مناطق “غصن الزيتون” في تشرين الثاني: المرصد السوري يوثق نحو 185 حالة انتهاك من قبل الفصائل الموالية لأنقرة بين “سرقة واعتقال تعسفي وخطف واستيلاء على ممتلكات”

68

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني 2021.

فقد وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر نوفمبر/تشرين الثاني، استشهاد ومقتل 5 أشخاص، توزعوا على النحو التالي: 3 مدنيين بينهم امرأة جراء سقوط قذائف صاروخية جرى إطلاقها من مواقع نفوذ قوات النظام والقوات الكردية على الأحياء السكنية في مدينة عفرين، ومواطن تحت وطأة التعذيب في سجون الفصائل الموالية لتركيا، بعد اعتقال دام نحو عام ونصف حيث تلقت عائلة الشاب (س.ن) 51 عامًا خبر وفاته، وطالبوا عائلته باستلام جثته من سجن الراعي الذي تديره وتشرف عليه الفصائل المقربة من الاستخبارات التركية، وعنصر من لواء الغاب قتل تحت التعذيب في سجون فرقة الحمزة بعد أسره على خلفية اقتتال بين الطرفين في قرية “جولقان” بناحية جنديرس.

وشهدت منطقة “غصن الزيتون ” خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني، تفجيرين اثنين ففي تاريخ 3 نوفمبر، أصيب 4 مدنيين بينهم طفلان و2 من الدفاع المدني جراء انفجار لغم أرضي من مخلفات الحرب في قرية “كوليان” بناحية راجو، كما ضرب انفجار مجهول مقر لفصيل فيلق الشام المقرب من الاستخبارات التركية بتاريخ 6 نوفمبر، في قرية” تل سلور” بناحية جنديرس، دون ورود معلومات عن حجم الخسائر البشرية.

كما شهدت المنطقة خلال الشهر الفائت، 5 اقتتالات بين الفصائل الموالية لأنقرة فيما بينهم، الأول كان مطلع تشرين الثاني، حين اندلعت اشتباكات بين أحرار الشرقية من جهة، و فصيل فرقة المعتصم من جهة آخرى، في شارع الفيلات في وسط مدينة عفرين، وفقاً لنشطاء المرصد السوري، فإن مشادة كلامية وسب وشتم جرت بين عنصر من فرقة المعتصم من أبناء مدينة حلب، وعنصر آخر من أحرار الشرقية، قبل أن تتطور إلى اشتباكات عنيفة بين الطرفين، دون ورود معلومات عن خسائر بشرية.

الاقتتال الثاني، جرى في اليوم ذاته، حين اندلعت اشتباكات بين عناصر من فرقة الحمزة مع مسلحين آخرين مجهولين، على خلفية خلافات تتعلق بسرقة الزيتون، وفقاً لنشطاء المرصد، فإن حاجز عسكري يتبع الى فرقة الحمزة بالقرب مفرق قرية “شيخ كيلي” في ناحية راجو أطلقوا النار على مسلحين بحوزتهم كميات من أكياس الزيتون المسروقة، بعد أن رفضوا تقاسمها مع عناصر الحاجز، لتندلع على إثرها اشتباكات عنيفة بين الطرفين، أفضت إلى إصابة مواطن من أهالي عفرين وإصابة عدد من عناصر الحاجز بجروح متفاوتة.

الاقتتال الثالث بتاريخ 8 نوفمبر بين مجموعة تابعة لفصيل لواء الغاب من جهة وفصيل فرقة الحمزة من جهة أخرى قتل على إثرها عنصر من لواء الغاب تحت التعذيب بعد أسره وأصيب شقيق لواء صقور الغاب وثلاثة عناصر أخرين وذلك في قرية ” جولقان” بناحية جنديرس.

الاقتتال الرابع جرى بتاريخ 10 نوفمبر بين الفصائل ذاتها وهذه المرة في مدينة عفرين وقرية “جولقان “بناحية جنديرس، أصيب على إثرها 4 عناصر من الطرفين.

الاقتتال الخامس والأخير، جرى بين الشرطة العسكرية من جهة، وعناصر من فصيل سليمان شاه ” العمشات” من جهة أخرى، بتاريخ 24 نوفمبر وذلك وسط الأحياء السكنية في ناحية جنديرس، أصيب على إثرها ثلاثة مدنيين بينهم نساء.

في حين لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق أهالي المنطقة الذين رفضوا التهجير منها واختار البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين إلى المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت، قيام الفصائل الموالية لأنقرة بخطف واعتقال أكثر 121 شخص بينهم 10 نساء وطفل واحد خارج نطاق القانون بناء على أوامر قيادات الفصائل بغية تحصيل فدى مالية منهم، وذلك في مدينة عفرين ونواحي الشيخ حديد ومعبطلي وبلبل وراجو.

وكان النصيب الأكبر من هذه الاعتقالات التعسفية في قريتي” معمل أوشاغي” في ناحية راجو بـ 29 معتقلاً ومعتقلة من قبل فصيل محمد الفاتح والشرطة العسكرية، تلاها قرية “إيسكا” في ناحية جنديرس بـ 27 معتقلاً ومعتقلة من قبل فصيل فيلق الشام، حيث جرى اعتقالهم بغية المنفعة المادية وتحصيل فدية مالية تراوحت المبالغ ما بين 1500 ليرة تركية الى 2000 ليرة تركية، وجرى إطلاق سراح معظم المعتقلين في قرية ” معمل أوشاغي ” بناحية راجو بعد دفع كل واحد منهم ما بين 2000 و 1500 ليرة تركية.

بينما تواصل الفصائل الموالية لأنقرة، جرف التلال الأثرية في محاولة منها للبحث عن اللقى والدفائن الأثرية وتخريب التاريخ السوري أسوة بما فعله تنظيم “الدولة الإسلامية” من تخريب وتدمير للتاريخ السوري وسرقة الآثار من المناطق التي كان يسيطر عليها سابقًا، وفي سياق ذلك، أفاد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن فصيل “الجبهة الشامية” المقرب من المخابرات التركية ومنذ قرابة العشرة أيام يقوم بعمليات جرف وتخريب لبعض المواقع في قرية أكده بريف مدينة إعزاز شمالي حلب، بحثًا عن الدفائن واللقى الأثرية، حيث تجري عمليات التجريف أمام منازل المدنيين بقيادة القائد العسكري في الفصيل “م.ا” و بالاشتراك مع رئيس مجلس بلدية سجو المدعو “أ.ع”.

وفي مدينة عفرين تعرضت تلة” دير صوان” بناحية شران والمسجلة ضمن قيود مديرية الآثار السورية منذ العام 1981 بالقرار 244/آ لعمليات حفر وتجريف وتخريب من قِبل الفصائل الموالية لأنقرة، ووفقاً للصور الملتقطة حديثاً للموقع الاثري يظهر جليًا أعمال الحفر والتدمير الممنهج للتلة الأثرية وعلى سفح ” الأكروبول” مرورًا بالمنحدر، حيث تتم عمليات الحفر والتنقيب بواسطة الجرافات والآليات الثقيلة بحثًا عن اللقى والمقتنيات الأثرية أمام أعين القوات التركية، كما تعرض تلة جنديرس الواقعة جنوب الناحية للتدمير والجرف بواسطة القوات التركية المتواجدة فوق التلة والتي حولتها الى قاعدة عسكرية لها منذ احتلال المنطقة ووفقاً للصور الملتقطة بواسطة الأقمار الصناعية تظهر أعمال جرف وتخريب التلة الأثرية بواسطة الآليات الثقيلة لتوسيع القاعدة ونهب الآثار بالإضافة إلى هدم مستودعات البعثات السورية – الألمانية وتجريفها بالكامل بعد سرقة ما بداخلها من مواد كانت تستخدمها البعثات الأثرية للبحث والتنقيب عن الآثار.

وسبق أن جرى تجريف مواقع أثرية عدة في عفرين وسرقة الكثير من الآثار بعد العثور عليها من قِبل فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا منذُ السيطرة على عفرين في آذار/مارس من العام 2018.

كما تواصل الفصائل جرف ما تبقى من تلة “كشور” الأثري في ناحية راجو الواقعة على الحدود السورية التركية، أمام أنظار القوات التركية، باستخدام الآليات الثقيلة والجرافات بحثاً عن اللقى والمقتنيات الأثرية.

وتعرضت تلة “كشور” الأثري عبر السنوات السابقة لمراحل متعددة من أعمال الحفر التي بدأت بعد انتهاء عملية “غصن الزيتون” واجتياح القوات التركية مع الفصائل الموالية لها عفرين في عام 2018.

وفي المرحلة الثانية في عام 2019 حيث تم جرف وتخريب معظم التلة الأثرية. وفي بداية عام 2021 بدأت فصائل أنقرة بحملة جرف واسعة للتلة الأثرية، تسببت باختفائها بشكل تام ومسحها مع الأرض.

في حين تستمر الفصائل الموالية لأنقرة، بتدمير تلة قيبار الأثري بريف عفرين بواسطة الجرفات والآليات الثقيلة والتي تقع على بعد 5 كم من مدينة عفرين، حيث بدأت فصائل الجيش الوطني بأعمال الحفر في عام 2018، لتبدأ بإزالة الطبقات الأثرية تباعاً منذ ذلك الحين وصولاً الى الطبقات السفلية في عام 2019 وتدمير ماتبقى من التلة بشكل نهائي، لسرقة اللقى والمقتنيات الاثرية أمام أنظار القوات التركية.

وفي خضم الحديث عن الانتهاكات بحق أهالي عفرين وفرض الإتاوات على المزارعين مع بدء عملية جني محصول الزيتون، فرض فصيل فيلق المجد بقيادة ياسر عبد الرحيم إتاوة تقدر ب 190 صفيحة زيت زيتون على أهالي قرية هياما بناحية بلبل و160 صفيحة زيت زيتون على قرية ” سعريا” و150 صفيحة زيت زيتون على قرية ” بخجة” و180 صفيحة زيت زيتون على قرية ” على باكه” كما فرض فصيل فرقة الحمزة إتاوة 300 صفيحة زيت زيتون على أهالي قرية ” علي كارو” و 200 صفيحة زيتون على أهالي قرية ” شنكيليه” و 250 صفيحة زيت زيتون على أهالي قرية “بيكيه” ،وفي قرية كمروك بناحية معبطلي، فرض صقور الشمال المسيطرين على القرية إتاوات على المزارعين تقدر ب 10 % من محصول الزيتون و 35 % على معاصر الزيتون، وكل من يخالف القرار يهدد بالاعتقال بتهمة التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة، كما فرض فصيل أحرار الشام اتاوة تقدر ب 100 دولار لكل عائلة من اهالي قرية” قرزيحل” تحت بند الحماية، وفرض فصيل السلطان سليمان شاه (العمشات) إتاوات على المزارعين بناحية الشيخ حديد حيث بدأت بفرض إتاوة على كل معصرة نسبة 25% وعلى كل شجرة زيتون 4 دولارات، كما اقدم فصيل لواء السمرقند فرض إتاوة 50 صفيحة زيت و1500 ليرة تركية على مختار قرية حج قاسم والاعتداء عليه بالضرب المبرح كما فرض فصيل لواء السمرقند اتاوة 25 صفيحة على مواطن رمضان قاسو بسبب نقله محصول الزيتون الى معصرة تسيطر عليه فصيل العمشات.

وفي سياق متصل، رصد المرصد السوري عمليات استيلاء وبيع على 24 منزل في مدينة عفرين خلال شهر نوفمبر/ تشرين الثاني وبيعها بأسعار زهيدة تراوحت ما بين 1000 دولار الى 2500 دولار للمنزل الواحد وذلك بعد طرد أصحابها منه.

كما استولت الفصائل وسرقت أكثر من 27 أرض زراعية، وتم السطو على نحو 1670 شجرة زيتون، و11 حالة قطع لأشجار الزيتون شملت نحو 3148 شجرة بغية بيعها واستخدامها للتدفئة.

ويستعرض المرصد السوري فيما يلي سلسلة من هذه الانتهاكات، ففي ناحية بلبل قطع فصيل سلطان مراد 65 شجرة زيتون، كما قطع ذات الفصيل 80 شجرة زيتون في قرية استير، كما أقدم الفصائل على قطع 2000 شجرة حراجية بقرية “دير صوان”، كما أقدم فصيل فيلق الشام بقطع 490 شجرة في قرية” كفر نبو” بناحية شيراوا.

وبالانتقال الى ملف الاعتداءات بحق المواطنين من قبل فصائل الموالية لأنقرة رصد نشطاء المرصد 8 حالات اعتداء على المواطنين ويستعرض المرصد السوري بعض هذه الحالات، حيث أقدم عناصر من فرقة الحمزة بالاعتداء بالضرب المبرح على مسن في قرية مياسة وذلك بعد سرقة 50 راس غنم منه، كما أقدم قيادي في فصيل العمشات بالاعتداء بالضرب المبرح على المواطن بسبب اعتراضه على إقدام “العمشات” على قطع الأشجار الحراجية في محيط القرية، فقام عنصر يدعى :”حسين” بالاعتداء على المواطن “رزكا” بالضرب المبرح بسبب اعتراضه على قطع الأشجار الحراجية.

كذل اعتدى عناصر من الجبهة الشامية بالضرب المبرح على مواطن من أهالي عفرين وإطلاق النار عليه كما أقدم مسلحون من بلدة حيان بالاعتداء بالضرب المبرح على مختار قرية برج حيدر وسب وشتم الأكراد تحت خيمة عزاء ووصف الأكراد بالملاحدة وكفار.

وأقدم فصيل لواء السمرقند بالاعتداء بالضرب المبرح على مختار قرية حج قاسم وفرض إتاوة 50 صفيحة زيت و1500 ليرة تركية بسبب نقله محصول الزيتون إلى معصرة أخرى تسيطر عليها فصيل العمشات.

وشهدت مدينة عفرين حالة خطف مواطن من أبناء الساحل السوري أثناء محاولته العبور إلى تركيا ومنها إلى أوروبا عبر مهربين من فصيل الجبهة الشامية، حيث تم اختطافه من قبل الجبهة الشامية ومطالبة ذويه بدفع فدية مالية وقدرها 18500 دولار، ليتم الإفراج عنه في (15 تشرين الثاني 2021) بعد أن دفع والده فدية مالية 18500 دولارا حيث كان قد تعرض للتعذيب وأرسلت فيديوهات لعائلته.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.