مناطق نفوذ النظام خلال كانون الثاني: 60 شخص قضوا في أعمال عنف جلهم من المدنيين.. وأزمات معيشية كارثية تصعد من حركة الهجرة

المرصد السوري يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بالعمل الجاد للإطاحة بنظام بشار الأسد وتقديم رموزه للمحاكم الدولية

41

رغم جميع محاولات الروس والنظام تصوير المناطق الخاضعة لسيطرة الأخير على أنها باتت آمنة وصالحة للعيش بعد “القضاء على الإرهاب” على حد وصفهم، إلا أن الواقع يثبت عكس ذلك كلياً، حيث شهدت مناطق نفوذ النظام خلال الشهر الأول من العام الجديد أحداثًا لافتة من تصاعد لأعمال العنف فضلًا عن سوء الأوضاع المعيشية وحركة الهجرة الغير مسبوقة للأهالي نتيجة تردي الوضع المعيشي، بالإضافة إلى القبضة الأمنية للنظام واستمرار مسلسل الاعتقالات بحق المدنيين خارج نطاق القانون لأسباب ودوافع مجهولة.
المرصد السوري لحقوق الإنسان يسلط الضوء في التقرير الآتي على أبرز التفاصيل والتطورات ضمن مناطق سيطرة النظام خلال يناير/كانون الثاني من العام 2022.

الخسائر البشرية الكاملة في أعمال عنف
شهدت مناطق سيطرة النظام خلال شهر يناير/كانون الثاني تصاعدًا لافتًا بأعمال العنف والخسائر البشرية الناجمة عن “فوضى – اغتيالات – عنف أسري – أسباب ودوافع مجهولة – رصاص عشوائي” إذ وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل 60 شخصًا في مناطق سيطرة النظام، توزعوا على النحو التالي:
– 48 مدنيًا بينهم 6 أطفال و5 مواطنات، هم: 19 من ضمنهم 6 أطفال و4 مواطنات بجرائم قتل، و15 باستهدافات في الفلتان الأمني ضمن درعا، ورجل وفتاة برصاص عشوائي من قبل عناصر النظام في جبلة ودمشق، و12 مدني تحت التعذيب داخل المعتقلات الأمنية.

– 9 عسكريين ومتعاونين مع الأجهزة الأمنية، 7 منهم قتلوا باستهدافات في درعا، و2 برصاص مجهولين في القنيطرة وريف دمشق.

– 2 من مقاتلي الفصائل سابقاً برصاص مجهولين في درعا وريف دمشق.

– عنصر سابق في “جيش خالد” المبايع لتنظيم “الدولة الإسلامية” برصاص مجهولين في درعا.

“خطف واعتقال وتعذيب وجرائم”.. انتهاكات بالجملة ضحيتها المدني السوري
تتواصل سياسة “القبضة الأمنية” المفروضة من قبل أجهزة النظام الأمنية والمخابرات التابعة لها، حيث رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان خلال شهر يناير/كانون الثاني، 84 حالة اعتقال لأسباب وتهم مختلفة أبرزها “التخلف عن الخدمة الإلزامية والاحتياطية في جيش النظام” و”التواصل مع جهات خارجية وجرائم الكترونية”، فيما توزعت تلك الحالات على النحو التالي: 42 في دير الزور، و14 في دمشق وريفها، و9 في درعا، و6 في حلب، و5 في الحسكة، و5 في الرقة، و3 في حماة.
جرى الإفراج عن 55 منهم بينما لايزال 29 قيد الاعتقال.
في حين وثق المرصد السوري استشهاد 12 مدني تحت التعذيب داخل المعتقلات الأمنية التابعة للنظام السوري خلال شهر كانون الثاني/يناير.
إلى جانب الاعتقالات التعسفية، تشهد مناطق نفوذ النظام عمليات اختطاف من قبل مسلحين مجهولين بغية تحصيل فدية مالية في ظل الفوضى التي تعيشها المحافظات السورية، حيث تشير توثيقات المرصد السوري إلى 6 حالات اختطاف على يد مسلحين مجهولين شهدتها مناطق سيطرة النظام خلال الشهر الأول من العام الجديد، 3 منها جرت في السويداء، و3 في محافظة درعا.
في الوقت الذي تتصاعد معدلات الجريمة ضمن مناطق نفوذ النظام، إذ وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان وقوع 19 جريمة قتل بشكل متعمد خلال شهر يناير/كانون الثاني من العام 2022 وتحديداً منذ الثالث منه، بعضها ناجم عن عنف أسري أو بدوافع السرقة وأخرى ما زالت أسبابها ودوافعها مجهولة، راح ضحية تلك الجرائم 19 شخص، هم 6 أطفال دون سن 18، و4 مواطنات فوق سن 18، و9 رجال، توزعوا على النحو التالي: “شابة في العاصمة دمشق، طفل ومسن وطفلة وشاب في ريف دمشق، مواطن وسيدتين في طرطوس، رضيع وشابين في حماة، شابة وطفلة ورضيع وثلاثة شبان في السويداء، رجل في الميادين بمحافظة دير الزور، رضيع بمدينة حلب”.
كما يتواصل الفلتان الأمني الكبير ضمن محافظة درعا، حيث أحصى المرصد السوري خلال مطلع شهر يناير/كانون الثاني، 30 استهداف جرت جميعها بطرق وأساليب مختلفة، وتسببت بمقتل 24 شخصًا، هم: 15 من المدنيين، و7 عسكريين تابعين للنظام وعناصر “التسويات”، وعنصر ممن أجروا “تسويات” ولم ينضم لأي جهة عسكرية بعدها، وعنصر سابق بتنظيم “الدولة الإسلامية”.

الواقع المعيشي الكارثي يصعد من حركة الهجرة
بات مشهد وقوف مئات الأهالي أمام مباني “الهجرة والجوازات” في سورية مشهدًا مألوفًا، إلا أنه تصاعد منذ مطلع العام 2022 بشكل غير مسبوق وفقًا لما رصده المرصد السوري لحقوق الإنسان، في محاولة من الأهالي التسجيل في المنصة المخصصة لحجز الدور للحصول على جواز سفر ومغادرة البلاد تحت شعار “الأمل في السفر” والتي تعكس مقولة بشار الأسد “الأمل في العمل”، أي عكس ما يصوره إعلام النظام وحديث المسؤولين عن عودة الأمن والأمان في مناطق النظام والحديث المتكرر عن جاهزية النظام لاستقبال اللاجئين وإعادتهم إلى سوريا.
الازدحام الغير مسبوق أمام مباني الهجرة والجوازات بات في منحى تصاعدي غير مسبوق، فمنذ الصباح الباكر وقبل قدوم موظفي الهجرة والجوازات يصطف آلاف المواطنين في مختلف المحافظات، لحجز دور وتقديم أوراقهم الشخصية بهدف الحصول على جواز سفر، إذ يفتعل النظام مشكلة للحصول على رسوم إضافية من خلال إصدار الجوازات المستعجلة والتي يترتب عليها دفع مبلغ مالي يصل إلى 900 دولار أمريكي، بالإضافة إلى دفع رسوم للحصول على جواز السفر 300 دولار إلا أن سوء الأحوال المعيشية لنسبة كبيرة من السوريين تجبرهم على الوقوف بـ “طوابير” لحجز دور من أجل الحصول على جواز سفر.
بالإضافة إلى ذلك، فإن المواطن الذي يريد الحصول على جواز سفر يضطر إلى دفع رشاوى مالية للموظفين في دوائر الهجرة منذ بدء إجراء معاملة الحصول على الجواز وصولًا إلى مرحلة التسليم.
وفي خضم ما سبق، فإن مطار دمشق الدولي يشهد بشكل يومي ازدحام كبير للخارجين من سوريا وانعدام شبه تام للوافدين باستثناء الوفود العراقية والإيرانية القادمة للحج وزيارة المراقد الدينية “الشيعية”، في المقابل تشهد عموم المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري تصاعدًا غير مسبوق في معدلات السرقة، في ظل ما تعانيه البلاد من أزمة اقتصادية خانقة وغلاء فاحش في أسعار المواد الأساسية وندرة فرص العمل التي تتناسب مع معيشة المواطن، المنازل والمحال التجارية والبنى التحتية والمدارس والحقول جميعها باتت مستباحة من قبل السارقين.

واقع طبي يزيد “الطين بلة”..
يعاني القطاع الطبي في المناطق الخاضعة لسيطرة النظام السوري من نقص كبير في أطباء التخدير، نتيجة لموجة الهجرة الكبيرة التي تشهدها البلاد خصوصًا هجرة أصحاب الكفاءات العلمية والتي تصاعدت في الآونة الأخيرة نتيجة انعدام فرص العمل بدخل يناسب تحصيلاتهم العملية، وفي ظل ما تشهده البلاد من فوضى وانفلات أمني وغياب لأدنى مقومات الحياة وهربًا من الخدمة الإلزامية في جيش النظام.
مصادر المرصد السوري لحقوق الإنسان أكدت بأن مشفى التوليد وأمراض النساء الجامعي في العاصمة دمشق، أوقف كافة القبولات نتيجة لعدم وجود أطباء تخدير، كما ألغت إدارة المشفى عدة عمليات جراحية من المقرر إجرائها، يأتي ذلك في ظل ما تعانيه مناطق سيطرة النظام من نقص شديد في الأطباء، لاسيما أطباء التخدير، حيث يوجد حاليا في سوريا 500 طبيب تخدير فقط أغلبهم يعملون في مشافٍ عامة وخاصة وكبار في السن، في حين تحتاج البلاد إلى 1500 طبيب لتغطية جزء من النقص، ولا يمكن القيام بعمليات جراحية من دون طبيب التخدير.
ويحذر المرصد السوري لحقوق الإنسان من النقص الكبير في أطباء التخدير ضمن المشافي في مناطق سيطرة النظام نتيجة موجة الهجرة الكبيرة التي تشهدها البلاد
وفي السويداء، يعاني مرضى الكلى في محافظة السويداء والذين بحاجة لغسيل الكلى بشكل دوري، من مصاعب كبيرة تصاعدت في الآونة الأخيرة، حيث يحوي المشفى الوطني العام بالسويداء 6 أجهزة فقط، اثنان منها معطلة بشكل كامل، الأمر الذي دفع إلى تفاقم الأزمة على قسم غسيل الكلى في المشفى، حيث يصطف المرضى ضمن “طابور” و ينتظرون لساعات طويلة من أجل التناوب على استخدام الأجهزة التي مازالت تعمل، إذ أن الأجهزة التي تعمل قديمة للغاية ونتيجة لاستعمالها بشكل كبير لاتعمل بالشكل الصحيح في وجود أعداد كبيرة من المرضى بحاجة لغسيل كلى، وسط مناشدات من قِبل الأهالي والمرضى لتأمين أجهزة إضافية وإصلاح المعطلة في ظل غياب الدور الحكومي عن المشهد.

استمرار تجارة المخدرات من قِبل أزلام النظام وحزب الله اللبناني
تشير مصادر المرصد السوري إلى أن تجارة المخدرات ضمن مناطق سيطرة النظام مستمرة بوتيرة عالية رغم تصوير الإعلام الحكومي عن ضبط وملاحقة تجار المخدرات، إلا أن الواقع يعكس ذلك، فأجهزة النظام الأمنية غير قادرة على ضبط التجار الكبار نتيجة لارتباطهم بقيادات تابعة للنظام وحزب الله اللبناني ويحظون بحماية مباشرة منهم.
وشهد شهر كانون الثاني الفائت حالات اشتباك عدة بين مهربين وقوات حرس الحدود الأردني خلال محاولة تهريب المخدرات إلى الأردن من ريف السويداء، كما أعلن الجيش الأردني عن مقتل 27 شخصا وإصابة عدد من المهربين وفرارهم إلى العمق السوري”خلال محاولتهم تهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة، ووفقا للبيان قامت قوة من “المنطقة العسكرية الشرقية فجر 27 يناير، وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية، بعمليات نوعية متزامنة على عدة واجهات ضمن منطقة المسؤولية، أحبطت من خلالها محاولات تسلل وتهريب كميات كبيرة من المواد المخدرة، قادمة من الأراضي السورية إلى الأراضي الأردنية”.

استباحة إسرائيلية مستمرة..
استهدفت إسرائيل مناطق نفوذ النظام خلال الشهر الأول من العام الجديد مرتين اثنتين، في إطار استمرار “استباحة الأراضي السورية” دون أي ردة فعل من قبل نظام بشار الأسد وحلفائه، ففي الخامس من كانون الثاني، اندلع حريق في حرش قرية الحرية قرب الجولان السوري المحتل، نتيجة قصف بقذائف الدبابات الإسرائيلية، على نقطة عسكرية في حرش البلدة الواقعة قرب شريط فض الاشتباك، تزامنًا مع رصد تحركات في المنطقة.
وفي 31 يناير/كانون الثاني، تعرضت مواقع تابعة لـ “حزب الله” اللبناني في محيط مدينة القطيفة الواقعة في منطقة القلمون الشرقي شمال شرق العاصمة دمشق، إلى قصف إسرائيلي، حيث سٌمع دوي 5 انفجارات على الأقل سمعت في مدينة القطيفة، تبعها اندلاع حرائق في مواقع عسكرية ومستودعات أسلحة وذخائر تابعة لـ “حزب الله” في محيط مدينة القطيفة.

المرصد السوري لحقوق الإنسان، يحذر من تداعيات تصاعد الأزمات المعيشية والفوضى المصحوبة بالانفلات الأمني ضمن مناطق نفوذ النظام، في ظل تعنت نظام بشار الأسد بالسلطة وهو المتسبب الرئيسي بما آلت إليه الأوضاع ليس فقط ضمن مناطق نفوذه بل في عموم الأراضي السورية، وعليه فإن المرصد السوري يجدد مطالبته للمجتمع الدولي بإيجاد حلول جذرية تقي المدني السوري من سلسلة الكوارث التي تعصف بحياته اليومية وضمان انتقال سلمي للسلطة، ومحاسبة رموز النظام وجميع قتلة أبناء الشعب السوري.