مناطق “غصن الزيتون ودرع الفرات” خلال شهر كانون الثاني: 58 حالة خطف واعتقال ضمن عفرين.. و33 قتيلاً في نحو 20 تفجير واغتيال

81

منذ وقوع ما يعرف بمناطق “غصن الزيتون ودرع الفرات” تحت سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ومسلسل الأزمات الإنسانية والانتهاكات والفلتان الأمني يتفاقم شيئًا فشيئًا، فلا يكاد يمر يوماً بدون انتهاك أو استهداف أو تفجير وما إلى ذلك من حوادث، ويسلط المرصد السوري في التقرير الآتي على الأحداث الكاملة التي شهدتها تلك المناطق خلال شهر كانون الثاني/يناير 2021.

تصاعد كبير في الخسائر البشرية على خلفية 10 تفجيرات و9 عمليات اغتيال

وفقاً لتوثيقات المرصد السوري فقد خلف الشهر الفائت 33 قتيلاً وشهيداً، هم 13 من الفصائل الموالية لأنقرة بينهم 3 قيادات في “الجيش الوطني”، و20 مدنياً بينهم مواطنتين اثنتين و6 أطفال، بالإضافة لإصابة عشرات الجرحى، قضوا وأصيبوا عبر تفجيرات واستهدافات واغتيالات في إطار الفلتان الأمني المتصاعد بشكل ملحوظ ضمن مناطق “غصن الزيتون ودرع الفرات”، ورصد المرصد السوري التفاصيل الكاملة للخسائر البشرية خلال الشهر الفائت.

فقد شهد شهر كانون الثاني/يناير، 10 تفجيرات في الريف الحلبي ضمن مناطق النفوذ التركي، 6 منها جرت عبر عبوات ناسفة، و3 عبر آليات مفخخة، وتفجير جرى بسيارة ملغمة، وتسببت تلك التفجيرات بسقوط 24 قتيلاً وجريحاً، هم 17 مدني بينهم مواطنتين اثنتين و6 أطفال، و7 عسكريين من الفصائل الموالية لأنقرة بينهم قياديين اثنين، كما خلفت التفجيرات 79 جريح، (64 من المدنيين بينهم 13 طفل و14 مواطنة، و15 من الفصائل).

بينما القتلى الآخرين -أي 3 مدنيين و6 عسكريين بينهم قيادي-، قتلوا عبر استهدافات بالرصاص في أرياف حلب الشرقية والشمالية والشمالية الغربية.

انتهاكات يومية بحق أهالي عفرين من سرقات وخطف واعتقال وإتاوات..

تتوالى الانتهاكات ضمن مناطق النفوذ التركي في الريف الحلبي، ولاسيما في منطقة عفرين التي تتسيد المشهد في كل مرة، حيث تتفنن الفصائل الموالية لأنقرة بارتكاب الانتهاكات اليومية بحق أهالي المنطقة الذين رفضوا التهجير منها واختار البقاء في مناطقهم، وقد أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت، قيام الفصائل الموالية لأنقرة بخطف واعتقال أكثر من 58 مدني بينهم رجل مسن وطفلة وفتاة من ذوي الاحتياجات الخاصة، وذلك في كل من مدينة عفرين ومناطق جنديرس ومعبطلي وشران والشيخ حديد ومناطق أخرى بريف عفرين، حيث جرى الإفراج عن 19 منهم فيما لايزال مصير 39 منهم مجهولاً حتى اللحظة.

كما رصد المرصد السوري خلال شهر يناير الفائت، جملة من الانتهاكات بحق ممتلكات المواطنين في عفرين، يستعرض منها، قيام “اللجنة الزراعية” المدعومة من فصيل “سعد بن أبي وقاص” بطرد مُزارع أثناء عمله في حراثة أرضه لزراعتها بقرية مرونة فوقاني التابعة لناحية “الشيخ حديد” في ريف عفرين شمالي غربي حلب، على خلفية فرض إتاوة من قِبل “اللجنة الزراعية” بمشاركة فصل “سعد بن أبي وقاص” على المُزارع وهي عبارة عن 45 “تنكة” من زيت الزيتون، وذلك مقابل السماح للمواطن بحراثة أرضه التي تقدر مساحتها بنحو 100 هكتار، مما أجبره على القيام بشراء “تنكات” زيت زيتون من الأسواق وتسليمها للجنة الزراعة وفصيل “سعد بن أبي وقاص”.

وعمدت الفصائل إلى اقتلاع آلاف الأشجار الحراجية الموجودة ضمن الحقول والغابات المطلة على بحيرة ميدانكي بناحية شران في ريف عفرين، وبحسب مصادر المرصد السوري، فقد تحولت بعض الغابات المحيطة ببحيرة ميدانكي إلى صحراء بعد قطع الأشجار منها بشكل منظم من قِبل الفصائل الموالية لتركيا، بهدف بيعها كحطب للتدفئة.

كما قام عناصر من “الجبهة الشامية” الموالية لتركيا بقوة السلاح، بطرد نازحين من مخيم عشوائي قرب بلدة معبطلي بريف عفرين شمالي حلب، بينما اعتدى عناصر الفصائل الموالية لتركيا على المواطنين الرافضين أوامرهم بالمغادرة، ويتألف المخيم مما يزيد عن 30 خيمة، تسكن بها عائلات جلهم من النساء والأطفال وكبار السن، حيث انتقلوا للبحث عن موقع آخر.

وجرى فرض إتاوات مالية قدرها “100” دولار أمريكي، من قبل الجبهة الشامية على أصحاب المحال التجارية، وذلك بحجة تركيب كاميرات مراقبة في شوارع المنطقة.

صراعات واقتتالات داخلية.. وسرقة متواصلة للتاريخ السوري

تشهد مناطق غصن الزيتون ودرع الفرات نزاعات متواصلة بين الفصائل الموالية لأنقرة فيما بينها، في إطار الصراع على النفوذ وتقاسم ممتلكات المواطنين فضلاً عن الخلافات الشخصية التي يمكن أن تبدأ بخلاف شخصي بين عنصرين من فصيلين مختلفين لتتطور إلى اقتتال فصائلي كبير، فقد رصد المرصد السوري خلال شهر كانون الثاني، إصابة طفل من مهجري الغوطة الشرقية بعدة رصاصات طائشة، بعد نشوب خلاف بين مجموعتين عسكريتين تابعتين لـ”فرقة الحمزة” داخل مدينة عفرين شمالي غربي حلب، تطور لإشهار السلاح وإطلاق النار بشكل عشوائي فيما بينهم، جراء خلافهم على تقاسم إتاوات تهريب الأشخاص بين مناطق النظام ومن ثم إلى عفرين وتركيا.

كما شهدت مدينة الباب استنفار لعناصر الشرطة المدنية والعسكرية، وبعض الفصائل، بسبب قيام الشرطة المدنية باعتقال شابين من إحدى عوائل مدينة الباب، لأسباب غير معروفة، مما دفع أفراد عائلة المعتقلين إلى مهاجمة أحد الحواجز التابعة للشرطة المدنية، واختطاف اثنين من عناصر الحاجز بعد تجريدهم من سلاحهم، في محاولة منهم للضغط على قيادة الشرطة وإطلاق سراح المعتقلين، وفي السياق ذاته، قام مجموعة من المواطنين بالاعتداء بالضرب بحق عنصر في الشرطة الموالية لتركيا، بعد تحرشه بإحدى السيدات في مخيم البل في صوران شمالي حلب.

وكانت فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، اتفقت خلال شهر يناير على تسيير دوريات مشتركة من جميع الفصائل ضمن منطقتي “درع الفرات وغصن الزيتون” بريف حلب، لضبط الأمن “على حد وصفهم”، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن مشروع تسيير الدوريات المشتركة فشل قبل تطبيقه، لوجود خلافات بين فصيلي “الجبهة الشامية” و”السلطان مراد” على خلفية رفض الجبهة الشامية دخول أي قوة عسكرية من باقي تشكيلات “الجيش الوطني” إلى مدينة اعزاز وعلى وجه الخصوص فرقة “السلطان مراد”.

في حين تواصل الفصائل الموالية لتركيا منذ سيطرتها على مدينة عفرين في آذار/مارس من العام 2018 بدعم وغطاء تركي، عمليات التنقيب والبحث عن الآثار، في مناطق مختلفة من قُرى وبلدات منطقة عفرين شمالي غربي حلب، حيث تواصل تلك الفصائل عمليات الحفر والجرف على تل “قه واقه” الواقع على طريق بلدة راجو في ريف عفرين، وسبق أن تعرض التل الأثري لعمليات حفر وسرقة منذ منتصف العام 2019، إلا أن الفصائل المدعومة من أنقرة، عادت لتقوم بعمليات جرف وبحث عن لقى أثرية مدفونة في التل.

ومما سبق يتضح جليًا أن مسلسل الانتهاكات في مناطق “درع الفرات” و”غصن الزيتون” لن تتوقف حلقاته، طالما تستمر القوات التركية والفصائل التابعة لها في مخالفة كل الأعراف والمواثيق الدولية لحقوق الإنسان دون رادع لها يكبح جماح الجرائم والانتهاكات التي ترتكبها بحق الشعب السوري في تلك المناطق، رغم التحذيرات المتكررة من قبل المرصد السوري مما آلت إليه الأوضاع الإنسانية هناك.