منظمة حظر الأسلحة الكيماوية تقر خارطة طريق بشأن سوريا

25

22269747imageأقر المجلس التنفيذي لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية أمس خارطة طريق تتناول تفكيك الترسانة الكيماوية السورية. ونص قرار المنظمة على إجراء عمليات التفتيش في الأراضي السورية اعتبارا من بعد غد (الثلاثاء) على أبعد تقدير، وإمكانية تفتيش مواقع غير واردة في لائحة المواقع التي قدمتها دمشق
وقال الناطق مايكل لوهان لصحافيين أمام مبنى المنظمة في لاهاي: “بعد تعثر أخير في اللحظات الأخيرة، اجتمع مجلسنا التنفيذي، وأقر عند الساعة 00:38 (22:38 ت.غ.) من صباح اليوم (فجر أمس) قرارا بشأن برنامج معجل لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية لإتلاف الأسلحة الكيماوية السورية”.
وأدخل تعديلا “طفيفا” في اللحظات الأخيرة على خارطة الطريق التي تسرب مضمونها إلى الصحافة قبل الاجتماع، إلا أن هذا التعديل لا يطال المهل المحددة، بينها التدمير الكامل للترسانة الكيماوية بحلول أواسط عام 2014. وأضاف المصدر نفسه: “نتوقع وصول فريق على الأرض في سوريا بحلول الأسبوع المقبل”. وينص القرار أيضاً على إجراء عمليات تفتيش على الأراضي السورية اعتبارا من بعد غد (الثلاثاء) على أبعد تقدير، وإمكانية تفتيش مواقع غير واردة في لائحة المواقع التي قدمتها دمشق إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، في 19 ايلول (سبتمبر).

ودعا القرار، الذي تبناه المجلس التنفيذي للمنظمة، الدول الأعضاء إلى تقديم تبرعات نقدية لتمويل تدمير الأسلحة السورية. وأقر المجلس التنفيذي الذي يضم 41 دولة الاتفاق الذي يتطلب تنفيذه أموالا لاستقدام مفتشين وخبراء فنيين لتدمير ما تعتقد وكالات مخابرات غربية أنه نحو ألف طن من غازات السارين والخردل وغاز الأعصاب “في أكس”، التي تخزنها الحكومة على مدى عقود، ونشرتها في عشرات المواقع.

وتقل الميزانية السنوية لمنظمة حظر الأسلحة الكيماوية، التي تأسست لتطبيق معاهدة الأسلحة الكيماوية عام 1997، عن 100 مليون دولار، ويعمل بها أقل من 500 شخص. وقال خبراء إن تدمير الأسلحة الكيماوية في سوريا سينطوي على مخاطر وسيكون مكلفا.

وبعد أسابيع من المفاوضات المكثفة، يشكل هذا الاتفاق بالفعل اختراقا دبلوماسيا كبيرا، بعد أكثر من عامين على بدء النزاع السوري الذي أوقع (بحسب الأمم المتحدة) أكثر من 100 ألف قتيل. ومنذ مارس (آذار) 2011، لم ينجح مجلس الأمن فعليا في الاتفاق على نص قرار حول سوريا، لأن موسكو وبكين استخدمتا حقهما في النقض (الفيتو) ثلاث مرات.

وفي غضون ذلك، يعتقد مسؤولون أميركيون وروس أن الغالبية العظمى من ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية تتكون من سلائف سائلة (مواد أولية تشارك في التفاعل الكيماوي لتكوين مركب آخر) يمكن تفكيكها بصورة أسرع نسبيا مما كان يُعتقد في السابق، وهو ما يقلل خطر إخفاء تلك الأسلحة من قبل النظام السوري، أو الاستيلاء عليها من قبل إرهابيين.

وحسب تقرير نشرته صحيفة “واشنطن بوست”، فإن تقييما سريا للولايات المتحدة وروسيا خلص إلى أنه يمكن تفكيك ترسانة الأسلحة الكيماوية السورية بالكامل في غضون تسعة أشهر، في حال احترام المسؤولين السوريين وعودهم بتسليم الأسلحة الكيماوية للمراقبين الدوليين، حسب شخصين مطلعين على التقييم.

ويعكس التقرير، الذي يعتقد أنه أكثر التقارير الموثوق بها حتى الآن، التوافق في الآراء بين المحللين الأميركيين والروس الذين قارنوا المعلومات الاستخباراتية الحكومية عن سوريا خلال اجتماعاتهم في جنيف خلال الشهر الحالي. وقد أطلعت الإدارة الأميركية خبراء مستقلين على النتائج الرئيسة للتقرير.

وأصبحت الصورة أكثر وضوحا فيما يتعلق بترسانة سوريا الكيماوية، بعد شهادة الحكومة السورية نفسها، التي جردت أنواع المواد الكيماوية ووسائل نقلها، ونقلت هذه المعلومات إلى منظمة حظر الأسلحة الكيماوية في لاهاي. وقال مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأميركية للصحافيين إن المسؤولين الأميركيين اطلعوا على المعلومات التي قدمتها دمشق، و”وجدوا أنها جيدة جدا”.

ورفض البيت الأبيض التعليق على التقييمات التي ظلت طي الكتمان وسط مفاوضات مكثفة في الأمم المتحدة بشأن خطة لتفكيك الأسلحة الكيماوية السورية. واتفقت الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي على قرار يطالب سوريا بالتخلي عن أسلحتها الكيماوية.

وتعد روسيا حليفا قويا وموردا للأسلحة لدمشق، وتحتفظ بعلاقات قوية بالأجهزة العسكرية والاستخباراتية السورية. وقال مسؤولون في الإدارة الأميركية إن أجهزة الاستخبارات الروسية والأميركية توصلت بشكل مستقل لنتائج مشابهة، بشأن حجم برنامج الأسلحة الكيماوية السورية، التي تعد من أكبر مخزونات الأسلحة الكيماوية في العالم.

وفي إخطارات خاصة لخبراء الأسلحة، قال مسؤولون بالبيت الأبيض إن المحللين خلصوا إلى أن سوريا تمتلك أكثر من 1000 طن من الأسلحة الكيماوية، من بينها نحو 300 طن من غاز الخردل السام، الذي استخدم في الحرب العالمية الأولى، في حين تتكون باقي الأسلحة الكيماوية تقريبا من سلائف كيماوية تستخدم في تصنيع غازات الأعصاب، التي وصفت بأنها في شكل “شحنة سائلة”، وفقا لاثنين ممن حضروا اجتماعات البيت الأبيض.

ويُمزج نوعان من السلائف الكيماوية لغاز الأعصاب “السارين”، بواسطة معدات خاصة، في الوقت الذي تعبأ فيه المواد السامة في الصواريخ أو القنابل أو القذائف. ووصف خبراء في الأسلحة هذه النتائج بـ”المشجعة”، وقالوا إن تدمير السلائف الكيماوية أسهل بكثير من تدمير السارين السائل الجاهز للاستخدام أو الرؤوس الحربية التي سبق وجهزت بالغاز السام.

وقال مايكل كولمان، وهو كبير العلماء بشعبة الأمن القومي في شركة “باتيل” التي أشرفت على تدمير كثير من الأسلحة الكيماوية الأميركية خلال الحرب الباردة: “إذا كانت الغالبية العظمى من الأسلحة تتكون من سلائف في شكل سائب، فسيكون هذا شيئا جيدا للغاية. إننا الآن نتعامل مع مخزونات كبيرة من المواد الكيماوية التآكلية والخطيرة، ولكنها ليست غازات أعصاب، علاوة على أن تدمير تلك المواد الكيماوية في متناول اليد”.

وقال داريل كيمبال، وهو مدير رابطة مراقبة الأسلحة التي تتخذ من واشنطن مقرا لها، إنه في حال تمكن المفتشون التابعون للأمم المتحدة من تدمير نوع واحد على الأقل من السلائف – أو تدمير المعدات التي تستخدم للقياس والتعبئة – فسيتمكنون حينئذ من منع السلطات السورية من شن أي هجوم كيماوي، حتى قبل تدمير مخزون البلاد من الأسلحة الكيماوية بشكل كامل.

وأضاف كيمبال: “معدات المزج نفسها أساسية في عملية استخدام المواد الكيماوية. إذا ما أعطيت أولوية لتدمير المعدات، فيمكنك حينئذ منع دمشق من استخدام هذه الأسلحة مرة أخرى على الأراضي السورية”.

القدس