منتدى في جنيف لحماية حقوق الأقليات: دعوة إلى حماية الأقليات المضطهدة في سورية وتوفير التشريعات لضمان حقوقها

63

سورية
عقدت الدورة الرابعة عشرة لمنتدى الأمم المتحدة المعني بالأقليات في جنيف تحت عنوان “منع النزاعات وحماية حقوق الإنسان للأقليات” لمدّة يومين، وقد خصّص منه جزء هام لمناقشة أوضاع الأقليات المضطهدة في سورية منذ 2011 وما قبلها.
وقال الحقوقي والمحامي سليمان إسماعيل، عضو اللجنة الدولية الكردية لحقوق الإنسان، الذي حضر المنتدى، في حديث مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، إن حماية حقوق الأقليات ستساهم حتما في تحقيق الاستقرار السياسي والاجتماعي للدولة وتعزيز التعاون بين مختلف الشعوب والدول، لافتا إلى أن سورية بلد التنوع القومي والديني ولا يُضمن هذا التنوع إلا بضرورة تأمين أقصى معايير العدالة للحماية الكاملة للأقليات عبر نظام ديمقراطي علماني يقضي بفصل الدين عن الدولة ويصون كرامة الإنسان ويحمي حقوقه ويضمن حرياته على أن يكون نظاما اتّحاديا توافقيا يضمن التعددية وحقوق جميع المكونات التاريخية المجتمعية القومية والدينية بما فيها حقّها في تطوير ثقافتها وحماية تراثها واستخدام لغاتها .
وأفاد الحقوقي السوري، بأنه وجب تبنّي سياسة واضحة لا تحتمل التفسير والتداول المغاير لطبيعة هذه المتغيرات النوعية المطلوبة للتصدّي لأية تطبيقات منقوصة ومنافية لروح المساواة المنشودة تحت أي حجة أو ذريعة كانت.
ولفت محدثتنا إلى أنه لم يعد خافيا على أحد وضع الأكراد الذين تعرضوا لاضطهاد ممنهج منذ تأسيس الدولة السورية وإخضاعهم لسياسات تعسفية جائرة، وصلت حدّ التطهير العرقي لإنهاء وجودهم، واصفا تلك السياسة بالعنصرية الشوفينية.
وأردف أن السلطة السياسية في سورية على مدى عصور حاربت المكون الكردي وسعت إلى إقصائه وعاملته على أنه معادٍ لباقي المكونات وزرعت بينهم الحقد والكراهية والخوف وأظهرتهم كعنصر مهدد للأمن القومي السوري، وهي سياسات تنعكس أيضا في مواقف المعارضة السورية التي لا تزال تتعامل مع القضية الكردية على أنها تهديد للسلامة الوطنية برغم الرصيد الوطني الهائل للكرد في تاريخ سورية المعاصر.
وذكّر الحقوقي بالجرائم والانتهاكات التي طالت عديد المكونات في سورية على أيدي المعارضة المسلحة وكذلك النظام والمحتل التركي، مشيرا إلى أن الجرائم المرتكبة في “عفرين وسري كانيه وكري سبي” ترتقي إلى جرائم حرب ضدّ الإنسانية.. انتهاكات طالت البشر والحجر والشجر وبلغت حدّ تخريب المعالم الأثرية حتى نبش قبور الطائفة الإيزيدية وقلع أشجار الزيتون وحرقها وإجبار الأهالي على الرحيل والنزوح بهدف إحداث التغيير الديمغرافي في تلك المناطق أمام مرأى العالم ومسمعه.
ودعا سليمان إسماعيل إلى اتخاذ تدبير الإنذار المبكّر لمنع تدخل الجيش التركي والفصائل المسلحة التابعة له في المناطق الكردية، مطالبا بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين تم نقلهم إلى الأراضي التركية لمحاكمتهم هناك بموجب قانون العقوبات التركي وهم سوريون حيث تم الحكم على العديد من المواطنين بالمؤبد.
وطالب المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان بالتدخل ومعالجة مشكل النزوح الناجم عن الاحتلال التركي ، في إطار حق كل فرد في الحماية من النزوح التعسفي، مشدّدا على أهمية انسحاب الجيش التركي وفصائله من مختلف القرى والمناطق وتطبيق القانون الدولي لمحاسبة من أجرم في حقّ الأقليات وغيرها من السوريين الأبرياء
بدوره أكد الحقوقي الكردي جوان عيسو، عضو لجنة المهجرين لسري كانيه، في تصريح للمرصد السوري، أنه منذ بداية الأزمة السورية تزايد الضرر النفسي والمادي الذي مسّ الأقليات العرقية والقومية خاصة مع توسّع النزاعات المسلّحة ووجود المجموعات الإرهابية المسلحة والمعارضة التي تدّعي الديمقراطية حيث تحدثت تقارير حقوقية نشرها المرصد السوري لحقوق الإنسان وعدد من المنظمات عن جرائم ترتقي إلى جرائم حرب وإبادة، مشيرا إلى أن المناطق الحدودية عرفت أكبر الانتهاكات والمجازر تزامنا مع التهجير القسري وتغيير اللغة والخطف واغتصاب النساء والاعتداءات على الأطفال، في خرق فاضح للقوانين الدولية ومبادئ الأمم المتحدة والإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يتم الإحتفال بذكرى صدوره في العاشر من الشهر الجاري.
وأضاف عيسو أنّ ما اقترفته تركيا وفصائلها المسلحة المتطرفة بالمنطقة الشمالية من ممارسات عنيفة ألحق ضررا ماديا ونفسيا عميقا بجزء من البشرية ، داعيا إلى محاكمة من أجرم بحق السوريين، حيث لا تزال المعاناة تحط بثقلها على الأقليات كضحية للنزاع السوري المستمرّ حتى الآن.
ودعا إلى سن تشريعات دولية ومحلية تضمن حقوق الأقليات المضطهدة لاعتبار أن أغلبية هذه الأقليات أصبحت مهجّرة تعسفيا في الداخل أو خارج الجغرافيا السورية.
ويرى الحقوقي الكردي أن الأنظمة غير الديمقراطية والمركزية المنتشرة في الشرق الأوسط تعتبر تهديدا صارخا لحقوق الأقليات، لغياب العدالة الاجتماعية ،معبرا عن خشيته من تحول سورية إلى مرحلة اللون الواحد والشكل الواحد نتيجة تهجير غالبية الأقليات في سورية.
وعن التجاوزات والمضايقات التي تتعرض لها الأقليات، أفاد عيسو بأن حرمانهم من لغتهم وممارسة قوميتهم وشعائر دينهم ومعتقداتهم وإرغامهم على الانضمام تحت غطاء معين وإلزامهم باتّباع نهج معين هي أبرز الانتهاكات والخروقات التي وجب التصدي لها، فضلا عن أهمية محاربة الخطاب الديني المتطرف والمتشدد الذي يطارد الأقليات .
وفي هذا المقام، لطالما دعا المرصد السوري لحقوق الإنسان كمنظمة حقوقية إلى احترام الاختلاف مهما كان نوعه، وإرساء مبدأ التعايش السلمي وصون كرامة الإنسان وضمان حقوق الأقليات المضطهدة عبر سن قوانين وتشريعات دولية وإقليمية تؤمّن العيش بسلام ووئام للجميع.
ويطالب المرصد ببذل مزيد الجهود من أجل إحداث تغيير فعلي فيما يتعلق بحماية الشعوب المضطهدة من المظلومية المستمرة من قبل الحكومات المتعاقبة والمستمرة في ممارسة الخروقات ضد الإنسانية.
بدورها شدّدت المنظمات السورية المشاركة بورقة سياسية قُدمت في المنتدى، واطلع عليها المرصد السوري لحقوق الإنسان، على اتخاذ تدابير الإنذار المبكر لمنع التدخل العسكري المحتمل للجيش التركي والفصائل المسلحة التابعة له في المناطق الكردية في سورية، والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين الذين تم نقلهم إلى الأراضي التركية أين سيحاكمون بموجب قانون العقوبات التركي، بالرغم من جنسيتهم السورية، فضلا عن توفير الدعم الإنساني والإغاثي للنازحين الذين تم تهجيرهم بشكل قسري من المدن الكردية المحتلة، علاوة على إعادة النظر في اللجنة المعنية بإعادة صياغة الدستور السوري، الذي أقصي عن كتابته المكوّن الكردي والايزيدي.