مناطق “نبع السلام” في نيسان: تحركات تركية مستمرة والاقتتالات تتسيد المشهد وسط انتهاكات متواصلة على قدم وساق

42

تتصاعد معدلات الانتهاكات الحقوقية في مناطق نفوذ القوات التركية والفصائل الموالية لها في ريفي الحسكة والرقة، المعروفة بمناطق “نبع السلام”، والتي سيطرت عليها في تشرين الأول/أكتوبر من العام 2019، تصاعد الانتهاكات يأتي مقابل تحقيق المآرب والأطماع السياسية والاقتصادية على حساب استغلال هذه الأراضي وثرواتها ومواردها وأهلها أسوء استغلال، وقد وثق نشطاء ورصد المرصد السوري جميع الأحداث التي شهدتها تلك المناطق خلال الشهر الرابع من العام 2021 الجديد.

حيث بلغت حصيلة الخسائر البشرية في المنطقة هناك خلال الشهر الفائت 11 قتيلاً، هم: 4 من القوات التركية جراء انفجار لغمين في المنطقة الواقعة بين قريتي قشقا والريحانية شمال غرب تل تمر، و3 من الفصائل في اقتتالات بين بعضهم البعض ضمن رأس العين، ومواطن قتل في قرية الدهمان بريف رأس العين في ظروف غامضة، نتيجة انفجار مجهول في سيارته، و وشخص مجهول الهوية قتل بانفجار سيارة كان يقودها قبيل وصولها إلى موقع عسكري تابع للفصائل الموالية لأنقرة في منطقة الناصرية غربي رأس العين، وشاب عثر على جثته مقتولاً في قرية مختله بريف رأس العين أيضاً، وشاب يعمل مترجم ضمن الكوادر الإدارية للواء الفاروق التابع لفرقة الحمزة الموالية لتركيا، قتل برصاص مجهولين في حي المحطة قرب الصوامع بمدينة رأس العين (سري كانييه)، كما سقط عدد من الجرحى جراء التفجيرات والاقتتالات والاستهدافات جلهم في منطقة رأس العين.

وفي تفاصيل مقتل الجنود الأتراك وتداعيات مقتلهم، شهد اليوم السادس من شهر نيسان، انفجر لغم أرضي بمجموعة من القوات التركية في المنطقة الواقعة بين قريتي قشقا والريحانية شمال غرب تل تمر بالقرب من القاعدة التركية ضمن محافظة الحسكة، وتبعه انفجار لغم ثاني أثناء قدوم مجموعة أخرى، ووفقاً لمصادر المرصد السوري، فإن الانفجارين خلفا 4 قتلى أتراك، بالإضافة لإصابة 7 آخرين منهم بجراح متفاوتة.

بعد ذلك بيوم أي في السابع من نيسان قامت القوات التركية والفصائل بتعزيز حواجزها بـ “كلاب مدربة” وعناصر، ضمن المناطق الخاضعة لسيطرتها قرب طريق “M4” الدولي في ريف بلدة تمر شمالي الحسكة، خوفًا من مرور السيارات والآليات المفخخة، كما تعمل القوات التركية والفصائل الموالية لها على حفر خنادق بشكل كبير في قرى ريحانية وقاسمية وتل مناخ وصولًا إلى منطقة العالية على الطريق الدولي “M4″، كما أغلقت القوات التركية المنطقة التي وقع بها انفجار لغم أرضي في المنطقة الواقعة بين قريتي قشقا والريحانية شمال غرب تل تمر، قرق قاعدتها العسكرية، وعمدت القوات التركية برفقة الفصائل الموالية لها إلى اعتقال 3 أشخاص من المنطقة على خلفية انفجار اللغم.

وفي خضم الحديث عن التحركات التركية في منطقة “نبع السلام” وخطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية، فقد أشار المرصد السوري في 30 نيسان، إلى أن القوات التركية تحاول التقدم والوصول إلى طريق” M4″ حلب-الحسكة، حيث تعمل القوات التركية على رفع سواتر ترابية على على مراحل في جبهة عين عيسى والتقدم من خلالها، ثم العمل على رفع سواتر ترابية متقدمة جديدة وهكذا للتقدم أكثر والاقتراب من طريق حلب-الحسكة.

وقالت مصادر المرصد السوري بأن الضربات الجوية التي استهدفت موقعًا قرب قاعدة عسكرية تركية في ريف عين عيسى، في 29 نيسان، جاءت كتحذير لتلك القوات من تجاوز خطوط التماس مع قوات سوريا الديمقراطية، ولم ترد معلومات عن هوية تلك الطائرات إلى الآن.

في حين تتواصل الانتهاكات من قبل الفصائل الموالية لأنقرة بحق أهالي وسكان مناطق “نبع السلام”، ففي السادس من نيسان، قام عناصر من فرقة الحمزة ولواء المعتصم بطرد عوائل نازحة من دير الزور إلى مدينة رأس العين بريف الحسكة خلال ساعات الليل، دون أن تسمح لهم بالمبيت في المنزل حتى الصباح بحجة أنه غير مرغوب بها، وباتت العوائل التي يتكون جلها من الأطفال والنساء في الحديقة العامة في العراء.

وفي 25 نيسان، أشار المرصد السوري إلى افتتاح مقر لجمعية خيرية قوقازية “القفقاسية” في مدينة رأس العين “سري كانييه”، ووفقًا لمصادر المرصد السوري، فإن مقر الجمعية الخيرية “القفقاسية” جرى افتتاحه ضمن أحد منازل المهجرين من مدينة رأس العين، بفعل عملية “نبع السلام”، بعد الاستيلاء عليه، ويأتي ذلك في ظل إصرار القوات التركية والفصائل الموالية لها على إحداث تغيير ديمغرافي في المناطق الخاضعة لسيطرتها ضمن منطقتي “نبع السلام وغصن الزيتون”.

كما اعتدى عناصر من الفصائل الموالية لأنقرة في 29 الشهر الفائت، بالضرب على موظف ضمن دائرة الكهرباء في المجلس المحلي لمدينة رأس العين (سري كانييه) بريف الحسكة، وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن الموظف تعرض للضرب والشتم، لرفضه الذهاب مع العناصر وإصلاح مولدة كهربائية لهم.

وتصدرت الاقتتالات المشهد في مناطق نبع السلام، عبر 4 اقتتالات مسلحة كانت جميعها في رأس العين (سري كانييه)، ففي الثالث من نيسان، أصيب 3 عناصر من الفصائل في اشتباكات بالأسلحة الرشاشة، بين مجموعتين من فرقة السلطان مراد في مدينة رأس العين بريف الحسكة، ووفقًا لمصادر المرصد السوري فإن الاشتباكات نتيجة تعاطيهم حبوب مخدرة.

وفي 14 نيسان، أصيب 3 مواطنين جراء لقاء قنبلة واشتباكات مع عناصر فرقة الحمزة الموالية لتركيا، في مدينة رأس العين، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن الاشتباك جرى في أحد مطاعم الوجبات الرمضانية، إثر خلاف عناصر فرقة الحمزة مع العاملين في المطعم، على خلفية طلب العناصر لوجبة طعام، في حين ألقى أحد العناصر قنبلة كانت بحوزته، كما استخدموا قذيفة “آربيجي”، ما أدى إلى نشوب اشتباكات التي أسفرت عن مصابين وأضرار مادية.

وبعدها بثلاثة أيام، شهد مدينة رأس العين، اشتباكات عنيفة بين مجموعة عسكرية تابعة لفصيل “صقور الشمال” من جانب، ومجموعة أخرى تابعة لفصيل “السلطان مراد” من جانب آخر، وجرى استخدام الرشاشات الثقيلة في الاشتباكات، وسط معلومات عن خسائر بشرية في صفوف الطرفين.

واندلعت اشتباكات عنيفة في مساء 18 نيسان، بين مجموعات من فصيل “السلطان مراد” فيما بينهم، ليتطور إلى تدخل كل من أحرار الشرقية وفرقة الحمزة، واستقدام دعم وتعزيزات من خارج المدينة إليها، واشتدت وتيرة الاشتباكات بشكل عنيف، وسط استنفار كبير للقواعد والنقاط التركية داخل رأس العين وعند المعبر الحدودي وذلك لقرب الاشتباكات منه، كل ذلك جرى وسط سخط واستياء شعبي كبير على خلفية الحرب الطاحنة ضمن أحياء المدينة والذي بث الذعر والخوف لدى الأهالي، واستمرت حتى 19 نيسان.

بعد ذلك وفي 20 نيسان، شهدت رأس العين حظرًا للتجوال وإغلاقًا تامًا لأسواق المدينة، مع انتشار كثيف لعناصر الشرطة العسكرية والعربات المصفحة التركية، تزامنًا مع استمرار التعزيزات العسكرية للفصائل المتقاتلة في المدينة، على خلفية الاقتتالات التي استمرت لثلاثة أيام، شارك فيها أكثر من 120 عنصرًا من مختلف تلك الفصائل، وأسفرت القذائف التي استهدفت المنازل عن إصابة 4 مواطنين، كما قتل وجرح خلال الاشتباكات 3 من الفصائل الموالية لتركيا، وسط حالة تخوف الأهالي من تجدد الاقتتال، ونزوح البعض من منازلهم القريبة من مناطق الاشتباكات.

بينما عمدت القوات التركية في اليوم ذاته، إلى اعتقال العشرات من عناصر فصائل “السلطان مراد وفرقة الحمزة وأحرار الشرقية” عقب الاقتتال الدامي والعنيف الذي شهدته مدينة رأس العين فيما بينهم.

وإجمالاً ستظل هذه الصورة القاتمة تزداد وتتمدد مع استشراء الفساد والاستبداد اللذين تمارسها الفصائل الموالية لأنقرة دون وازع أو رادع يقف أمامهم للحيلولة دون ارتكابهم لمزيد من الجرائم الإنسانية في حق المواطنين السوريين في مناطق “نبع السلام”، وعليه فإن المرصد السوري لحقوق الإنسان يجدد مطالبته للمجتمع الدولي لحماية المدنيين في تلك المنطقة من الممارسات الممنهجة للفصائل والمتمثلة بعمليات سرقة وقتل ونهب وسلب واعتقال واختطاف.