مناطق “غصن الزيتون” في شباط: 70 حالة اختطاف واعتقال تعسفي ونحو 75 انتهاك آخر.. وتخريب متواصل للتاريخ السوري

المرصد السوري يطالب المجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين في ظل الممارسات الممنهجة للفصائل الموالية لأنقرة

72

منذ سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون”، والمتمثلة بعفرين والنواحي التابعة لها شمال غربي حلب، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، تابع ووثق بدوره جميع الأحداث التي شهدتها مناطق “غصن الزيتون” خلال شهر شباط/فبراير، ويسلط الضوء في خضم التقرير الآتي على الأحداث الكاملة في تلك المناطق والتي تشكل انتهاكاً صارخاً وفاضحاً لحقوق الإنسان.

الخسائر البشرية الكاملة بفعل أعمال العنف
وثق نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال شهر شباط/فبراير، مقتل واستشهاد 8 أشخاص بأساليب وأشكال متعددة ضمن مناطق نفوذ القوات التركية وفصائل غرفة عمليات “غصن الزيتون” في ريف حلب الشمالي الغربي، توزعوا على النحو التالي:
– 4 مدنيين، هم سيدة جراء إطلاق النار عليها وضربها بواسطة أداة حادة من قبل عنصر من الفصائل في شيخ الحديد، ورجل جراء انفجار لغم أرضي، ومواطن وتحت وطأة التعذيب في سجون فصيل فيلق الشام المقرب من الاستخبارات العسكرية، وشاب جراء تعرضه لسكتة دماغية نتيجة تعذيبه من قبل فصيل أحرار الشرقية في مدينة عفرين.

– 4 عسكريين، هم: عنصر في فصيل العمشات أثناء محاولته زرع ألغام أرضية على أطراف ناحية شيخ الحديد، وعنصرين من فرقة الحمزة جراء اقتتال مسلح مع أحرار الشام في قرية جولقان بناحية جنديرس، وعنصر من فصيل لواء السمرقند جراء خلاف ما بين عناصر الفصيل تطور إلى اشتباك فيما بينهم في عفرين.

كما تسببت أعمال العنف تلك، بإصابة 15 شخص بجراح متفاوتة، هم 7 مدنيين بينهم 3 أطفال، و8 من العسكريين.

6 تفجيرات واقتتالات في إطار الفلتان الأمني
شهدت منطقة غصن الزيتون خلال شهر شباط، ثلاثة اقتتالات وثلاثة تفجيرات، الاقتتال الأول جرى بتاريخ 5 فبراير/شباط حين أصيب عنصر من الفيلق الثالث جراء إطلاق النار عليه من قبل قيادي في الشرطة العسكرية في مدينة عفرين على خلفية قيام العنصر بإعاقة مرور سيارة القيادي، ما أثار حفيظته فبادر بإطلاق النار على العنصر، أما الثاني كان بتاريخ 12 فبراير/شباط، حين قُتل عنصرين من فرقة الحمزة وأصيب اثنين أخرين بجروح جراء اندلاع اشتباكات عنيفة بين فصيل حركة أحرار الشام من جهة وفصيل فرقة الحمزة من جهة أخرى في قرية جولقان بناحية جنديرس، بينما الاقتتال الثالث والأخير كان بتاريخ 21 فبراير/شباط، حين نشب خلاف بين عناصر من “الشرطة المدنية” من جهة وعناصر من “الشرطة العسكرية” على طريق جنديرس بمدينة عفرين، تطور إلى حدوث إطلاق نار بين العناصر، مما أدى إلى إصابة عنصرين من “الشرطة المدنية” وامرأة كانت في موقع الحادثة.

أما التفجيرات، فالأول جرى بتاريخ 4 فبراير/شباط ،حين قتل عنصر وأصيب آخرون من فصيل العمشات في ناحية شيخ الحديد، أثناء محاولتهم زرع الغام أرضية في المنطقة، فيما التفجير الثاني كان بتاريخ 14 فبراير، حين قتل مواطن جراء انفجار لغم أرضي به في أثناء محاولته العبور إلى مناطق سيطرة القوات الكردية في ريف حلب الشمالي، أما التفجير الثالث والأخير في شباط فكان بتاريخ 15 الشهر، وأصيب خلاله ثلاثة أطفال بجروح متفاوتة جراء انفجار جسم مجهول أثناء عملهم بجمع القمامة في قرية قوجمان بريف عفرين.

انتهاكات مستمرة على قدم وساق
لاتزال الفصائل الموالية للحكومة التركية تتفنن بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق الأهالي الذين رفضوا التهجير منها واختاروا البقاء في مناطقهم، بالإضافة لانتهاكات تطال المهجّرين إلى المنطقة أيضاً، وقد أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، خلال شهر شباط/فبراير، 70 حالة اختطاف واعتقال تعسفي لمدنيين من قبل الفصائل، بينهم طفل و4 نساء، وجرى الإفراج عن 16 منهم بعد دفع فدية مالية.

إلى جانب حالات الاختطاف والاعتقال التعسفي، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان أكثر من 72 انتهاك بأشكال عدة، توزعت على النحو التالي:
– 16 عملية استيلاء على منازل ومحال تجارية وأراضي زراعية في عفرين والنواحي التابعة لها، من قبل عناصر وقيادات الفصائل الموالية للحكومة التركية، حيث تعود ملكية هذه العقارات لمهجرين من المنطقة بفعل عملية “غصن الزيتون”.

– 8 حالات بيع لمنازل مهجرين كانت الفصائل قد استولت عليها بقوة السلاح، حيث تتم عملية البيع بأسعار زهيدة وبالدولار الأميركي تحديداً.

– 20 عملية “فرض إتاوة” من قبل الفصائل والمجالس المحلية على المدنيين، 17 حالة منها تم فرض الإتاوة مقابل الإفراج عن معتقلين و3 من قبل حواجز الجيش الوطني على المدنيين مقابل السماح لهم بالمرور على حواجزها.

– 26 عملية قطع للأشجار المثمرة من قبل فصائل الجيش الوطني شملت قطع أكثر من 2001 شجرة زيتون والقضاء بشكل كامل على عدة أحراش منها حرش قرية ديرصوان وأحراش أخرى بناحية شران.

– حالتي قتل تحت التعذيب لمدنيين من قبل الفصائل الموالية لأنقرة، الأولى بتاريخ 1 فبراير حين توفي شاب من أبناء قرية “جقلان فوقاني” في ناحية شيخ الحديد بريف مدينة عفرين في المشافي التركية، جراء تعرضه لسكتة دماغية نتيجة تعذيبه من قبل فصيل أحرار الشرقية في مدينة عفرين، وذلك بعد مطالبته بالإفراج عن ابن أخيه المعتقل لديهم في حي الزيدية بعفرين، إلا أن عناصر المقر طالبوه بدفع مبلغ 5 ملايين ليرة سورية، ولدى امتناع الشاب عن دفع قيمة الفدية، انهال عناصر الفصيل عليه بالضرب المبرح بواسطة أخمص سلاح “الكلاشنكوف” مما أدى إلى إصابته بجروح بليغة نقل على إثرها إلى المشافي التركية ليلقى حتفه متأثراً بالنزيف الدماغي داخل المشفى، أما الحالة الثانية كان بتاريخ 25 فبراير، حين قضى شاب من أهالي معرزاف بريف ادلب حتفه جراء تعرضه للتعذيب في سجون فيلق الشام في قرية إيسكا بناحية جنديرس.

ولم تتوقف الانتهاكات عند هذا الحد، حيث تواصل الفصائل الموالية لأنقرة، جرف التلال الأثرية في محاولة منها للبحث عن اللقى والدفائن الأثرية وتخريب التاريخ السوري، إذ رصد نشطاء المرصد السوري في شهر شباط 4 عمليات تجريف وتخريب للتلال الأثرية منها تل مرانيا في ناحية شيخ الحديد وتل لاق الأثري في ناحية شران وتل شوربة الأثري بناحية معبطلي وتل برج عبدالو الأثري وتعرض الأخير بعد سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها على مدينة عفرين لأعمال حفر وتخريب بشكلٍ كامل بالآليات الثقيلة، حيث تقدر مساحة الحفريات حوالي (2000)م2، قبل أن تعاود تلك الفصائل عمليات الحفر والتنقيب.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.