مناطق “نبع السلام” في أيلول: 14 حالة اعتقال تعسفي و11 قتيلاً حصيلة الفلتان الأمني والاستهدافات.. وقضية تعذيب شاب في سلوك تتصدر المشهد

47

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد وثق نشطاء ورصد المرصد السوري جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر التاسع من العام 2021 الجاري.

حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة هناك خلال الشهر الفائت 11 قتيلا، توزعوا على الشكل التالي: رجلان اثنان أحدهما من أبناء منطقة بقرص والآخر من منطقة الشميطية ضمن محافظة دير الزور، وذلك برصاص قوات حرس الحدود التركية “الجندرما”، خلال محاولتهما دخول الأراضي التركية بطريقة غير شرعية من منطقة شمال شرق سورية، وشاب من أبناء محافظة الحسكة وهو من قبيلة “النعيم” استشهد برصاص “الجندرما” التركية خلال محاولته دخول تركيا من جهة ريف رأس العين، وشاب من أبناء بلدة الطيانة في ريف دير الزور الشرقي، قتل بسبب التعذيب ونقص الرعاية الصحية، في سجن يتبع لصقور الشمال التابع لـ”الجيش الوطني” الموالي لتركيا، وذلك في مدينة رأس العين، ومواطن من أبناء بلدة محكان بريف دير الزور قتل على يد مسلحين مجهولين في مدينة رأس العين، وشخص عراقي الجنسية قتل بانفجار عبوة ناسفة في مدينة رأس العين، وعنصر في فيلق الشام قتل على يد عناصر من فرقة الحمزة إثر خلاف على المال بمدينة رأس العين، و4 عناصر من فرقة المعتصم الموالية لتركيا في اشتباكات بين مجموعتين من الفرقة ضمن رأس العين.

ويتواصل مسلسل الانتهاكات ضمن مناطق ما يعرف بنبع السلام، حيث أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال الشهر الفائت، 14 حالة اعتقال تعسفي بينهم سيدة، وذلك في مدينة تل أبيض وريفها ضمن محافظة الرقة، وريف رأس العين (سري كانييه) ضمن محافظة الحسكة.

كما أحصى المرصد السوري خلال الشهر الفائت، 4 اقتتالات بين الفصائل الموالية لأنقرة فيما بينها تركزت في مدينة رأس العين وريفها، وخلفت خسائر بشرية، وذعر ورعب لدى الأهالي، الاقتتال الأول كان بتاريخ الثامن من أيلول، حين اشتبك عناصر من فرقة الحمزة وعناصر من فيلق الشام في مدينة رأس العين بريف الحسكة، إثر خلاف بين الطرفين على أموال، الأمر الذي أدى مقتل عنصر في الفيلق وسقوط جرحى من الطرفين، الاقتتال الثاني كان في 13 أيل، حيث دارت اشتباكات عنيفة في قريتي المكرن وأم عظام بريف رأس العين بين مسلحين من عشيرة “البوشعبان” من جهة، ومجموعات مسلحة من “فرقة الحمزة” من جهة أُخرى بعد تهديد الأخيرة باقتحام القُرى بهدف تحرير العناصر المحتجزة لدى عشيرة “البوشعبان، ويعود سبب الخلاف قيام أبناء قبيلة “البوشعبان” باحتجاز عناصر من “فرقة الحمزة” وذلك على خلفية حادثة مقتل شاب من أبناء قرية الحضارة في تل حلف، على يد قائد عسكري ضمن “فرقة الحمزة” في شهر آب، بعد إطلاق النار عليه على حاجز “كوع شلاح” الواقع على طريق رأس العين – العالية، دون معرفة أسباب ودوافع قتل الشاب المدني.

وفي 14 الشهر، شهدت قرية العداونية بريف رأس العين، اشتباكات عنيفة بمختلف أنواع الأسلحة اندلعت بين عناصر من تجمع “أحرار الشرقية” من جهة، و”الفرقة 20″ من جهة أُخرى، أسفرت عن سقوط 5 جرحى على الأقل، أما الاقتتال الأخير كان في 28 أيلول، حين قتل 4 عناصر وأصيب 5 آخرون بجراح من فرقة المعتصم الموالية لتركيا في الاشتباكات بين مجموعتين من الفرقة في رأس العين (سري كانييه).

وشهدت منطقة نبع السلام في شهر أيلول أيضاً، انفجارين اثنين حدثا في الثامن من الشهر، الأول حين انفجرت عبوة ناسفة بشارع الكنائس ضمن مدينة رأس العين (سري كانييه)، ما أدى لمقتل شخص عراقي الجنسية وسقوط جرحى، والثاني عبر عبوة ناسفة انفجرت قرب مدخل سوق مدينة رأس العين، ما أدى لأضرار مادية.

ولعل الحدث الأبرز ضمن منطقة نبع السلام خلال شهر أيلول، هو قضية تعذيب شاب على يد عناصر من فصيل “صقور السنة” التابع لحركة أحرار الشام وذلك في بلدة سلوك بريف الرقة، حيث حصل المرصد السوري لحقوق الإنسان في التاسع من الشهر على شريط مصور يظهر من خلاله عنصران من فصيل “صقور السنة” التابع لـ “حركة أحرار الشام” الإسلامية الموالية لتركيا، وهما يقومان بتعذيب شاب من أبناء محافظة الرقة بأبشع الطرق والأساليب وتصويره بعد أن قاما بخلع ملابسه وتعريته بشكل كامل، وذلك لانتقاده عناصر الفصيل على شبكات التواصل الإجتماعي.

وعلى وقع الحادثة، شهدت سلوك في العاشر من الشهر توترًا واستنفارًا لعشيرة الجميلة (جيس) بعد قيام عناصر من فصيل “صقور السنة” -ذات الفصيل الذي ظهر عناصره بشريط مصور وهم يعذبون ويهينون شاب من أبناء الرقة بأبشع الطرق والأساليب-، بمحاولة احتلال منزل الأستاذ “ح.ا” أحد أعيان العشيرة وطرده منه في بلدة سلوك، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن بلدة سلوك تشهد حالة من الاستياء الواسع لكافة الأهالي والعشائر المتواجدة في المنطقة ضد الفصائل الموالية لأنقرة، بسبب ممارساتها ضد الأهالي على وجه العموم، وبعد حادثة تعذيب الشاب الذي ظهر بشريط مصور وهو يتعرض للتعذيب الوحشي على وجه الخصوص.

وفي ذات اليوم خرجت مظاهرة في البلدة طالبت بطرد مجموعات فصيل “صقور السنة” بعد حادثة تعذيب الشاب الذي ظهر بشريط مصور.

على صعيد آخر وضمن مسلسل الانتهاكات المستمر، فقد أفاد نشطاء المرصد السوري في السابع والعشرين من أيلول، بأن “الشرطة المدنية” علقت عملها في مدينة رأس العين/ سري كانيه ضمن منطقة “نبع السلام” بريف الحسكة، على خلفية الانتهاكات والتجاوزات المتكررة والمتصاعدة من قِبل عناصر “الجيش الوطني” الموالي لتركيا، والتي كان آخرها يوم أمس، بعد قيام مسلحين تابعين لـ “فرقة الحمزة” بالاعتداء على رئيس أحد مخافر الشرطة المدنية في حي المحطة بمدينة رأس العين، حيث أقدم عناصر الفرقة على ضرب رئيس المخفر ومرافقه، ومن ثم قاموا بأخذ سيارته، لأسباب مجهولة، بالإضافة إلى عدم تمكن جهاز الشرطة من محاسبة عناصر “الجيش الوطني” الذين يقومون بتجاوزات متكررة في المنطقة، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن قيادة “الشرطة المدنية” في مدينة رأس العين تجتمع حاليًا مع قيادة “الجندرما” التركية في مبنى قيادة الشرطة.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.