مناطق “نبع السلام” في تشرين الثاني: 4 اقتتالات فصائلية تخلف قتلى وجرحى وعملية “التحالف الدولي” تتصدر المشهد

39

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد وثق نشطاء ورصد المرصد السوري جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الحادي عشر من العام 2021 الجاري.
حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة هناك خلال الشهر الفائت 5 قتلى، توزعوا على الشكل التالي: مقاتل ضمن “الجيش الوطني” عُثر عليه مقتولًا برصاص مجهولين داخل منزله في مدينة رأس العين، وعنصراً من القوات التركية قتل “عن طريق الخطأ” أثناء قيامه بالعبث بسلاحه الفردي خلال تواجده ضمن أحد معسكرات التدريب التابعة للقوات التركية في مدينة تل أبيض، وقائد ما يسمى لواء “شهداء بدر” جراء تعرضه لإطلاق نار من قِبل أحد عناصر “فرقة الحمزة”، في قرية المختلة بريف مدينة رأس العين/سري كانيه، وعنصر في فصيل “فرقة الحمزة” في اقتتال بين مجموعتين من الفصيل ذاته قرب صوامع مدينة رأس العين/سري كانيه، وعنصر آخر في فرقة الحمزة قتل على يد مسلحين من الفصيل ذاته أيضاً قرب صوامع رأس العين.

وشهدت المنطقة خلال الشهر الفائت 4 اقتتالات بين الفصائل المتناحرة لأسباب متنوعة، ففي الثامن من الشهر نفذ عناصر من فيلق المجد الموالي لتركيا، كميناً استهدف سيارات للشرطة العسكرية، قرب قرية تل فندر بريف تل أبيض الغربي ضمن مناطق “نبع السلام” شمال محافظة الرقة، بعد دخول الشرطة العسكرية قطاع لفيلق المجد في المنطقة، وأسفر الكمين عن وقوع جرحى وإعطاب ثلاثة سيارات للشرطة العسكرية.
وفي الـ 11 من الشهر، دارت اشتباكات بين مجموعات من الفصائل الموالية لتركيا ضمن مناطق “نبع السلام” في ريف الرقة.
ووفقًا للتفاصيل التي حصل عليها المرصد السوري، فإن مجموعات من فصيلي أحرار الشرقية و فيلق الشام، اشتبكوا بالأسلحة المتوسطة والثقيلة، في كل من عين عيسى و الشركراك وحمام التركمان في ريف الرقة الشمالي، بدئه فصيل أحرار الشرقيةللاستيلاء مقرات “أبو جهاد الرقة” ومقرات “لواء الخطاب” التابع لفيلق الشام.
وأسفرت الاشتباكات والتوتر في المنطقة عن وقوع جرحى بينهم مدني في قرية الشركراك، وأسر عناصر من الأطراف المتقاتلة، حيث أسر فصيل أحرار الشرقية ثلاث عناصر من لواء خطاب التابع لفيلق الشام، أثناء صد محاولة اقتحام المطحنة في بلدة حمام التركمان في ريف تل أبيض.
كما أصيب 7 عناصر من لواء الخطاب أثناء الاشتباكات في بلدة حمام التركمان، بينما اعتدى العناصر على رجل مدني بالضرب المبرح بسبب منعه لهم بدخول منزله أثناء محاولتهم اقتحام المطحنة في بلدة حمام التركمان.
وفي سياق ذلك، هدد قيادي في أحرار الشرقية، بالسيطرة على المقرات وطرد فيلق الشام من المنطقة.
وفي 12 تشرين الثاني، اندلعت اشتباكات عنيفة بين مجموعتين مسلحتين تابعتين لـ “فرقة الحمزة” الموالية لتركيا قرب صوامع مدينة رأس العين/سري كانيه ضمن منطقة “نبع السلام” بريف الحسكة، وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن الاشتباكات التي لم تعرف أسبابها حتى اللحظة تسببت بمقتل عنصر وإصابة آخرين.
فيما تجددت تلك الاشتباكات بين مجموعات تابعة لفرقة الحمزة بتاريخ 15 تشرين الثاني.

ويتواصل مسلسل الانتهاكات ضمن مناطق ما يعرف بنبع السلام، حيث أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان حالات كثيرة خلال الشهر الفائت، نستعرض منها، ففي الثالث من الشهر، قام عناصر من الفصائل باختطاف 3 سيدات وهنّ ينتظرنَ دورهنّ أمام عيادة أحد الأطباء في بلدة سلوك بريف مدينة تل أبيض/كري سبي شمالي الرقة، ضمن منطقة “نبع السلام”، وذلك على مرأى ومسمع الأهالي، دون معرفة الأسباب والدوافع.
وفي 23 تشرين الثاني، قامت مجموعة من فصيل “فيلق الشام” ببيع صوامع الحبوب في قرية المناجير بريف رأس العين/سري كانيه بمحافظة الحسكة، لتاجر يدعى “السفراني” يعمل في بيع الخردة، حيث باشرت ورشاته في عملية تفكيك الصوامع، وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن ورش “السفراني” عمدت قبل أيام إلى تفكيك مولدة فرن المناجير الاحتياطية، والذي يعد ثاني أكبر فرن في المنطقة وبيع ما بداخلها من نحاس بعد أخذ الموافقة والضوء الأخضر من “فيلق الشام”
الجدير ذكره أن ذات الورش قامت بتفكيك محطة مياه رأس العين، وبيعها في وقت سابق.
وفي 25 تشرين الثاني، بدأت فصائل الجيش الوطني بسرقة بسرقة “عواميد الكهرباء” المتبقية في قرى ريف رأس العين /سري كانيه الشرقي
وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن عناصر “جيش الإسلام وفرقة الحمزة” يقومون بإزالة عواميد الكهرباء المتبقية في قرى مريكيس وباب الخير وام عشبة وداودية بريف ونقلها إلى مقراتهم في المنطقة، بهدف استجرار الكهرباء الخاصة بمحطة علوك إلى مقراتهم، كما عمدت تلك الفصائل إلى سرقة الأسلاك الكهربائية من عدة منازل في المنطقة، و فرضوا على بعض الأهالي جلب أسلاك كهرباء لهم وذلك لنقل الكهرباء إلى نقاطهم و محارسهم.

وبالانتقال إلى ملف الاحتجاجات والاستياء الشعبي، فقد رصد نشطاء المرصد السوري مطلع شهر تشرين الثاني، خروج مظاهرة لعشرات المواطنين من أبناء وسكان مدينة رأس العين (سري كانييه) في محيط دوار الجوزة بالمدينة الخاضعة لنفوذ الفصائل الموالية لتركيا، احتجاجًا على تردي الأوضاع المعيشية ونقص الخبز والمطالبة بمحاسبة أعضاء المجلس المحلي في المدينة، حيث طالب المتظاهرون بإسقاط المجلس وتأمين مستلزمات المعيشية التي يفتقدها سكان المدينة، بينما تم فض المظاهرة وطرد المتظاهرين بالقوة من قبل الشرطة المدنية، في حين توجه المتظاهرون إلى المعبر الحدودي مع تركيا مرددين شعارات “يسقط المجلس المحلي” و “يجب محاسبة الفاسدين”.
وفي الثاني من الشهر، خرجت مظاهرة في مدينة رأس العين، احتجاجًا على سوء الخدمات والأوضاع المعيشية الصعبة، وللمطالبة بطرد الفاسدين من أعضاء مجلس مدينة رأس العين، لتقوم على إثرها قوات من الشرطة المدنية بمهاجمة المتظاهرين وضرب بعضهم، بالإضافة إلى قيام قائد شرطة رأس العين بتهديد المتظاهرين، وعلى إثر ذلك، أصدر وجهاء وأعيان وشيوخ عشائر رأس العين بيانًا موجهًا إلى قيادة القوات التركية في أنقرة وجاء فيه: نحن وجهاء وأعيان وشيوخ عشائر مدينة رأس العين، خرجنا اليوم بمظاهرة احتجاجًا على الأوضاع المعيشية السيئة التي تشهدها مدينتنا ورفعنا شعارات تحمل مطالب محقة تعبر عن واقعنا الذي نعيشه والذي ازداد سوء بعد قرار المجلس المحلي برفع سعر مادة الخبز إلى الضعف، وبعد تجمع المتظاهرين عند دوار الجوزة مقابل المجلس المحلي، نتفاجئ بوصول قوى من عناصر الشرطة المدنية وقامت بالاعتداء بالضرب المبرح على المتظاهرين وبعد هجوم العناصر خرج مترجم الوالي المدعوم “مصطفى أقصوي” ليساهم بضربنا أيضا وطردنا من أمام المجلس المحلي، وبناء على ذلك نطالب القيادة التركية في أنقرة ما يلي:
-مسائلة الوالي المسؤول عن رأس العين حول استياء الأوضاع المعيشية
-نطالب بطرد المترجم “مصطفى أقصوي” من عمله
-نطالب بإقالة المجلس المحلي لمدينة رأس العين وانتخاب مجلس جديد يتكون من الكفاءات القادرة على تحسين الأوضاع المعيشية
-نطالب بزيادة الدعم الإنساني الذي يخفف من معاناة الأهالي
-نطالب بتقديم مشاريع وتحسين الوضع الخدمي لمدينتنا.

ولعل الحدث الأبرز خلال الشهر الفائت ضمن مناطق “نبع السلام”، هو دخول مروحيات تابعة لقوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، في الثاني من الشهر، إلى مناطق سيطرة القوات التركية والفصائل الموالية لها، ونفذت عملية إنزال جوي في حي حوارنا الملاصق للحدود التركية – السورية في مدينة رأس العين/سري كانيه و قرية علوك، وبحسب مصادر المرصد السوري فإن قوات التحالف الدولي أخلت خلال العملية 6 أشخاص ثلاثة منهم “سعودي الجنسية واسترالي وثالثهم سوري من أبناء محافظة الرقة”، جرى إخلائهم من رأس العين، وثلاثة آخرين جرى اعتقالهم من قرية علوك شمالي المدينة، جلهم كانوا ضمن صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” إبان سيطرته على مناطق في شمال وشرق سوريا، مصادر متقاطعة قالت للمرصد السوري، بإن الأشخاص الذين جرى اعتقالهم منذ ذلك الوقت وهم يعملون كـ مخبرين لدى التحالف الدولي، قبل أن ينتقلوا إلى صفوف فصيل “أحرار الشرقية” الموالي لتركيا في منطقة “نبع السلام” ومتابعة عملهم على إعطاء احداثيات للتحالف الدولي عن قيادات جهادية ممن كانوا في صفوف تنظيم “الدولة الإسلامية” وتنظيم “القاعدة” لاستهدافهم، حيث أن الخلية تتألف من 9 أشخاص منتشرين في مناطق عدة من مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية “نبع السلام” إلا أن الستة الذين جرى إجلاءهم من التحالف هم الأبرز والذين يديرون الخلية، العملية المعقدة جرت بالتنسيق ما بين قوات التحالف الدولي والقوات التركية، ويرجح أن مروحيات التحالف دخلت من قاعدة انجرليك في تركيا، وأثناء حدوث العملية، أقدم تجمع “أحرار الشرقية” بالتنسيق مع المخابرات التركية على مداهمة مقرات باقي أفراد الخلية التي تقوم بالتنسيق مع قاعدة التحالف الدولي في حقل العمر النفطي، وهم من أبناء محافظة دير الزور واعتقال باقي أفرادها من محيط بلدة سلوك الحدودية مع تركيا شمالي الرقة، من بينهم قادات سابقة في فصائل المعارضة، حيث نسقت المخابرات التركية مع الفصيل للتغطية على التنسيق الذي حصل ما بين القوات التركية وقوات التحالف الدولي بعد اكتشاف أمر الخلية من قِبل “تجمع أحرار الشرقية” ولإظهار القوات التركية بصورة حسنة أمام الفصائل المولية لها على أنها لاتجري أي تنسيق مع قوات التحالف الدولي.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.