“منصة فيسبوك” مكانًا آمن لتجارة السلاح في مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل

29

رغم كل محاولات هيئة تحرير الشام الحد من انتشار السلاح في مناطق نفوذها في إدلب وريفها وإغلاقها العديد من محلات بيع الأسلحة وترخيص بعضها، إلا أن تجار الأسلحة لجأوا مؤخراً لطريقة جديدة لتداول الأسلحة وهي عرضها عبر مواقع التواصل الإجتماعية وخصوصاً منصة “فيسبوك”.
“المرصد السوري” رصد عشرات المجموعات على “فيسبوك” تعج بصور الأسلحة المتوسطة والخفيفة التي تعرض للبيع للمدنيين وبأسعار مختلفة ويديرها تجار أسلحة، ومن بين الأسلحة التي تعرض للبيع بنادق روسية “كلاشنكوف” ورشاشات وقنابل يدوية ومسدسات ومستلزمات عسكرية أخرى، وقد أخذت هذه الظاهرة بالإتساع في الآونة الأخيرة بسبب تضيق هيئة تحرير الشام على تجار الأسلحة، وحصول الكثير من حالات القتل الخطأ والمتعمد بين صفوف المدنيين.
ويعرض التجار أسلحتهم على مجموعات “الفيسبوك” للترويج لها وبأسعار مختلفة، حيث تباع البنادق الروسية بأسعار تتراوح ما بين 150 إلى 400 دولار أمريكي، كما تباع المسدسات من عيارات مختلفة وبأسعار تتراوح ما بين 100 إلى 1000 دولار أمريكي، إضافة لبيع القنابل اليدوية بأسعار تتراوح ما بين 10 إلى 30 دولار أمريكي، ويتفاعل على هذه المجموعات الآلاف بهدف شراء أو بيع أسلحتهم.
بدوره يقول (م.ه) أحد الصحفيين من ريف إدلب الجنوبي لـ”المرصد السوري” أن انتقال تجار ومقتني الأسلحة لمنصات التواصل الإجتماعي وخصوصاً “فيسبوك” لترويج بضائعهم من الأسلحة جاء نتيجة عدم وجود قدرة على رقابتها ومنعها بخلاف المحلات، فكانت حل مناسب لهؤلاء التجار.
ويشير، أن هذه الظاهرة حجمها كبير جداً وتزداد بشكل ملحوظ، فأصبح السلاح يباع كأي سلعة أخرى عبر منصة “الفيسبوك”، والمجموعات التي تروج للأسلحة هي أشد خطورة من المحلات بسبب كثرتها وعدم وجود أي ضوابط تلتزم بها ويستطيع الجميع شراء واقتناء الأسلحة مهما كانت درجة معرفته باستخدام السلاح.
وعن الأسباب التي تدفع بعض المدنيين لاقتناء السلاح الفردي يقول( م.ه)، أن الأسباب عديدة مثل الدفاع عن النفس في ظل الفلتان الأمني الحاصل، واستخدامه في المشاجرات والتفاخر به، أو لغايات شخصية أخرى، لكنها بطبيعة الحال لا تغني عن ضرورة الحد منه ومنع وصوله للمدنيين بشكل عشوائي. وانتشار السلاح بين المدنيين سلبيات ومخاطر عديدة، بدأت تظهر مع مطلع العام 2015 الذي شهد سيطرة فصائل المعارضة المسلحة والجماعات الجهادية على كامل منطقة إدلب وريفها ما سهل فتح محلات الأسلحة بسبب الفوضى والفلتان الأمني.
وفي شهادته لـ”لمرصد السوري” يتحدث( أ.خ) نازح من ريف حماة الغربي في بلدة كفرتخاريم في ريف إدلب الشمالي، يقول، أن انتشار السلاح خلق فوضى كبيرة وزيادة في عمليات السرقة والخطف والمشاجرات، بسبب الاستخدام الخاطئ للسلاح وجعله في متناول الجميع دون وجود حلول جذرية لهذه المعضلة.
مضيفاً، أنه لا يكاد يمر أسبوع حتى تحدث حالات من المشاجرات ورفع السلاح بين المدنيين خصوصاً في مخيمات النزوح، كما ظهرت حالات القتل الخطأ وإطلاق النار في المناسبات، وهذا كله بسبب الانتشار الكبير للسلاح، وعدم وجود الوعي الكافي لدى المدنيين بمدى خطورة اقتناءه وخصوصاً لدى فئة الأطفال أو عديمي المعرفة الكافية باستخدامه بشكل آمن.
مؤكداً بدوره، أن هيئة تحرير الشام لن تستطيع مهما حاولت نزع السلاح الفردي المنتشر بين المدنيين أو محاصرة مصادر حصولهم عليه، فمواقع التواصل الاجتماعية أصبحت توفر كل شيء عبر المراسلة والبيع والشراء المباشر دون الحاجة لوجود محلات، وهذا لن تتمكن “تحرير الشام” من إيقافه أبداً، فالسلاح سيبقى بيد المدنيين طالما هناك حالة عدم استقرار.
وبتاريخ 25 كانون الثاني/ يناير 2021 أصدرت ما تعرف بوزارة الداخلية في “حكومة الإنقاذ” قراراً نص على إغلاق جميع محلات بيع الأسلحة في إدلب وريفها وسحب جميع التراخيص من المحلات المرخصة، ومنحت فرصة مدتها 15 يوماً لتنفيذ القرار تحت طائلة المسؤولية لمن يخالف ذلك، وبحسب نص القرار فإنه جاء نظراً لتكرار حوادث التفجير في محلات بيع الأسلحة ما تسبب بسقوط ضحايا من المدنيين.
وسبق ذلك قراراً صدر بتاريخ 12 تشرين الأول/ أكتوبر من العام الفائت 2020، يقضي بإلزام جميع مقتني الاسلحة الفردية بالتوجه لترخيص أسلحتهم، وذلك بغية الحد من انتشاره واستخدامه بشكل خاطئ بسبب كثرة إطلاق النار بشكل عشوائي وحفاظاً على سلامة المدنيين.