منطقة “بوتين-أردوغان” خلال أيار: الروس والنظام يواصلون استهداف المنطقة ورفض شعبي للرئيس التركي “أردوغان”

المرصد السوري يجدد مطالبه للمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لحماية المدنيين بعيداً عن المصالح "التركية-الروسية"

49

تشهد منطقة “خفض التصعيد” أو ما يعرف بمنطقة “بوتين-أردوغان” الممتدة من جبال اللاذقية الشمالية الشرقية، وصولاً إلى الضواحي الشمالية الغربية لمدينة حلب مروراً بريفي حماة وإدلب، وقفًا لإطلاق النار في منطقة “خفض التصعيد”، انبثق عن اجتماع الرئيسين الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان في الـ 5 من شهر آذار/مارس 2020.

بيد أن هذا الاتفاق إعلامي فقط، حيث تشهد المنطقة تصعيداً كبيراً من قبل قوات النظام والميليشيات الموالية والتابعة لها وللروس، عبر قصف يومي بعشرات القذائف الصاروخية والمدفعية، مخلفة خسائر بشرية ومادية فادحة، على مرأى “الضامن” التركي الذي يكتفي بإطلاق قذائف على مواقع لقوات النظام لم تمنع من الحد منذ هذا التصعيد الكبير الذي يتركز بالدرجة الأولى على القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، وبدرجة أقل القطاع الشرقي من ريف إدلب وبلدات وقرى سهل الغاب بريف حماة الشمالي الغربي، وجبال اللاذقية وريف حلب الغربي، كما يتمثل التصعيد بعمليات قصف جوي تنفذها طائرات حربية روسية.
المرصد السوري لحقوق الإنسان بدوره، عمل على رصد وتوثيق الانتهاكات المرتكبة بحق أبناء الشعب السوري في تلك المنطقة، خلال الشهر الخامس من العام 2022، سواء بما يتعلق بالتصعيد العسكري من قبل النظام والروس، أو حالة الفوضى والفلتان الأمني الذي يؤثر بشكل سلبي على حياة المواطنين في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة، وسط تعامي دولي عنهم.

استمرار القصف الجوي الروسي
أحصى المرصد السوري لحقوق الإنسان، 16 غارة جوية 6 منها بصواريخ جو-جو، نفذتها الطائرات الحربية الروسية على منطقة “بوتين-أردوغان” خلال أيار.
وفي تفاصيل الغارات، أطلقت المقاتلات الروسية 6 صواريخ جو-جو، في أجواء معرة مصرين والبارة ضمن الريف الإدلبي، في 7 أيار، وفي 12 أيار، قصفت المقاتلات الروسية بغارتين اثنتين حرش بينين ضمن القطاع الجنوبي من الريف الإدلبي، وفي 13/14 أيار، قصفت الطائرات الروسية بـ8 غارات، 4 منها استهدفت محيط الفوج 111 بريف حلب الغربي، والأربعة الأخيرة على محيط قرى منطف و كفرلاتا ومعرزاف بريف إدلب، ما أسفر عن إصابة مواطن، بينما لم تسفر الضربات الجوية السابقة عن وقوع قتلى أو جرحى.

مئات القذائف تطال أكثر من 30 موقعاً
إلى جانب الاستهدافات الجوية الروسية المتكررة على منطقة “خفض التصعيد”، لم تتوقف عمليات القصف البري على المنطقة في شهر أيار، حيث رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، أكثر من 1050 قذيفة وصاروخ سقطت ضمن مناطق سكنية وعسكرية، أطلقتها قوات النظام والمسلحين الموالين لها على مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل والمجموعات الجهادية، مستهدفة أكثر من 32 منطقة في أرياف حلب وإدلب وحماة واللاذقية.
توزعت كالآتي 350 قذيفة في ريف حلب، سقطت على كل من الشيخ سليمان وتقاد وتديل وكفر تعال والقصر وكفرنوران وكفر عمة.
و400 قذيفة ضمن ريف إدلب، على كل من النيرب ومجدليا والرويحة ومنطف ومعرزاف ومرعيان وبينين ودير سنبل والبارة وفليفل وسفوهن والفطيرة وكفرعويد وعين لاروز ومعارة النعسان ومحيط آفس.
و 200 قذيفة ضمن ريف حماة، على كل من المشيك العنكاوي وخربة الناقوس وتل واسط والمنصورة والسرمانية.
و100 قذيفة ضمن ريف اللاذقية، على كل من تلال كبانة ودير الأكراد، ومحاور جبل التركمان.

خسائر بشرية بالقصف البري والاشتباكات
لم يشهد أيار استشهاد مدنيين بالاستهدافات البرية ضمن منطقة “بوتين-أردوغان”، بينما وثق نشطاء المرصد السوري مقتل 20 شخص خلال أيار، وهم: 3 من قوات النظام بينهم ضابط، و10 من مسلحي الطائفة الشيعية أبناء نبل والزهراء، و7 عناصر من الفصائل بينهم جهادي.
وفي التفاصيل، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 8 أيار، مقتل 6 من عناصر فصيل “جيش النصر”، نتيجة استهداف آلية لهم من قِبل قوات النظام، بصاروخ موجه، على محور قرية القاهرة بمنطقة سهل الغاب شمال غربي حماة.
وفي 13 أيار، قتل 10 من المسلحين الموالين للنظام، نتيجة استهداف حافلة تقل مسلحين موالين للنظام من الطائفة الشيعية من أبناء نبل والزهراء، بصاروخ موجه أطلقته الفصائل، في محور عينجارة – قبتان الجبل بالقطاع الغربي من الريف الحلبي.
وفي 16 أيار، وثّق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل ضابط برتبة مقدم بقوات النظام، جراء قصف صاروخي نفذته الفصائل المنضوية ضمن غرفة عمليات “الفتح المبين” على مدينة كفرنبل بريف إدلب الجنوبي.
وفي 21 أيار، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل اثنين من عناصر قوات النظام وإصابة آخرين بجراح، جراء عملية انغماسية انتحارية لأحد مقاتلي المجموعات الجهادية وذلك ضمن إحدى محاور كبانة في جبل الأكراد بريف اللاذقية الشمالي، حيث قتل الانتحاري العنصرين وأصاب آخرين قبل أن يتم قتله.

مقتل وإصابة 5 مواطنين بالفوضى والانفلات الأمني
رصد المرصد السوري لحقوق الإنسان 5 حوادث تندرج تحت الفلتان الأمني ضمن مناطق نفوذ هيئة تحرير الشام والفصائل في إدلب والأرياف المحيطة بها، أسفرت تلك الاستهدافات عن مقتل 5 أشخاص ( 4 مدنيين و 1 عسكري).

تحركات تركية.. ورفض شعبي للعملية العسكرية والرئيس التركي “أردوغان”
شهدت منطقة “بوتين-أردوغان” تحركات عسكرية وأمنية للضامن “التركي”، إضافة إلى نشاطات لمسؤولين أتراك، ففي 4 أيار، زار وزير الداخلية التركي “سليمان صويلو” مخيم “الكمونة” الذي يأوي نازحين ومهجرين من مختلف المناطق السورية، في منطقة باتبو الواقعة حلب الغربي، قرب الحدود مع لواء اسكندرون، وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن وزير الداخلية التركية جاء للمشاركة في افتتاح قرية سكنية تضم مساكن المهجرين والنازحين، جرى انشاؤها من قِبل منظمات تركية معنية بالشأن السوري.
في 5 أيار، خرج رتل يضم 17 آلية عسكرية بينها 3 دبابات من نقاط جبل الزاوية باتجاه الأراضي التركية عبر معبر خربة الجوز بريف إدلب الغربي، ودخل عوضاً عنه رتل آخر يضم 14 آلية بينها دبابة وحيدة ونحو 50 جندي واتجهوا نحو النقاط العسكرية التركية بالريف الإدلبي.
وفي 11 أيار، مشطت القوات التركية المناطق المحيطة بالنقطة العسكرية في قرية الرويحة في جبل الزاوية جنوبي إدلب، بعد تعرضها للهجوم من قبل مجهولين، حيث تم استهدافها بالأسلحة الرشاشة، ولم ينتج عن الهجوم أي خسائر بشرية.
ويذكر أن قرية الرويحة هي خط قتال مع قوات النظام من الجهة الشمالية لمدينة معرة النعمان.
وشهدت النقاط والقواعد التركية في منطقة “خفض التصعيد” استنفارًا عسكريًا، في 16 أيار، عقب زيارة أجراها وفد من وزارة الدفاع التركية على رأسهم قائد القوات الخاصة والمسؤولة عن العمليات البرية في المنطقة، تخللها استعراض عسكري وتدريبات باستخدام الذخيرة الحية.
وفي 17 أيار، غادرت دفعة من المقاتلين السوريين ممن يعملون كـ “قوات رديفة” للجيش التركي ضمن منطقة “خفض التصعيد” في إدلب باتجاه الأراضي التركية لحضور معسكر تدريبي مغلق في القواعد العسكرية التابعة للجيش التركي، وتتكون المجموعة الأولى التي خرجت من 400 عنصر
وتخضع المجموعات لأنواع قاسية من التدريب العسكري على يد مدربي القوات الخاصة (كوماندوز) والمسؤولة عن المعارك البرية والعمليات القتالية في سوريا.
وتهدف الدورة لتخريج عناصر قوات خاصة رديفة للقوات التركية في تنفيذ المهمات الصعبة ضمن الأراضي السورية،كما تعمل تركيا من خلال هذه التدريبات على رفع كفاءة المقاتلين السوريين وضبط أعدادهم مع إثبات الوجود.
وفي 25 أيار، شهدت بلدة العيس بريف حلب الجنوبي، عدة اجتماعات بين ضباط من القوات التركية ونظيرتها الإيرانية
وبحسب مصادر المرصد السوري، فإن القوات التركية تسعى من خلال هذه الاجتماعات الإبقاء على الوضع الهادئ على محاور التماس في منطقة “خفض التصعيد” في ظل التمدد الإيراني على حساب روسيا وميليشياتها بعد انشغالها في حرب أوكرانيا.
وفي 27 أيار، خرج أهالي في مظاهرة في مدينة سرمين بريف إدلب، على بعد نحو 1 كيلو متر عن إحدى النقاط التركية، خلال يوم الجمعة 27 أيار، ضمت عشرات المهجرين من مناطق ريف إدلب الشرقي والجنوبي، ممن هجروا بفعل الاتفاقيات الروسية – التركية خلال حملة النظام والروس والإيرانيين الأخيرة على المنطقة، ووفقًا لنشطاء المرصد السوري، فإن عدد من المهجرين هتفوا بشعارات ضد الرئيس التركي “رجب طيب إردوغان” ونددوا بالعملية العسكرية التركية المرتقبة والتي ستستهدف مناطق سيطرة قوات سوريا الديمقراطية والقوات الكردية شمال وشمال شرق سورية، وفق تصريحات الرئيس التركي والحديث عن إنشاء “المنطقة الآمنة المزعومة”، كما طالب المتظاهرون بأن تكون العمليات العسكرية لاستعادة المناطق الخاضعة لسيطرة النظام والإيرانيين بريف إدلب وإعادة المهجرين إلى مدنهم وبلداتهم لا أن يتم تهجير سكان أصليين من مناطقهم وإسكان النازحين والمهجرين واللاجئين فيها وإنشاء مدن سكنية على الشريط الحدود بين سوريا وتركيا بفعل العمليات التركية.

قافلة مساعدات أممية تدخل من مناطق سيطرة النظام لمناطق سيطرة “تحرير الشام” في إدلب
رصد نشطاء المرصد السوري لحقوق الإنسان، في 16 أيار، دخول قافلة دخول قافلة مساعدات أممية تضم 14 شاحنة قادمة من مناطق سيطرة نظام الأسد عبر معبر ترنبة إلى مدينة سرمدا الحدودية مع لواء إسكندرون شمالي إدلب.

“حكومة الإنقاذ” تُخفض وزن ربطة الخبز في مناطق سيطرتها شمال سوريا
خفضت “حكومة الإنقاذ” للمرة الثانية خلال أيار، وزن ربطة الخبز، ليصبح 475 بدلاً من 525 غرام، وعدد الأرغفة 5 بدلاً من 6، مع بقاء سعرها 5 ليرات تركية، تزامنا مع انهيار صرف الليرة التركية التي يتداولها سكان شمال غربي سورية، مقابل الدولار الأمريكي، حيث سجل صرفها أكثر من 16 ليرة تركية مقابل دولار أمريكي واحد.
وكانت “حكومة الإنقاذ” في إدلب قد خفضت، في 18 أيار، وزن وعدد أرغفة ربطة الخبز لتصبح 525 غرام بدلا من 550 غرام.
كما خفضت عدد الأرغفة ليصبح عددها 6 بدلا من 7 أرغفة، مع ثبات سعرها 5 ليرات تركية.

اعتقال جهادي بارز.. وحملة أمنية واسعة ضد مروجي المخدرات
نفذت القوى الأمنية التابعة لهيئة “تحرير الشام”، في 10 أيار، حملة أمنية واسعة ضمن مناطق سيطرتها بمحافظة إدلب، بحثًا عن مطلوبين بتهمة ترويج المواد المخدرة.
وبحسب نشطاء المرصد السوري، فإن “تحرير الشام” قطعت شبكة الإنترنت والاتصالات عن بعض المناطق خلال حملتها الأمنية، فضلًا عن نشر عشرات الحواجز الأمنية.
واعتقلت الهيئة العشرات من مروجي المخدرات قبل أن تقوم بإعادة شبكة الإنترنت والاتصالات إلى مناطق سيطرتها.
وفي 25 أيار، ‏اعتقلت قوة أمنية تابعة لهيئة تحرير الشام، نائب الأمير العام لجماعة “أنصار الإسلام” وأحد أبرز القيادات فيها، في منطقة “حارم” شمالي إدلب، ويدعى الجهادي “أبو الدرداء الكردي” يعتبر من أبرز الجهاديين في المنطقة.

خسائر بشرية نتيجة انتشار الأسلحة ومخلفات الحرب
لاتزال مخلفات الحرب تشكل خطرا على المواطنين، في ظل قلة التوعية من مخاطرها، إضافة إلى مخاطر اقتناء الأسلحة وجعلها في متناول يد الأطفال، ففي 19 أيار، أصيب فتى 17 عام، بجروح بليغة إثر انفجار جسم من مخلفات قصف سابق لقوات النظام وروسيا على الأراضي الزراعية لبلدة كورين جنوبي إدلب.
وفي 26 أيار، وثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل امرأة وإصابة اثنين من أبنائها بجراح (شاب وفتاة)، وذلك جراء انفجار قنبلة يدوية عن طريق الخطأ في منزلهم الواقع في قرية منطف ضمن جبل الزاوية في ريف إدلب الجنوبي.
المرصد السوري لحقوق الإنسان، إذ يقدم رصداً مفصلاً لكافة التطورات ضمن منطقة “خفض التصعيد” خلال الشهر الفائت، فإنه ومن دوره كمؤسسة حقوقية، يطالب كافة القوى الدولية الفاعلة في سورية، والمجتمع الدولي بالتدخل الفوري لإيقاف سيلان دماء السوريين، وتطبيق القانون الدولي الإنساني وحماية المدنيين وتحييدهم عن العمليات العسكرية والصراع الدائر بين القوى المسلحة في المنطقة.
كما يطالب المرصد السوري ضامني اتفاق “بوتين- أردوغان” بالالتزام بالاتفاقات ومنع الخروقات والانتهاكات من قصف بري وجوي واستهدافات بالأسلحة الثقيلة، والتي يكون ضحاياها مدنيين سوريين لجأوا إلى مناطق خفض التصعيد أملاً في أمانٍ فقدوه، وهرباً من موت يلاحقهم.