولاسيما في دير الزور بالدرجة الأولى والحسكة بالدرجة الثانية، وأسفرت تلك الحملات وفقاً لما رصده نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر تشرين الأول، عن اعتقال 19 شخص بتهم “الانتماء والتعامل مع خلايا التنظيم” وتهم أخر بينهم قيادات في تنظيم “الدولة الإسلامية”، وذلك في محافظة دير الزور، والشدادي وريفها في الحسكة، وأماكن أخرى شمال وشرق سورية، أفرج عن قسم منهم بينما لا يزال البقية قيد الاعتقال.

كذلك ألقت طائرات “التحالف الدولي” منشورات ورقية في ريف دير الزور الشرقي، تطالب الأهالي بالإبلاغ عن المدعو ” مناف علي العال”، لأنه قيادي في تنظيم “الدولة الإسلامية” يشارك في صناعة المتفجرات وزرع العبوات الناسفة والهجوم على قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي”، وذكرت بحسب المنشورات أنه يعيش في قرية الزر شرق ديرالزور، وطالبت السكان بتقديم معلومات عنه.

على صعيد منفصل، يتواصل التصعيد التركي على مناطق نفوذ “الإدارة الذاتية”، عبر عمليات قصف بري تجري بشكل شبه يومي، تتركز ضمن ريف الحسكة الشمالي وتحديداً ريفي تل تمر وأبو رأسين، وريف عين عين عيسى شمالي الرقة، في ظل الحديث الإعلامي حول عملية عسكرية تركية، وفي هذا السياق، أكدت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان شهر تشرين الثاني الفائت، بأن مدينة الرقة اجتماعاً بين وفد تابع لقوات التحالف الدولي من جانب، وقيادات من قوات سوريا الديمقراطية من جانب آخر، وتمحور الاجتماع عن التهديدات التركية والحديث الإعلامي الذي يتم الترويج له حول عملية عسكرية تركية تستهدف مناطق نفوذ الإدارة الذاتية شمال شرق سورية، والدور الروسي في هذه العملية الإعلامية، ووفقاً لمصادر المرصد السوري فإن التحالف الدولي أعطى تطمينات لقيادات قسد بأنهم سيقفون إلى جانبهم وستبقى قوات التحالف في المنطقة، كما أن الحديث عن عملية عسكرية تركية هي حرب إعلامية روسية وتركية فقط، حيث يسعى الروس لتحقيق مكاسب من وراءها، كما زار وفد التحالف المجلس المدني في الرقة والتقى مسؤولين فيه أيضاً.

وبالانتقال إلى ملف الاحتجاجات الشعبية، يتواصل الاستياء الشعبي بما يخص الأمور الخدمية والمعيشية ضمن مناطق واسعة ومتفرقة من مناطق نفوذ الإدارة الذاتية، ففي الرابع من تشرين الثاني، رصد المرصد السوري وقفة احتجاجية في منطقة الشعيطات عند مفرق القهاوي بريف ديرالزور الشرقي، شارك بها الكوادر الطبية و التعليمية، للمطالبة بتحسين الظروف المعيشية للمنطقة و تعيين المعلمين و تأمين المستلزمات الطبية للمستشفيات و سيارات إسعاف و إقالة الفاسدين من المجالس المحلية في ريف دير الزور الشرقي.

وفي الثامن من الشهر، خرج الأهالي بمظاهرة في بلدة الحصان الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية بالريف الغربي لمحافظة دير الزور، احتجاجًا على توقف “الإدارة الذاتية” عن دعم الأفران بمادة الطحين، الأمر الذي أدى إلى حدوث أزمة حادة على الأفران، حيث عمد المتظاهرون إلى قطع الطريق الرئيسية للبلدة تعبيرًا عن استيائهم حيال ذلك.

وفي 17 تشرين الثاني، أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الجهة المانحة والتي تقدم الدعم لمشفى الشحيل الجراحي بريف دير الزور الشرقي، ضمن مناطق نفوذ قوات سوريا الديمقراطية وهي “دائرة المساعدة الإنسانية التابعة لمفوضية الأمم المتحدة الايكو”، أبلغت المسؤولين عن المشفى بأن الدعم سيتوقف منذ بداية الشهر القادم، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن المشفى تخدم قرابة 300 ألف نسمة من أهالي ريف دير الزور الشرقي، من خلال تقديم الخدمات الطبية والإسعافية والجراحية وإجراء عمليات وغيرها مجانا لجميع أهالي المنطقة.
ومن هذا المنبر، ناشد الأهالي المنظمات الدولية و الإنسانية بضرورة استمرارية دعم وعمل المشفى كونها تخدم شريحة كبيرة من الأهالي، في ظل الأوضاع الطبية والصحية الصعبة للأهالي في تلك المنطقة، وسط دعوات شعبية للخروج بمظاهرات يوم غد تعبيرًا عن استيائهم حيال توقف دعم المشفى. ليخرج أهالي المنطقة بوقفة احتجاجية بعدها بيوم تعبيراً عن رفضهم لتوقف الدعم عن المشفى.

كما شهد الثلث الأخير من شهر تشرين الثاني، إصدار منظمة “Syria Relief” الأوربية قراراً يفضي بإيقاف الدعم المقدم من قبلها لمشفى “التوليد والأطفال والنساء” في المدينة التي تقدم خدماتها بشكل مجاني للمواطنين.

ووفقاً لنشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان فإن المشفى توفر شهرياً معاينة نحو 10 آلاف طفل وامرأة شهرياً، بالإضافة لإجراء نحو 450 عملية ولادة قيصرية بشكل مجاني أيضاً بمعدل 15 عملية يومياً، بالإضافة لوجود عيادة خارجية للأطفال وجناح يضم 40 سرير و16 حاضنة، وأجهزة تصوير شعاعي وجهاز “مامو غراف” للكشف المبكر عن سرطان الثدي، فضلاً عن صيدلية مجانية ومخبر للتحاليل ومحطة أكسجين خاصة بالمشفى.

وينذر قرار وقف الدعم بكارثة إنسانية حقيقية، وذلك لعدم استطاعة القسم الأكبر من الأهالي بتحمل تكاليف المشافي الخاصة المتواجدة في المدينة، وفي هذا السياق قرر الكادر الطبي في المشفى العمل بشكل مجاني لغاية نهاية العام الجاري 2021، على أن يتم النظر بمستقبل المشفى والعمل ضمنه لاحقاً.

وفي 22 الشهر، رصد المرصد السوري وقفة احتجاجية خرج بها العشرات من أهالي مدينة الرقة الخاضعة لسيطرة قوات سوريا الديمقراطية والتحالف الدولي، وذلك أمام مشفى “التوليد والأطفال” في المدينة، تعبيرًا عن استيائهم وغضبهم بعد إيقاف الدعم عن المشفى التي تقدم خدماتها بشكل مجاني للمواطنين.

تواصل الشبيبة الثورية “جوانن شور شكر”، عمليات تجنيد الأطفال في مناطق الإدارة الذاتية وقوات سوريا الديمقراطية، ضاربة بعرض الحائط جميع القوانين والشرائع والمواثيق الدولية والأعراف والتقاليد، التي تحرم وترفض وتمنع استغلال الأطفال، رغم مطالبات الأهالي بإيقاف عمليات استغلال الأطفال وتجنيدهم لحمل السلاح، وفي سياق ذلك، أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الطفل (ح .ن ) المنحدر من قرية كبكا بريف عامودا، التحق بمعسكرات “الشبيبة الثورية” بعد أن تم التغرير به من قِبل الشبيبة، حيث جرى نقل الطفل البالغ من العمر 13 عامًا إلى أحد المعسكرات في ريف مدينة القامشلي، وفي السياق ذاته، عمدت “الشبيبة الثورية” أيضا إلى تجنيد الطفل القاصر “م.ح” من أهالي حي الشيخ مقصود بمدينة حلب.

كذلك أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن ثلاث فتيات قاصرات وهم “آ.إ” و”ه.ع” و”أ.خ” من أبناء مدينة عامودا بريف الحسكة، جرى استغلال الخلافات مع ذويهن من قِبل “الشبيبة الثورية” وزجهن ضمن معسكراتها، خلال الأيام الثلاث المنصرمة، بالإضافة إلى استقطاب فتاة قاصر قبل نحو شهرين، وهي من أبناء قرية بليسية بريف مدينة المالكية/ديريك، وزجها أيضًا ضمن معسكرات الشبيبة.
وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته لكل من “الإدارة الذاتية وقسد”، على اعتبارهما الجهتين المسؤولتين عن المنطقة هناك، لوقف عمليات استغلال الأطفال مع ذويهم وتجنيدهم، من قِبل “الشبيبة الثورية” والتي تعد جريمة بحق الطفولة، كما يطالب المرصد السوري منظمة “اليونسيف” وجميع المنظمات المعنية بحقوق الطفل بالتدخل الفوري لدى “الإدارة الذاتية” من أجل حماية الأطفال وتحييدهم عن الأعمال العسكرية، وإعادة جميع الأطفال المجندين إلى ذويهم.