مناطق “غصن الزيتون” في أيار: نحو 35 حالة اعتقال تعسفي و105 انتهاك آخر وعبث متواصل بالإرث التاريخي السوري

المرصد السوري يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين في ظل الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة

65

منذ سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون”، في منطقة عفرين شمال غربي حلب، مسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، تابع ووثق بدوره جميع الأحداث التي شهدتها مناطق “غصن الزيتون” خلال شهر أيار 2023، ويسلط الضوء في خضم التقرير الآتي على الأحداث الكاملة في تلك المناطق والتي تشكل انتهاكاً صارخاً وفاضحاً لحقوق الإنسان.

ولم يسجل المرصد السوري أي سقوط قتلى في صفوف المدنيين والعسكريين خلال شهر أيار، كما لم يرصد نشطاء المرصد أي تفجيرات أو اغتيالات أو جرائم القتل ضمن مناطق نفوذ فصائل غرفة عمليات “غصن الزيتون” خلال الشهر الخامس من العام 2023.
في حين شهدت منطقة غصن الزيتون اقتتال وحيد بتاريخ 29 أيار، حيث أصيب 5 مدنيين بينهم 3 أطفال بجروح بليغة، جراء اشتباكات عائلية بين شبان من الغوطة الشرقية وآخرين من منطقة حور بريف حلب الغربي، في حي المحمودية بمدينة عفرين بريف حلب الشمالي ضمن مناطق “غصن الزيتون”.

انتهاكات مستمرة على قدم وساق
لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق الأهالي الذين رفضوا التهجير منها واختاروا البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين إلى المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال شهر أيار 2023، 33 حالة اعتقال تعسفي بينهم طفلة و3 نساء، من قبل الفصائل، جرى إطلاق سراح 14 منهم بعد دفع فدى مالية.

إلى جانب حالات الاعتقال التعسفي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 105 انتهاك بأشكال عدة، توزعت على النحو التالي:
– 16 حالة استيلاء على أراضي زراعية، من قبل فصائل “الجيش الوطني” بقوة السلاح وبيعها الى مهجرين من مختلف مناطق سوريا بأسعار زهيدة.

– 15 حالة بيع ومصادرة منازل تعود ملكيتها الى مهجرين قسراً من أهالي عفرين، كانت الفصائل قد استولت عليها بقوة السلاح، حيث تتم عملية البيع بأسعار زهيدة وبالدولار الأميركي تحديدا.

-9 عمليات قطع للأشجار المثمرة من قبل فصائل الجيش الوطني، شملت قطع أكثر من 2244 شجرة زيتون في مختلف قرى ونواحي عفرين.

– 26 عملية “فرض إتاوة” من قبل الفصائل والشرطة العسكرية، منها 14 مقابل إطلاق سراح معتقلين تراوحت قيمة الفدية ما بين 300 إلى 5000 آلاف دولار أميركي منها 12 حالة فرض إتاوة بأشكال مختلفة وهي: 5 حالات فرض إتاوة من قبل فصيل العمشات”، على أصحاب 4 معاصر زيتون ضمن مناطق سيطرتها في “غصن الزيتون” بناحية شيخ الحديد بريف عفرين شمال غرب محافظة حلب، وبلغت قيمة الإتاوات 350 صفيحة زيت زيتون، بالإضافة إلى إتاوة مالية قدرها 28 ألف دولار أمريكي، وحالة فرض إتاوة تقدر بـ 10 بالمئة من قيمة محصول ورق العنب و50 بالمئة على أصحاب الوكالات ضمن منطقة سيطرتها في ناحية شيراوا بريف عفرين شمال غرب حلب. وحالة فرض إتاوة من قبل فصيل فيلق الشام على المزارعين ضمن مناطق سيطرتها في ناحية شيراوا بريف عفرين إتاوات مالية تقدر بـ 40 % من قيمة محصول ورق العنب فيما يخص الوكلاء و10% فيما يخص المزارعين المتواجدين في قراهم.”
وحالة فرض إتاوة من قبل فصيل “فرقة الحمزة” على عدد من رعاة الأغنام في قرية برج عبدالو التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين، وتقدر قيمة الإتاوة بـ 700 دولار أمريكي، إلى جانب احتجاز حوالي 300 رأس غنم إلى حين سداد الرعاة قيمة الاتاوة.
وحالة فرض إتاوة من قبل فصيل “صقور الشمال” على وكلاء أهالي عفرين المهجرين قسراً إلى حلب وريفها الشمالي حلب، تقدر بحوالي 40 % من قيمة المحصول و60 % من قيمة محصول الزيتون فيما يخص أهالي عفرين القاطنين في دول الخارج، بالإضافة إلى فرض إتاوة تقدر بـ 40 % من قيمة جني محصول ورق العنب والجوز والسماق.
و3 حالات فرض إتاوة من قبل عناصر حاجز يتبع لفصيل فرقة “السلطان مراد”، حيث فرض إتاوات شهرية مالية تقدر بـ 75 ليرة تركية على أهالي قريتي عشونه وعلي كارو، وحالة فرض إتاوة قدرها 400 دولار على كرم عنب يعود ملكيته لأحد أبناء ناحية لقاء السماح له بجني محصوله، وحالة فرض إتاوة قدرها 50 دولار أمريكي على المزارعين لقاء السماح لهم بزراعتها في عدة قرى بناحية بلبل بريف عفرين.
وحالة فرض إتاوة من قبل حواجز الشرطة العسكرية المتواجدة عند مداخل ومخارج مدينة عفرين إتاوات مالية على سائقي السيارات والجرارات الزراعية، تتراوح قيمتها ما بين 50 – 500 ليرة تركية بحسب حمولة كل سيارة.

-10 حالات سرقة، الحالة الأولى، أقدم عناصر من فصيل العمشات على اعتراض طريق مواطن من أهالي قرية سنارة وذلك في أثناء عودته من ناحية جنديرس وبحوزته مبلغ مالي تقدر بـ 3 آلاف دولار أمريكي، حيث أقدم عناصر الفصيل على سلبه أمواله، بالقرب من قرية أنقله والاعتداء عليه وشتمه بألفاظ خارجة عن الآداب العامة
الحالة الثانية، حين أقدم عناصر من “فرفة الحمزة” على مداهمة منزل في قرية عين دارة بناحية شيراوا بريف عفرين بزريعة البحث عن مطلوب، حيث أقدموا خلال عملية المداهمة على سرقة مبلغ مالي تقدر بما لا يقل عن 200 دولار أمريكي
الحالة الثالثة، أقدم عناصر من فصيل “فرقة الحمزة” على سرقة الكابلات الكهربائية من محطة مياه الشرب، وبيعها في سوق معروف بـ سوق الحرامية في مدينة عفرين.
الحالة الرابعة، أقدم عناصر من “فرقة الحمزة” على جني وسرقة محصول ورق العنب بشكل كامل، دون تمكن المواطن من رفع شكوى ضد عناصر الفصيل خوفاً من اتهامه بتهمة وحجج واهية وزجه في السجن.
الحالة الخامسة والسادسة، أقدم عناصر من فصيل “فيلق الشام” على سرقة محتويات منزلين في قرية شاديرة التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين، مستغلين غياب أصحاب المنزلين، حيث شملت المسروقات الأثاث المنزلي والأدوات الكهربائية ومصاغ ذهبي وأموال.
الحالة السابعة، أقدم عنصر تابع لميليشيا “السلطان مراد” على سرقة منزل المواطن من أهالي قرية قطمة التابعة لناحية شرّا/ شران، والواقع عند جامع المحمودية نزلة قناة المياه، مستغلاً تواجد المواطن في مشفى أعزاز، حيث سرق معظم محتويات المنزل واتجه بها نحو مدينة جنديرس.
الحالة الثامنة، أقدم عناصر من فصيل “محمد الفاتح” على سرقة محتويات منزل لمواطن من أهالي قرية معمل أوشاغي التابعة لناحية معبطلي، مستغلين توجه المواطن لحصاد موسم العدس، حيث شملت المسروقات الأدوات الكهربائية وعدة جرار زراعي.
الحالة التاسعة، سرق عناصر من فصيل “السلطان مراد” محتويات منزل في حي المحمودية بمدينة عفرين مستغلين غياب صاحب المنزل أثناء ذهابه للعلاج في مدينة إعزاز بريف حلب الشمالي، حيث جرى نقل المسروقات إلى ناحية جنديرس بريف عفرين.
الحالة العاشرة، أقدم عناصر السلطان مراد على سرقة منزل آخر في حي المحمودية، حيث شملت المسروقات صفائح زيت الزيتون واسطوانات غاز منزلي، مستغلين غياب صاحب المنزل.

– 16 حالة استيلاء على ممتلكات المواطنين 14 حالة منها من قبل “اللواء 122″، شملت 1500 شجرة زيتون في قرية بعدنلي التابعة لناحية معبطلي وحالة استيلاء من قبل قيادي في فصيل “فيلق الشام” في قرية كاوندا التابعة لناحية راجو، حيث تم الاستيلاء حوالي 350 شجرة زيتون، بقوة السلاح، وحالة استيلاء من قبل عناصر من الشرطة العسكرية على محضر بناء في حي الأشرفية في مدينة عفرين تقدر مساحتها بـ 1500 متر مربع، تعود ملكيتها إلى مواطنة من أهالي قرية مشعلة بناحية شران بريف حلب، مطالبين المواطنة بدفع مبلغ 7 آلاف دولار أمريكي لقاء إعادة الأرض لها.

– 5 عملية اعتداء من قبل فصائل الجيش الوطني بمختلف مسمياتها، ففي تاريخ 18 أيار، أقدم عناصر من فيلق الشام المقرب من الاستخبارات التركية على الاعتداء بالضرب المبرح على مواطن من أهالي قرية كاوندا التابعة لناحية راجو، وذلك أثناء تواجده في كرم العنب، ما أسفر عن إصابته برضوض وجروح متفرقة في أنحاء جسده، دون معرفة الأسباب الاعتداء.
بتاريخ 24 أيار، اعتدى عنصر من فصيل حركة أحرار الشام الإسلامية، على موظف يعمل ضمن مكتب حوالات في مدينة عفرين، وذلك بعد رفضه تسليم العنصر حوالة مالية بدون البطاقة الشخصية، حيث قام العنصر بالاعتداء عليه بأخمص سلاح كلاشنكوف وإطلاق عدة عيارات نارية في الهواء، لتهريب المواطنين.
وبتاريخ 27، أيار اعتدى عناصر من فصيل العمشات بالضرب المبرح بالعصي على مواطن مسن من أهالي قرية كاخرة التابعة لناحية معبطلي بريف عفرين، أثناء حراسته لأرضه خوفاً من قيام اللصوص بسرقة وجني ورق العنب، وأسفر الاعتداء عن إصابة المواطن برضوض وجروح متفرقة وفقدان الوعي، حيث جرى نقله من قبل الأهالي إلى أقرب نقطة طبية لتلقي العلاج، كما أقدم عناصر العمشات على سرقة دراجته النارية والأموال التي كان بحوزته.
وبتاريخ 30 أيار، تعرض مواطن يعمل لدى جمعية خيرية في مدينة عفرين، وينحدر من قرية ميركان التابعة لناحية معبطلي بريف عفرين، للاعتداء والضرب المبرح من قبل الفصائل الموالية لتركيا، دون معرفة أسباب إقدامهم على ذلك، ما أدى إلى إصابته بجروح ورضوض، جرى نقله إلى المستشفى لتلقي العلاج، كما تم سرقة دراجته النارية.
وبتاريخ 31 أيار، اعتدى عناصر من فصيل السلطان مراد على موطن مسن من أهالي قرية قسطل كشك، بالضرب المبرح مما أدى إلى إصابته برضوض وجروح متفرقة، وذلك على إثر قيام المواطن بتقدم شكوى رسمية ضد عناصر الفصيل لدى أعضاء المجلس المحلي في ناحية شران، بسبب قيام رعاة أغنام محسوبين على فصيل السلطان مراد برعي أغنامهم ضمن حقول المواطنين.

وفي إطار مواصلة فصائل الجيش الوطني في مساعيها القائمة على الإرث التاريخي والثقافي في مدينة عفرين، رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر أيار قيام فصائل الجيش الوطني بتدمير ثلاثة مواقع أثرية حيث تعرض تل حسن ناصر 40 كيلومتر شمال غرب عفرين، تل قسطل مقداد الأثري الناحية شران بريف عفرين شمالي حلب، وتل قربه الاثري في ناحية جنديرس إلى التدمير بواسطة الجرافات والآليات الثقيلة بحثاً عن الكنوز واللقى الأثرية.

في حين شهدت منطقة غصن الزيتون عمليتي اغتصاب من قبل فصائل الجيش الوطني، الحالة الأولى، كانت بتاريخ 6 أيار، حين اغتصب عنصر من فصيل السلطان سليمان شاه المعروفة بـ “العمشات”، طفلة عفرينية تبلغ من العمر 10 سنوات، أثناء مرافقة العنصر للطفلة ووالدتها في طريق ذهابهم إلى عفرين، حيث أقدم العنصر على اغتصاب الطفلة في البساتين المنتشرة في المنطقة ثم لاذ بعدها بالفرار. ووفقاً للمعلومات التي حصل عليها نشطاء المرصد السوري، فإن “الشرطة العسكرية” بالاشتراك مع أبناء عشيرة الموالي لاحقوا المغتصب وقبضوا عليه في قرية كوران التابعة لناحية راجو بريف عفرين شمال غرب محافظة حلب.
الحالة الثانية كانت بتاريخ 8 أيار، حين كشفت مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان، في منطقة “غصن الزيتون” شمال غربي حلب الخاضعة لنفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها، جريمة استغلال جنسي بحق طفلة 14 عام، استمرت لـ 7 أشهر، عبر إغرائها ماديا من قبل عنصر ينتمي لـ “جيش الإسلام” يبلغ من العمر 54 عام مستغلا فقر عائلتها. وحملت الطفلة منه، مع استمرار العلاقة معه في مسكن بحي الأشرفية في مركز مدينة عفرين، وقررا الهرب إلى إعزاز بريف حلب. وتنحدر الطفلة من عائلة فقيرة نزحت من مدينة حلب مع عائلتها إلى مدينة عفرين، هربا من الحرب آنذاك، لتلقى مصيرها على يد وحش بشري من الفصائل الموالية لتركيا.
على إثر ذلك، ساد توتر وغضب شعبي واسع في مناطق سيطرة الفصائل الموالية لتركيا، بعد إصدار ذوي الطفلة بيانا يؤكد اغتصاب طفلتهم من شخص يبلغ من العمر 54 عاما، وسلم العنصر نفسه للشرطة العسكرية في قرية قطمة التابعة لناحية شيراوا بريف عفرين، وسط تهديدات من قبل ذوي الطفلة بالانتقام، ومطالبة مهجري حلب بالقصاص من العنصر، فيما لايزال مصير الطفلة مجهولا وسط الخوف على حياتها من القتل وفق عادات بعض العائلات المحافظة في سورية.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.