مناطق “النظام” خلال آذار: الأزمة المعيشية تتصدر المشهد وتصاعد بالفلتان الأمني في الجنوب السوري.. والقرادحة تشهد صراعات كبيرة

55

لاتزال مناطق نفوذ النظام السوري بمختلف المحافظات تشهد أوضاع كارثية بما يخص الواقع المعيشي، الذي ينذر بمجاعة حقيقية إذا ما استمرت على ذات الوتيرة، ولا يزال الارتفاع الجنوني بأسعار السلع الأساسية وما يحتاجه المواطن في تلك المناطق يتصدر، وسط عجز الأهالي عن تأمين أبسط احتياجاتهم اليومية، فضلًا عن الأزمات الكبيرة والطوابير للحصول على مادة الخبز والمحروقات، في ظل العجز التام للنظام السوري عن تخفيف هذه الأزمات كأقل تقدير وإيجاد حلول للمواطنين الذين يعانون الأمرين هناك.

وتصدرت محافظة درعا في الجنوب السورية خلال شهر آذار- مارس حوادث الفلتان الأمني وعمليات الاغتيال، حيث وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل واستشهاد 48 شخصًا، هم: 39 عنصر من قوات النظام وأجهزتها الأمنية ومتعاونين ومتصالحين، و9 مدنيين بينهم طفلين أحدهما”والده متعاون مع أجهزة النظام الأمنية”، لا يعلم سبب مقتلهم إذا ما كان بغرض الثأر أو الانتقام أو أسباب ودوافع أُخرى، جلهم قضوا بظروف مختلفة من خلال اغتيالهم بالرصاص أو بعبوات ناسفة في مناطق متفرقة من محافظة درعا، وغالبيتهم في الريف الغربي للمحافظة، فضلًا عن نحو 10 محاولات اغتيال فاشلة طالت عناصر و متصالحين ومتعاونين مع قوات النظام.

في حين شهدت محافظة درعا جنوبي سوريا في الـ 18 من آذار/مارس خروج مظاهرة حاشدة في ساحة الجامع العمري، ومناطق أُخرى في ذكرى انطلاقة الثورة السورية، أكدوا من خلالها على ثوابت ومبادئ الثورة السورية التي خرج من أجلها السوريون بمختلف مكوناتهم، للمطالبة بالحرية والعدالة والمساواة، وشهدت محافظة القنيطرة مقتل 5 عناصر من قوات النظام، وهم عنصر من وحدات الهندسة التابعة للنظام أثناء قيامه بتفكيك عبوة ناسفة في ريف القنيطرة الجنوبي، و3 من من عناصر “فرع سعسع” قضوا برصاص عناصر مسلحين محليين من قرية “رسم الخوالد” خلال محاولة عناصر الفرع اقتحام القرية، والتي باءت بالفشل، كما قُتل “أمين الفرقة الحزبية” وأُصيب طفله جراء انفجار عبوة ناسفة بسيارة على طريق جبا-أم باطنة بريف القنيطرة بالقرب من الحدود مع الجولان المحتل.

كما أفرجت أجهزة النظام الأمنية، عن عشرة معتقلين ينحدرون من ريف القنيطرة، وذلك بعد فترة اعتقال دامت نحو عامين في سجن صيدنايا العسكري المعروف بـ “المسلخ البشري” بريف دمشق، وفي السويداء جنوبي سوريا شهدت المحافظة في آذار/مارس 5 عمليات قتل طالت مواطنين، أحدهم قضى برصاص عناصر أمنية تابعة للنظام في قرية أم الرمان جنوبي السويداء، و2 مجهولي الهوية عثر عليهم الأهالي قرب بلدة خربا في الريف الغربي لمحافظة السويداء، بالإضافة إلى عثور الأهالي على جثة شاب يحمل الجنسية الأردنية، مقتولًا بعدة طلقات نارية وملقى في سيارة “تاكسي” قرب المشفى الوطني في ظروف غامضة وذلك بعد فقدانه منذ خروجه من منزله الذي يقيم به في بلدة المزرعة بريف السويداء الغربي، ومسلحين مجهولين اعترضوا مُزارعًا في بلدة الخربا غربي السويداء، بهدف سلبه دراجته النارية، وعندما حاول مقاومتهم، أطلقوا النار عليه و أردوه قتيلًا، في حين تعرض ثلاثة مزارعين لعملية خطف في ريف السويداء الغربي، على يد مسلحين مجهولين، وشهدت السويداء مظاهرة خرج بها أهالي وسكان السويداء في بلدة القريا، وذلك في ذكرى وفاة سلطان باشا الأطرش القائد العام للثورة السورية الكبرى ضد الفرنسيين عام 1925، حيث خرج العشرات من الأهالي بمظاهرة في مسقط رأس سلطان باشا في القريا، ورفعوا شعارات تطالب بالإفراج عن المعتقلين.

وبالانتقال إلى العاصمة دمشق، شهدت العاصمة في الـ 15 من آذار استنفارًا أمنيًا كبيرًا من خلال التشديد على الحواجز، ونشر بعض الحواجز المؤقتة في الطرقات الفرعية والشوارع الرئيسية، بالإضافة إلى قيام حواجز النظام بإغلاق كافة الطرقات الفرعية والرئيسية المؤدية إلى مناطق الغوطة الغربية بالإضافة للغوطة الشرقية أيضاً، حيث جاء ذلك على خلفية قيام أجهزة النظام الأمنية باعتقال 3 أشخاص وقتل 3 آخرين في الغوطة الغربية، كانوا ينوون الدخول إلى العاصمة بهدف تنفيذ عمليات عسكرية ضد حواجز النظام في ذكرى انطلاقة الثورة السورية، وفي جنوب دمشق عمدت أجهزة النظام الأمنية والميليشيات الموالية لإيران إلى إغلاق الطريق الواصل بين منطقتي ببيلا والسيدة زينب جنوب دمشق بالسواتر الترابية.

وفي 17 آذار دوت انفجارات في محيط العاصمة السورية دمشق،نتيجة ضربات إسرائيلية، استهدفت مستودعين للأسلحة للميليشيات الإيرانية داخل مواقع عسكرية لقوات النظام على بعد بضعة كيلومترات من مطار دمشق الدولي، وفي 27 آذار اقتحم عناصر المخابرات التابعة للنظام مقر انعقاد مؤتمر جود الذي تم إلغاؤه بسبب منع وصول القيادات المعارضة والمؤتمريين نتيجة التطويق الأمني الضخم للمقر.

أما في محافظة حلب، فقد وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، العثور على 4 جثث تعود لرعاة أغنام من أهالي ناحية تل الضمان ضمن إحدى الأراضي الزراعية في منطقة رجم الصوان ببادية خناصر بريف حلب الجنوبي، عند مثلث حماة – حلب – الرقة، ضمن مناطق النفوذ الإيراني في البادية السورية، والتي تشهد نشاطًا متصاعدًا لخلايا تنظيم “الدولة الإسلامية” وذلك نتيجة تعرضهم لطلق ناري في الرأس، وفي الـ 21 آذار، سقطت قذائف صاروخية على حيي الصالحين والفردوس بالقسم الشرقي من مدينة حلب الخاضعة لسيطرة قوات النظام، الأمر الذي أدى إلى استشهاد شخصين وإصابة نحو 15 آخرين بجراح متفاوتة.

وفي دير الزور، عُثر على جثة شاب مكبل اليدين ومقتول “نحرًا” بواسطة أداة حادة قبل أن يتم فصل رأسه عن جسده، وذلك قرب منطقة البريد في مدينة الميادين الخاضعة لنفوذ الميليشيات الإيرانية، بريف دير الزور الشرقي، ولم تعرف هوية الشاب المقتول حتى اللحظة، فيما هاجم مجموعة عناصر من “لواء القدس” بالأسلحة الفردية مبنى فرع أمن الدولة في مدينة دير الزور، وأسفر الهجوم عن مقتل عنصرين من “لواء القدس”، وتعرضت حواجز تابعة للنظام عند مفرق كفرلاها – طلف و مفرق مريمين في ريف حمص الشمالي، لهجوم مسلح من مجهولين، بالإضافة إلى اندلاع اشتباكات بين عناصر من “الأمن العسكري” من جانب، ومقاتلين سابقين من الفصائل من أبناء المنطقة من جانب آخر، على الأطراف الغربية لتل الذهب بالقرب من قرية قرمص، الأمر الذي أدى لسقوط 9 جرحى في صفوف الطرفين، و مقتل اثنين من الأمن العسكري.

بينما شهدت مدينة القرداحة مسقط رأس “بشار الأسد” خلافات كبيرة في الأوساط المؤيدة له، بين أشخاص من عائلة الأسد وعوائل أخرى فيما بينهم، وذلك بأمور تتعلق باستيراد وتجارة الالكترونيات والحواسيب وأمور أخرى تتعلق بهذا الشأن، لاسيما في ظل الانهيار الاقتصادي الكبير في سورية، كما شهدت ضواحي اللاذقية توتراً كبيراً بين الميليشيات المسلحة الموالية للنظام فيما بينها على خلفية صراعات داخلية، ففي قرية بحمرا المحاذية للقرداحة والتي تعد مسقط رأس غازي كنعان رئيس شعبة الاستخبارات السورية الأسبق في لبنان شهدت هي و قرية البهلولية بريف اللاذقية، اعتقالات طالت أشخاص على خلفية كتابة عبارات مناهضة للنظام السوري ورأس هرمه بشار الأسد على جدرانها، حيث نفذت أجهزة النظام الأمنية مداهمات واعتقلت عدة أشخاص.

ومن مستعرض بعض أجزاء الملف الإجرامي لنظام الأسد، وممارساته الوحشية واللاإنسانية ضمن مناطق نفوذه في حق المواطنين السوريين، والتي ألقينا الضوء عليها، جراء حرمانه لشعبه من أدنى قدر من الحقوق الطبيعية والإنسانية التي تقررها جل القوانين والمواثيق المحلية والدولية الخاصة بحقوق الإنسان ومنها الحق في الحياة، فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان لن يكل ولن يمل من تكرار الدعوات المطالبة بضرورة وضع حد لبطش هذا النظام، ووقف ملف جرائمه الذي يتضاعف يومًا تلو الآخر.