مناطق “نبع السلام” في تشرين الأول: تعزيزات الأتراك والفصائل في صدارة المشهد.. واستهدافات جوية لشخصيات جهادية في ظل استمرار مسلسل الانتهاكات

29

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد وثق نشطاء ورصد المرصد السوري جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر العاشر من العام 2021 الجاري.
حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة هناك خلال الشهر الفائت 5 قتلى، توزعوا على الشكل التالي: قيادي في صفوف فصيل “الموالي” المقرب من تجمع “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا برفقة اثنين من مرافقيه جراء استهداف جوي من قبل طيران مسير قرب قرية العدوانية غربي مدينة رأس العين، وقيادي في أحرار الشرقية باستهداف جوي من قبل طائرة مسيرة قرب مفرق عربيد بريف سلوك، و عنصر من الفصائل الموالية لتركيا برصاص عناصر “قسد” على محور قرية الشركراك شمال محافظة الرقة.
وفي تفاصيل الاستهدافات الجوية، فقد شهد يوم الـ 22 من تشرين الأول، استهداف جوي من قبل طائرة بدون طيار مجهولة الهوية، قرب مفرق عربيد بريف سلوك ضمن مناطق “نبع السلام” شمال محافظة الرقة، ما أدى لمقتل قيادي كان في تنظيم “جبهة النصرة” سابقاً إبان ولائها وتبعيتها لتنظيم “القاعدة”، قبل أن ينضم مؤخراً إلى صفوف “أحرار الشرقية”.
وفي 25 الشهر لقي المدعو “صباحي الإبراهيم المصلح” الملقب أبو حمزة الشحيل حتفه باستهداف جوي بطائرة بدون طيار قرب قرية العدوانية غربي مدينة رأس العين/سري كانيه بريف الحسكة، والقتيل من مؤسسي تنظيم “جبهة النصرة” التابع لتنظيم “القاعدة” سابقاً في دير الزور، وقام بعدها بمبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية” والعمل بتجارة الأسلحة، وبحسب مصادر المرصد، جرى قتله برفقة اثنين من مرافقيه بعد استهدافهم بصاروخين من طائرة مسيّرة يرجح أنها تابعة للتحالف الدولي، حيث يعمل حاليًا في صفوف فصيل “الموالي” المقرب من تجمع “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا.

ويتواصل مسلسل الانتهاكات ضمن مناطق ما يعرف بنبع السلام، حيث أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان حالات كثيرة خلال الشهر الفائت، نستعرض منها، ففي الأول من أكتوبر، اعتدى عناصر من فصيل صقور السنة التابعة للفرقة 20، بالضرب بحق امرأة في قرية العدوانية، بعد أن حاولت مقاومة عناصر الفصائل الموالية لتركيا أثناء اعتقال زوجها، في حين اجتمع عناصر الفصائل مع وجهاء من أبناء المنطقة، لحل الخلاف والمطالبة بالرجل المعتقل.
كما اعتدى عناصر مجموعة أمنية تتبع لفصيل صقور الشمال، على أحد وجهاء العشائر في قرية البديع الواقعة بمنطقة رأس العين في ريف الحسكة، بعد أن حاول اعتراضهم.
ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن عناصر الفصائل يترددون على القرية، ويطالبون الأهالي بدفع إتاوات وأسلحة فردية، ويواصلون انتهاكاتهم في تلك المنطقة.
وفي 12 أكتوبر، اقتحمت مجموعة من عناصر فرقة الحمزة منزلًا في حارة البزز، في مدينة رأس العين (سري كانييه) ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف الحسكة، للاستيلاء على المنزل بحجة أنه يعود إلى شخص كان يعمل سابقاً مع “الإدارة الذاتية”، وطالب عناصر فرقة الحمزة من ساكني المنزل بضرورة إخلائه فوراً.
وفي منتصف تشرين الأول، علم المرصد السوري لحقوق الإنسان، بأن الشرطة العسكرية بمشاركة من فرقتي الحمزة و السلطان مراد داهموا قرية “لوذي” جنوب شرق رأس العين (سري كانييه) ضمن منطقة “نبع السلام” في ريف الحسكة، حيث دخل عناصر المداهمة رفقة عربات عسكرية إلى القرية، بعد منتصف ليلة الخميس-الجمعة.
مصادر محلية أكدت لـ”المرصد السوري” بأن عملية المداهمة جرت بعد أن تم تطويق القرية وإغلاق الطرق المؤدية لها، بينما منعت الفصائل الموالية لتركيا، الأهالي من مغادرة منازلهم.
وأكدت المصادر بأن الفصائل انتهكت حرمة المنازل واعتدت على النساء لفظيًا بالشتائم، لرفضهن همجية عناصر المداهمة.
كما وتم اعتقال سيدتين ورجل، ومصادرة أجهزة نقالة، بتهمة التواصل مع قوات سوريا الديمقراطية.
وفي 21 تشرين الأول، اقتحمت مجموعة عناصر من فرقة الحمزة الموالية لتركيا، فجر اليوم الخميس، قرية العامرية التابعة لبلدة المناجير بريف تل تمر الجنوبي بالقرب من طريق “m4″، وشن العناصر عمليات تفتيش في عدد من منازل القرية وانتهكوا حرماتها.
واستقدم الفصيل 5 عربات عسكرية مزودة برشاشات ثقيلة، أثناء المداهمة بحجة البحث عن مطلوبين، دون أن تلقي القبض على أحد، حيث غادرها الشباب والرجال ولم يبق فيها إلا النساء.
وتجدر الإشارة إلى أن القرية تقع ضمن عملية “نبع السلام” التي تعيش حالة من الفوضى وانتهاك حقوق الإنسان من قبل الفصائل المسيطرة.

أما على صعيد التوترات والمناطحات الفصائلية، فقد شهد الثاني من تشرين الأول، استنفارًا للشرطة العسكرية في مدينة رأس العين (سري كانييه) ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف الحسكة، إثر اعتداء مجموعة مسلحة من فصيل الملك شاه التابع للفصائل الموالية لتركيا بقذائف “آربيجي” على عناصر الشرطة العسكرية على حاجز تل حلف قرب المدينة، وذلك بسبب توقيف قائد المجموعة مع عنصر آخر على حاجز الشرطة العسكرية بتهمة تهريب البشر.

بينما شهدت الأيام الأخيرة من الشهر، تصاعد بالتعزيزات العسكرية للأتراك والفصائل الموالية لها في ظل التصعيد الإعلامي حول اقتراب موعد عملية عسكرية تركية تستهدف قوات سوريا الديمقراطية شمال شرق سورية، ففي الـ 22 من تشرين الأول، استقدمت القوات التركية تعزيزات عسكرية إلى ريف تل أبيض في ريف الرقة الشمالي. وتتألف التعزيزات العسكرية من دبابات ومدفعية وأسلحة ثقيلة ومواد لوجستية.
وفي 27 و28 تشرين، دخل رتلين مدججين بالأسلحة الثقيلة من دبابات وعربات مدرعة ومعدات عسكرية ولوجستية إلى مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا ضمن منطقة ما تعرف بـ “نبع السلام” شمالي الرقة.
وفي 29 الشهر، أشار المرصد السوري إلى خروج دفعات من عناصر الفصائل الموالية لتركيا من معبر حوار كلس شمال شرق حلب، إلى الأراضي التركية والتوجه إلى منطقة “نبع السلام” في ريفي الرقة والحسكة، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن دفعات من فصائل “فرقة الحمزة وفيلق الرحمن والسلطان مُراد وأحرار الشرقية وجيش الشرقية وفصيل سليمان شاه والفرقة التاسعة” وتشكيلات أُخرى من فصائل “الجيش الوطني” الموالي لتركيا وصلت مساء الأمس إلى مدينة تل أبيض الحدودية مع تركيا شمالي الرقة، وذلك بعد عبورهم الأراضي التركية قادمين من مناطق “درع الفرات” في ريف حلب.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.